غارات الإمارات في اليمن.. هل أخطأت أهدافها أم صفّت خصومها؟

محرر 231 أغسطس 2019
غارات الإمارات في اليمن.. هل أخطأت أهدافها أم صفّت خصومها؟

لم يتوقف مسلسل استهداف الجيش الوطني بالغارات الجوية، منذ أعلن التحالف العربي عمليته العسكرية باليمن في 2015، فطالت عشرات الغارات الجوية جنودا وضباطا في صفوف الجيش، الذي من المفترض أن التحالف يدعمه، وأخرى كانت من نصيب مدنيين سلميين في منازلهم أو أماكن تجمعاتهم، ليجرى وصف تلك الغارات بالخاطئة، ويجري بعدها محاولة تمييع القضية.

الخميس الماضي استهدف طيران الامارات الارهابي طلائع الجيش الوطني على ابواب عدن وفي محافظة ابين القريبة من العاصمة المؤقتة حيث يفرض الجيش سيطرة كاملة خلف هذا القصف مئات الشهداء والجرحى.

ويأتي هذا الاستهداف دعماً لمليشيات عسكرية متمردة على الدولة تظم في صفوفها قيادات وعناصر من تنظيمي القاعدة وداعش الارهابين جندتهم الامارات وسلحتهم على هيئة تشكيلات عسكرية خارجة عن سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا ودعماً للمجلس الذي انشأته الامارات للمطالبة بانفصال جنوب اليمن عن شماله.

“تاريخ أسود”

ليست هذه الغارة الوحيدة، فعشرات الغارات الجوية استهدفت معسكرات تسببت بمقتل مئات الضباط والجنود التابعين للجيش الوطني، أبرزها الغارة على معسكر العبر، التي راح ضحيتها سبعون قتيلا وأكثر من مائة جريح، بينهم قائد اللواء العميد أحمد يحيى غالب الابارة وغارات أخرى استهدفت مدنيين، أبرزها استهداف حافلة نقل أطفال في صعدة، راح ضحيتها 51 مدنيا، بينهم 40 طفلا، وكذلك استهداف الصالة الكبرى بصنعاء، التي أسفرت عن مقتل 140 شخصا وإصابة 500 آخرين.

وكانت حادثة استهداف ضباط ومجندين في معسكر العبر من أوائل العمليات التي نفذها الطيران الاماراتي في اليمن، وعن تلك الحادثة قال عبد الرقيب الأبارة، نجل القائد العسكري العميد أحمد الأبارة، الذي استهدفته غارة الطيران الاماراتي  في معسكر العبر بمحافظة حضرموت: “استشهد مع والدي سبعون شخصا بين ضباط وجنود، وجُرح مئة آخرون، بغارة للتحالف (طيران الامارات)، في يوليو/تموز 2015”.

وأضاف في تصريحات صحفية: “استهداف والدي الذي يعمل كمستشار لرئيس هيئة الأركان، بعد أسبوع واحد من لقائه ضباطا إماراتيين وسعوديين، كان قد تحدث إليهم عن خطة وتصور كامل لتشكيل جيش وطني”.

وعن دافع الاستهداف يقول الأبارة: “لا يرغب طرف في التحالف ببناء جيش وطني له إرادة مستقلة، وأجندة تتعلق بتحرير اليمن من الانقلاب، فهذا الطرف يريد بقاء الانقلاب، ليكون غطاء لتنفيذ أجندته ومشاريعه في اليمن، مضيفا: “تلقينا وعودا بالتحقيق في القضية، لكن شيئا لم يحصل حتى اللحظة، سوى المماطلة ومحاولة تمييع القضية”.

استهداف امدادات الجيش

في مارس 2019، شنت الطائرات الاماراتية ثلاث غارات جوية في منطقة برط العنان بمحافظة الجوف، استهدفت فيها كتائب من الجيش الوطني، كانت في طريقها لدعم انتفاضة أبناء حجور ضد مليشيات الحوثي فكانت الحصيلة مقتل وإصابة 30  من أفراد الجيش.

وتزامنت تلك الغارات مع هجوم شنته ميليشيا الحوثي على منطقة حجور في محافظة حجة، في وقت كانت فيه المقاومة الشعبية في حجور تنتظر دعما جويا من طائرات التحالف، يفك عنها الحصار، ويمدها بما تحتاجه من الأسلحة لصد هجوم الحوثيين، لكن ما حصل هو خلاف ذلك تماما.

