ما من شك أن الكثير لا يزال مصدوم من التحول الخطير الذي حدث أمس الخميس، بالتدخل الإماراتي السافر لقصف القوات الحكومية، في أبين وأطراف عدن، وما نتج عنه من ضحايا بالمئات في صفوف قوات الشرعية التي تسعى لفرض الأمن والاستقرار ومطاردة عصابات الانفصال.
حيث أقدم الجيش الإماراتي على قصف تجمعات للقوات الحكومية في أبين وفي نقطة العلم بعدن بسلسلة غارات جوية، وهو الإجراء الذي أدانته الحكومة اليمنية، وطالبت بإخراج الإمارات من التحالف، وكذا قطع العلاقات معها.
الإمارات بدورها، بررت ذلك بأنها تدخلت لضرب تهديدات إرهابية كانت تستهدف قوات التحالف العربي، وأنها ستكرر القصف إذا تكررت التهديدات في إشارة إلى القوات الحكومية التي وصلت إلى داخل مدينة عدن، في غضون ساعات.
حتى أمس الأول، كانت الإمارات تحرص على أن يبقى دعمها العسكري لمليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، من تحت الطاولة، لكنها بالأمس، أظهرت مشاركتها الفعلية، من خلال ضرب القوات الحكومية ومساندة المليشيات المناطقية الإنفصالية.
وهنا يتبادر هذا السؤال، لماذا يا ترى أقدمت الإمارات على استخدام الطيران لمساندة الانتقالي ضد الحكومة الشرعية؟، والإجابة على هذا، نجدها في أحداث اليومين الماضيين.
فكما يعلم الجميع، أن الإمارات شكلت منذ أربع سنوات، مليشيات مناطقية، تحت مسميات عديدة “أحزمة أمنية، قوات إسناد ودعم، ونخب، وقوات خاصى جنوبية، مكافحة إرهاب، وصولا إلى قوات العمالقة”، ولقد أنفقت على هذه المليشيات مليارات الدولارات، سعيا منها لإيجاد مليشيات محلية قادرة على تنفيذ سياساتها في اليمن حتى بعد مغادرتها، إلا أن ما حدث يوم الأربعاء كان صادما لأبو ظبي.
سريعا انهارت تلك المليشيات، وتساقطت ألويتها ومعسكراتها بيد القوات الحكومية، بما في ذلك العتاد العسكري الضخم الذي قدمته الإمارات لتلك المليشيات، الأمر الذي مثل ضربة موجعة لأبو ظبي، وهو ما دفعها للتدخل، لإنقاذ ما اعتقدت أنها نجحت في إنجازة منذ بداية عاصفة الحزم.
أثبت الأحداث الأخيرة، أن “المليشيات الانفصالية المناطقية” التي أنشأتها الإمارات في جنوب اليمن، لم تكن سوى تماثيل من الشمع، ذابت مع أول مواجهة لها مع قوات الجيش الوطني، وهو ما يمكن اعتباره فضيحة مدوية بمقاييس الحروب.
فشلت الإمارات، فشلا ذريعا في إيجاد قوات حقيقية، والنتيجة كيانات هجينة، بخلفية مناطقية مقيتة، لا يمكن أن تصنع نصرا أو تصمد حتى شهرا واحدا أمام أي قوة أخرى، ولهذا تدخلت أبو ظبي بالطيران.
ما حدث أمس، هو حماية لمشروع الإمارات في اليمن، بعد أن أوشك على السقوط خلال ساعات على يد وحدات رمزية من قوات الجيش الوطني، في مقابل امتلاك المليشيات المناطقية أحدث الأسلحة الإماراتية.
خشيت الإمارات من وصول ذلك السلاح النوعي لأيدي قوات الجيش الوطني، لأن ذلك يعني ذهاب مخططاتها وجهودها أدراج الرياح، وبالرغم من فذاحة المصاب، جراء العدوان الإماراتي، إلا أن ثمة مكسب حقيقي للقوات الحكومية والشرعية من وراءها، ألا وهو انكشاف المشروع الإماراتي، وهشاشة المليشيات المناطقية التي شكلتها الإمارات، وهذا بدوره، يشكل قوة للمشروع الوطني، مشروع اليمن الاتحادي.
*مندب برس