استعرض موقع “كونسورتيوم نيوز” الأمريكي في مقال رأي للمدير التنفيذي لمعهد “غولف ستايت أناليتيكس” جورجيو كافيرو، كيف تدعم إسرائيل إلى جانب بعض القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط الرجل القوي خليفة حفتر في الحرب الليبية.
وقال الكاتب، في مقاله، إنه على الرغم من افتقار حكومة حفتر للشرعية وعدم اعتراف الأمم المتحدة بها، إلا أنه تلقى دعما من مجموعة من الدول القوية التي تعتبر أن هذا القائد العسكري المتمركز في بنغازي يمثل البديل الوحيد للإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات الإسلامية الفاعلة في الحرب التي تمزق هذا البلد الشمال أفريقي. وتعتبر إسرائيل من بين هذه القوى الداعمة لحفتر.
وإلى جانب كل من القاهرة وباريس والرياض وأبوظبي، تدعم تل أبيب حفتر، الذي يَشتبِه خصومه في أنه يريد أن يصبح “القذافي الجديد” ويؤسس نظاما عسكريا دكتاتوريا في ليبيا على الطراز المصري. ويوضح دعم إسرائيل للقائد العسكري المتمركز في بنغازي الديناميات الإقليمية التي دفعت بالدول السنية، وخاصة مصر والسعودية والإمارات، إلى أن تجد نفسها في نفس الوضعية مع إسرائيل، وتتقاسم نفس التصورات المتعلقة بالتهديدات الأمنية.
وأشار الكاتب إلى أن التعاون بين حفتر والإسرائيليين، الذي تم عبر الإمارات، بدأ سنة 2015 إن لم يكن في وقت أبكر من ذلك. وقد كان اهتمام إسرائيل بليبيا ما بعد القذافي من منظور مصالحها في شبه جزيرة سيناء. وقد تم توثيق الروابط بين مختلف القوات الجهادية في ليبيا وسيناء.
وأورد الكاتب أنه ما بين سنة 2015 و2016، التقى حفتر بعملاء من الموساد بشكل “سري” في الأردن. وقد أخبر مصدر عسكري صحيفة “العربي الجديد” أن إسرائيل بدأت بتزويد الجيش الوطني الليبي ببنادق قنص ومعدات الرؤية الليلية في ذلك الوقت. واقترح هذا المصدر العسكري أن الجيش الإسرائيلي بدأ بتنفيذ غارات جوية في ليبيا بالتنسيق مع الجيش الوطني الليبي بعد أن أطلق حفتر معركة عملية الكرامة سنة 2014. وفي منتصف سنة 2017، أبلغت وسائل الإعلام الجزائرية أن المسؤولين الجزائريين قد حذروا حفتر من تلقي الدعم العسكري من إسرائيل.
وخلال السنة الماضية، أوضحت صحيفة “العربي الجديد” أن حفتر عقد اجتماعا آخر في عمان “لتعميق التنسيق الأمني مع إسرائيل”، وهو يسعى إلى تعزيز الوجود الإسرائيلي في الجنوب الليبي لإحباط محاولات إيطاليا بسط نفوذها في فزان. وحسب اقتباس من مصدر غير معروف لموقع “ميدل إيست مونيتور”، فإن حفتر وعد إسرائيل بمنحها “مراكز آمنة” في الصحراء الليبية، كما أن له صلة بعضو حزب الليكود أورين هازان، الذي ينحدر من جذور ليبية.
وحسب مصدر “ميدل إيست مونيتور”، فإنه في حين تدعم الحكومة المصرية الشراكة السرية بين إسرائيل وحفتر، فإن السلطات في القاهرة لم ترد أن يصبح التواصل بين حفتر وتل أبيب مباشرا.
وأفاد الكاتب بأنه في شهر أيار/ مايو، نشرت قناة الجزيرة العربية تحقيقا كشفت من خلاله عن الدعم غير المعلن الذي تقدمه إسرائيل لحفتر في حملته العسكرية على طرابلس التي أطلقها الجيش الوطني الليبي في الرابع من نيسان/ أبريل. وحسب الجزيرة، لدى شركة “ريم ترافل” الإماراتية الكازاخية طائرة مسجلة باسمها تجري رحلات بين مصر وإسرائيل والأردن، قبل وصولها إلى المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، وتحديدا قبل وقت قصير من انطلاق هجوم حفتر غربا.
ونوه بأن تدخل إسرائيل في الحرب الأهلية الليبية وانحيازها لصف حفتر مفهوم من وجهة نظرها لعدة أسباب. أولا، عندما يتعلق الأمر بالتنسيق مع الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإنه من الجلي أن إسرائيل تفضل الرجل القوي بغض النظر عن أيديولوجيته. وعلى غرار حسني مبارك وعبد الفتاح السيسي في مصر أو الملك عبد الله الثاني في الأردن، ربما يكون حفتر القائد العربي الذي يمكن لإسرائيل تشارك المعلومات الاستخباراتية معه.
ثانيا، إن دعم إسرائيل لحفتر يجعلها بحكم الأمر الواقع في تحالف أكبر مع الدول العربية السنية التي تدعم القائد الشرقي لسنوات، وتحديدا مصر والإمارات والسعودية. ومن خلال دعم حفتر، يمكن لتل أبيب أن تعزز دورها في هذه الكتلة السنية الناشئة التي تتشارك معها نفس تصورات التهديدات الأمنية التي تشكلها إيران والجماعات المدعومة من إيران وبعض الجماعات الإسلامية السنية، بما في ذلك الإخوان المسلمين.
وذكر الكاتب أن السبب الثالث الذي يفسر دعم إسرائيل لحفتر يتمثل في مبيعات الأسلحة. وبصفتها من أبرز تجار الأسلحة، جنت إسرائيل مليارات الدولارات من خلال بيع الأسلحة وتأجير المستشارين العسكريين الإسرائيليين لمختلف الدول الأفريقية التي تشهد نزاعات، مثل دولة جنوب السودان.
أما السبب الرابع الذي يجعل إسرائيل مهتمة بالتدخل في الحرب الليبية ودعم حفتر فهو الموارد الطبيعية التي تزخر بها ليبيا. وفي إطار بحثها المستمر عن حلفاء نفطيين مستعدين لبيع نفطهم، فإن إسرائيل ربما تتوقع أن دعمها لحفتر قد يؤمن لها النفاذ إلى ثروة البلاد النفطية. وبما أن قوات حفتر قد أثبتت قدرتها على السيطرة على جميع حقول النفط البرية تقريبا، فإن ذلك يعني أن إسرائيل من المحتمل أن تعقد تحالفا ضمنيا مع حفتر كخطوة حكيمة تأخذ احتياجاتها من الطاقة بعين الاعتبار.
وأشار الكاتب إلى أن المستقبل بالنسبة للشعب الليبي يبدو قاتما. وقد أدى تدخل مختلف الأطراف الخارجية في الحرب الليبية، (بما في ذلك إيطاليا وفرنسا والسعودية والإمارات ومصر وتركيا وإسرائيل)، إلى تأجيج الحرب بالوكالة، حيث يسعى كل طرف منها إلى سد الفراغ الذي خلفه سقوط القذافي سنة 2011. ويبقى أكبر خطر يتربص بليبيا، التي مزقتها الميليشيات التي تدعمها إسرائيل إلى جانب أطراف خارجية أخرى فاعلة، هو تجزئة البلاد على المدى البعيد.