يُعتبر عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة الجزائري منذ 17 سنة والذي ينص الدستور على أن يضطلع بمهام رئيس الدولة بالنيابة بعد استقالة رئيس الجمهورية، من نتاج نظام عبد العزيز بوتفليقة.
وبن صالح من مواليد 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1941 بقرية في تلمسان القريبة من الحدود المغربية، وهو منذ شبابه مسؤول في النظام الذي أسسه حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان الحزب الوحيد الحاكم بين 1962 حتى 1989.
ومثّل بن صالح بلاده أخيرا في القمة العربية التي انعقدت في تونس في 31 آذار/مارس.
شغل مناصب عدة، فكان نائبا وسفيرا وموظفا وزاريا كبيرا. ويصفه موظف في مجلس الأمة بأنه رجل دائم الابتسام إجمالا، لكن قادر على أن يكون بغاية القسوة.
ويصفه رجل سياسي عمل معه بأنه لا يملك موهبة خاصة في الخطابة، مشيرا إلى أن وفاءه للنظام وبُعده عن الأضواء ساهما في إبقائه في السلطة فترة طويلة.
وكتبت صحيفة “الوطن” الجزائرية الناطقة بالفرنسية عنه في العام 2015، أنه “يعرف كيف يكون مفيدا في الأوقات المناسبة، ولا يتكلم إلا لماما عن مسائل متعلقة بإدارة شؤون الدولة”.
التحق عبد القادر بن صالح بجيش التحرير الوطني الذي كان يقاتل الاستعمار الفرنسي (1954-1962)، وهو في عمر 18 سنة، وكانت الدعاية السياسية من بين مهامه.
لدى استقلال البلاد في 1962، غادر الجيش ليكمل دراسته في كلية الحقوق بجامعة دمشق، قبل عودته إلى الجزائر في 1967 للعمل صحافيّاً في يوميّة الشعب في وقت كانت الدولة تحتكر قطاع الإعلام.
وبعد مسيرة في الصحافة الحكومية، تخلّلتها فترة أقل من سنتين كمراسل في الخارج، انتُخب بن صالح نائبا في المجلس الشعبي الوطني للمرة الأولى في 1977. ثم أعيد انتخابه مرتين، كما تولى مسؤولية رئاسة لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس لمدة عشر سنوات.
في 1989، غادر البرلمان ليبدأ مسيرة دبلوماسية قصيرة، إذ عيّن سفيرا للجزائر لدى المملكة العربية السعودية ثم مديرًا للإعلام وناطقًا رسميًا باسم وزارة الشؤون الخارجية في 1993.
في 1994، أصبح رئيس المجلس الوطني الانتقالي (برلمان المرحلة الانتقالية) الذي أُنشئ بعد حلّ البرلمان وإلغاء الانتخابات التشريعية (كانون الأول/ديسمبر1991- كانون الثاني/يناير 1992) التي فاز بدورها الأول حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
في 1997، كان من بين مؤسسي حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي فاز في السنة نفسها بالانتخابات التشريعية، فعاد نائبا مرة أخرى ورئيسا للمجلس الشعبي الوطني الذي تحول إلى الغرفة الأولى للبرلمان بعد إنشاء مجلس الأمة في دستور 1996.
بعد خمس سنوات، عيّنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عضوا في مجلس الأمة ضمن “الثلث الرئاسي” في مقابلة الثلثين الآخرين اللذين يتم اختيار أعضائهما بالاقتراع غير المباشر. وانتقل بذلك من رئاسة الغرفة السفلى إلى رئاسة الغرفة العليا في 2002، وهو المنصب الذي يشغله إلى اليوم، والذي يجعل منه الرجل الثاني للدولة.
وبحسب الدستور، يخلف رئيس مجلس الأمة رئيس الجمهورية في حالات الوفاة أو الاستقالة أو المرض الخطير والمزمن.
وكما في 2013، بعد بروز احتمال رحيل بوتفليقة عن الحكم نتيجة إصابته بجلطة في الدماغ في 2013 ومكوثه الطويل في مستشفى في باريس، حصل أخيرا جدل في الأوساط الإعلامية حول شرعية تولي بن صالح للرئاسة بالنيابة.
ويدّعي معارضوه أنّه مغربي الجنسية أصلاً وتمّ تجنيسه في سنوات 1960، وهذا مانع لتولي الرئاسة في الدستور الجزائري. لكنّ بن صالح كذّب ذلك وأكد أنه جزائري المولد والجنسية، كما جاء في سيرته الرسمية المنشورة في موقع مجلس الأمة.
وسيكون على بن صالح خلال الفترة الانتقالية تنظيم انتخابات رئاسية حساسة في بلد يشهد منذ أكثر من شهر حركة احتجاجات غير مسبوقة من متظاهرين يصرون على رحيل كل النظام الذي يخدمه بن صالح بإخلاص منذ أكثر من أربعين عاما