كشف تحقيق أجرته شبكة “سي إن إن”، في أوائل شهر فبراير/شباط، أن دولة الإمارات العربية المتحدة المشاركة في تحالف دعم الشرعية في اليمن نقلت معدات عسكرية أمريكية إلى المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة والميليشيات السلفية في البلاد.
ووجد التحقيق أيضا أن هذه الأسلحة انتهى بها الأمر في النهاية في أيدي ميليشيا الحوثيين التي تدعمها إيران، والتي فشل التحالف في احتوائها منذ تدخله في مارس/آذار 2015 للاعتقاد بعدم جدية الامارات في مقاتلة الحوثيين.
ولا يعد نقل الأسلحة الأمريكية والاماراتية إلى إرهابيين معروفين انتهاكا أخلاقيا فحسب، بل إنه غير قانوني أيضا، ويعد نقل المعدات العسكرية إلى أطراف ثالثة خرقا للعقد، وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية، التي تحقق في الأمر حاليا.
قلق عميق
وقد تسبب التحقيق الذي أجرته “سي إن إن” في قيام مجموعة من المشرعين من الحزبين الأمريكيين بالتعبير عن “قلقهم العميق” إزاء السلوك الإماراتي.
وفي أواخر فبراير/شباط، دعت المجموعة وزير الخارجية “مايك بومبيو”، ووزير الدفاع بالوكالة “باتريك شاناهان”، إلى توضيح كيف حدث النقل غير المشروع للأسلحة الأمريكية.
وشددوا على التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي، مضيفين أنه “من المثير للقلق أن التقارير الإعلامية ربطت بعض الجماعات اليمنية التي وصلت إليها الأسلحة الأمريكية بتنظيم القاعدة”.
وكان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد شق طريقه إلى الخطوط الأمامية في “تعز”، وهي مدينة تقع في جنوب غرب اليمن، عام 2015، ومنذ ذلك الحين، أقام التنظيم تحالفات مفيدة مع الميليشيات الموالية للإمارات، حيث قاتل إلى جانبها.
ويزعم التقرير أن القاعدة في جزيرة العرب قد تلقت أسلحة أمريكية من عناصر موالية للإمارات في العام نفسه.
وكانت الولايات المتحدة قد صنفت “أبوالعباس”، قائد كتائب “أبوالعباس”، الموالي للإمارات وهي ميليشيا مرتبطة بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية، كإرهابي أجنبي في عام 2017، بسبب انتمائه إلى الفرع اليمني من القاعدة.
ويشتبه في أن الإمارات تزود كتائب “أبوالعباس” بالأسلحة، التي تتضمن مركبات مدرعة أمريكية من طراز “أوشكوش” تم استخدامها في عرض عسكري في “تعز” عام 2015.
دعم الإرهاب
بصفتها جهة فاعلة مؤثرة في اليمن، استفادت الإمارات استفادة كاملة من المناطق التي حررها التحالف من الحوثيين في جنوب اليمن، وعلى مر السنين، جندت أبوظبي القوات المحلية الموالية، بما في ذلك السلفيون، لإنشاء قوات “الحزام الأمني”، وتسيطر القوات المدعومة من الإمارات على مدينة عدن، من بين مناطق أخرى في الجنوب.
وجمع “أبوالعباس” فصائل سلفية مختلفة، وأنشأ “حماة الإيمان” في “تعز” عام 2015، ومنذ ذلك الحين، دعمت الإمارات ميليشيات “حماة الإيمان” القريبة من القاعدة بالمال والسلاح، ما سمح لـ”أبوالعباس” وأتباعه بأن يصبحوا قوة يحسب حسابها في مدينة تعز الاستراتيجية.
وعلى الرغم من أن المتحدث باسم “البنتاغون”، “جوني مايكل”، كان قد أكد أن الولايات المتحدة لم تأذن للإمارات بتخصيص أسلحة أمريكية لأي طرف ثالث في اليمن، لكن “أبوالعباس” أقر بأن الامارات قدمت له ملايين الدولارات في صورة سلاح ودعم مالي في ديسمبر/كانون الأول 2018. وقال “أبوالعباس”: “لو كنت إرهابيا حقا، لكانوا قد أخذوني للاستجواب”.
ويبقى السؤال هو: كيف حصل الحوثيون، خصم التحالف، على هذه الأسلحة؟
في أيدي الحوثيين
وظهر “محمد علي الحوثي”، القائد الفعلي لميليشيا الحوثيين، في لقطات تليفزيونية من اليمن، في سبتمبر/أيلول 2017، وهو يقف خلف عجلة القيادة لمركبة أمريكية مدرعة، ويحيط به المتمردون الحوثيون وهم يهتفون “الموت لأمريكا” في العاصمة اليمنية صنعاء.
وزعمت “سي إن إن” أنها حصلت على صور توضح الأرقام التسلسلية لمركبة أمريكية أخرى في حيازة مسؤول كبير آخر من الحوثيين في “الحديدة” عام 2018.
وتشير الأرقام المسلسلة ووثيقة بيع اكتشفتها تحقيقات “سي إن إن” إلى أن الإمارات هي التي كانت قد اشترت المركبة العسكرية كجزء من عملية شراء أسلحة أمريكية بقيمة 2.5 مليار دولار عام 2014.
وقد استولت المخابرات الإيرانية على مركبات أخرى من نفس الطراز في ميدان المعركة، وكشف أحد أعضاء وحدة سرية للحوثيين تدعمها إيران، والمعروفة باسم قوة “الأمن الوقائي”، أن بعض التكنولوجيا العسكرية الأمريكية قد تم نقلها بالفعل إلى إيران، حيث تقوم بتقييمها “عن كثب”.
علاوة على ذلك، ادعى العضو المجهول في “قوة الأمن الوقائي” أنه لم يكن هناك سلاح أمريكي واحد لم تحاول المخابرات الإيرانية تفكيكه وتحليله.
وعلى الرغم من أن أحد أعضاء المجلس السياسي للحوثيين نفي المزاعم حول فحص المخابرات الإيرانية أيا من هذه المركبات، فقد وقعت المركبات المدرعة في أيدي الحوثيين بشكل أكيد.
ومن المرجح أن تزيد مصادرة طهران للأجهزة العسكرية الأمريكية من قوتها في ساحة المعركة، وتعد هذه مشكلة في وقت تحاول فيه واشنطن إقناع 6 دول عربية بتشكيل تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، المعروف باسم “الناتو العربي”، لكبح نفوذ إيران المتزايد في المنطقة.