استهداف المخالفين

استهدفت الغارات الجوية بشكل خاص التحركات العسكرية التي تسعى لتحقيق تقدم حقيقي يقلص من نفوذ الحوثيين، يتم ذلك في الوقت الذي يقوم الحوثيون بعروض عسكرية وهم في مأمن من ضربات التحالف، ما يثبت أن المعركة ضد الحوثي ليست من أولويات التحالف (الامارات تحديداً) وليست من أهدافه، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي، في تصريح صحفي: “ما فتئ الطيران الإماراتي يستهدف المقاتلين الذين يعتقد أنهم محسوبون، بشكل أو بآخر، على قوى التغيير، أو على حزب الإصلاح”.

وأضاف التميمي: “استهداف الجيش ليس عملا طارئا بل عملية ممنهجة، الهدف منه هو إضعاف هذا الجيش والتقليل من قدراته، والنيل من العناصر المؤثر في الجيش الوطني الذي يمكن أن تلعب دورا في المرحلة المقبلة، عندما يتقدم باتجاه تحقيق أهدافه في هزيمة الميلشيا، وأن استهداف الجيش في هذه اللحظة وفي هذا الظرف المحلي والدولي يدل على عدم وجود رؤية حقيقية لدى هذا الطرف الذي يدعي أنه يساند الشرعية”.

ويعتقد التميمي أن تلك الممارسات التي تنتهجها دولة الامارات ضد الجيش الوطني، إضافة إلى الخطاب السياسي والإعلامي الذي تصدره يثبت بما لا يدع مجالا للشك بأنه لا شراكة حقيقية لها مع الشرعية ولا مع معسكر الشرعية، وأن ادعاءاتها بأنها تقاتل الحوثيين ليست صحيحة ولا مطابقة لما يحدث”.

الإمارات قصفت اهداف مدنية

لم تقتصر غارات الطيران الاماراتي على المعسكرات وقوات الجيش الوطني، فقد طالتها لاستهداف مدنيين وأعيان مدنية في جميع المحافظات، حتى تلك التي لا يتواجد فيها الحوثيون فقد استهدفت إحدى غارات الطيران الاماراتي قاعة عزاء أدت إلى مقتل 155 مدنيا، في إشارة لحادثة الصالة الكبرى التي استهدف فيها طيران التحالف تجمعا لمواطنين في نوفمبر/ تشرين الأول 2016″.

وفي استمرار الامارات توريط التحالف بمزيد من الجرائم المدنية لتحميل السعودية تبعات هذه الجرائم بصفتها قائدة التحالف يقول أحد المواطنين “لقد قضى ابني ناصر قبل 5 أشهر، بغارة جوية للتحالف، استهدفته بينما كان يقود سيارته في الطريق الرئيسي بمنطقة عاهم بمحافظة حجة، حيث كان يحمل خلايا نحل، ذاهبا للبحث عن مزرعة، لكن الغارة الجوية استهدفت ابني وأحرقت السيارة بكل  فيها من نحل”.

التفاف وتحايل

في معظم الحوادث التي يستهدف فيها التحالف مدنيين، يبادر بالإنكار بوقوفه وراء هذا العمل، لكنه بعد الضغط عليه، ومواجهته بأدلة مادية يعترف بالعملية، لكنه يبرر على الفور بأن عملياته العسكرية قد راعت قواعد الاشتباك في حماية المدنيين، وأن العملية استهدفت قادة عسكريين.

وعند عرض صور للضحايا، التي تكون أحيانا من الأطفال والنساء، يتنصل التحالف من المسؤولية ويفيد بأن الغارات تمت وفقا لإحداثيات مرسلة من الجانب اليمني، ثم يعد بإجراء تحقيق عبر فريق تقييم الحوادث، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن، فأول غارة استهدف فيها التحالف قوات من الجيش الوطني في معسكر العبر في 2015 لم يصدر فيها أي نتائج للتحقيق حتى الآن.

وكانت السلطات السعودية قد أنكرت صلتها بحادث الصالة الكبرى التي قتلت فيها 155 مدنيا وأصابت أكثر من 500 آخرين، وقد أورد موقع “فرانس 24” بيانا نفى فيه التحالف مسؤوليته أو ضلوعه في هذه الحادثة، لكنه عاد بعد بضعة أيام واعترف بقيامه بتلك الغارة، في اشارة إلى تنفيذ الطيران الاماراتي للغارة دون الرجوع الى قيادة التحالف لكن التحالف اراد التنصل من الجريمة وألقى باللائمة على معلومات استخباراتية من شركائه اليمنيين، بحسب مجلة “نيويوركر” الأمريكية.

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق