عاد نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء السابق خالد محفوظ بحاح الى مسقط رأسه بمحافظة حضرموت (شرق اليمن) بعد سنوات من مغادرتها.
وتثير عودته اليوم العديد من التساؤلات خصوصا بعدما جرى اعفائه من مناصبه بالحكومة من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي ذهب الى ابعد من ذلك حين اعتبر ان بحاح لم يعد مستشارا له.
الظروف التي سبقت عودة بحاح اليوم يبدو ان لها تأثير على مبررات استقدامه، كما أن الخطوة الأولى التي اتخذها بحاح عقب وصوله تشير هي الأخرى للعديد من الدلالات.
أعلن بحاح عقب وصوله إعادة افتتاح مطار الريان الدولي، الذي جرى اغلاقه منذ تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة قبل نحو عامين، وعلى إثر ذلك تم تحويل حركة الطيران نحو مطار سيؤون، واغلاق الريان، وتسبب ذلك في معاناة كبيرة لليمنيين امام حركة الطيران.
اعلان بحاح لافتتاح الريان دون أي صفة حكومية يحملها يثير التساؤلات، إذ كان من المنتظر ان يتم افتتاحه على يد رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، او محافظ المحافظة، خاصة بعد وعود سابقة منهم جميعا بعودة افتتاحه.
هذا الفعل بحد ذاته كافيا لإعادة انتاج بحاح من جديد، وتقديمه مجددا للمجتمع الحضرمي أولا، واليمنيين ثانيا، للعب دورا إضافيا في أشواط جديدة من لعبة الشد والجذب في ملعب اسمه اليمن.
وتأتي عودة بحاح الى حضرموت ومطار الريان بشكل خاص عقب تقارير حقوقية دولية تحدثت عن وجود انتهاكات لحقوق الانسان داخل مطار الريان الذي تحول الى ثكنة عسكرية، ومعتقل كبير ضم بين جدرانه عشرات المتعقلين والمخفيين قسرا.
وألقت تلك التقارير بظلالها على طبيعة الاحداث اللاحقة، بعد أن أحدثت هزة كبيرة للقوات الإماراتية التي وجهت لها تهما تتعلق باختراق القانون الدولي، وارتكاب اعمال وحشية بحق المعتقلين وصلت حد الشواء لأجسادهم.
يذهب بحاح الى ابعد من ذلك حين وعد في منشور له على صفحته بالفيسبوك بأن تشغيل مطار الريان خطوة مهمة ستنعكس بالإيجاب على الجوانب الإنسانية والاقتصادية والخدمية في المحافظة والبلاد بشكل عام، وستخفف من معاناة المسافرين والوافدين إلى أرض الوطن.
ساق بحاح في منشوره ما يمكن اعتبار برؤية قادمة يحملها، وقال في منشوره بأن العيد لن يكون بعد الانتصار على الحرب، ووقف القتل وتجاوز المرض والخوف والدمار، ودحر الإرهاب والانقلاب واستعاد الدولة المدنية، التي وصفها بدولة الشراكة والعدل والمساواة.
وأسهب في كلامه قائلا: سيكون العيد يوم أن يجد الشباب فيها متسعا لكل أحلامهم وطموحاتهم الرشيدة، يوم أن ننتصر للوطن ونضع حدا للأنانية والعبث واللامسؤلية، يوم أن نستأصل الفساد بكل اشكاله وابطاله، يوم أن تتعافى صنعاء وتشرق عدن، يوم أن يسير الراكب من أدنى البلاد إلى اقصاها آمنا مطمئنا لا يخشى إلا الله.
وأكد بأن تلك ليست بالآمال البعيدة، بل طموحات مشروعة لكل أبناء شعبنا سنسعى جميعا ومن اليوم ولو بالكلمة الصادقة من أجل الاقتراب والوصول إليها، ولعل ذلك يكون قريبا.
ذلك الوعد القريب بشر به بحاح بلغة الشخص المسؤول، وكأنها ستكون له برنامجا سياسيا في قادم الأيام، وذلك بعد جولات خارجية أجراها بحاح للعديد من الدول، مسوقا نفسه كداعية سلام، ومحذرا مما يجري داخل اليمن.
التوقعات تشير الى وجود تحركات ربما يجري التحضير لها لاحقا، وسيكون بحاح محورها، ويتعلق ذلك بقيادة الشرعية نفسها التي كانت لها قطيعة واضحة مع بحاح، والذي بدوره أعلن خصومته لها، وامتدح خصمها اللدود الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في احدى الفعاليات، مشيدا بدوره، قائلا بأنه يستحق الاعتذار تجاه ما تعرض له منذ العام 2011م.
وفي كل الأحوال يراد لبحاح أن يكون الحل، لكن المؤشرات تشير الى أن ذلك سيفاقم من تأزم الوضع داخل اليمن، ويزيد من حدة الصراع والتجاذب داخل الشرعية نفسها، وسيفتح أطراً جديدة للجدل، ويمنح اليمنيين بابا واسعا للخلاف والتراشق.
ومع ورود مثل هكذا احتمالات وغيرها من الدلالات، يبقى موقف الحكومة اليمنية هو المنتظر لتوضيح ما يجري، فهل يحدث ذلك كله بعلمها، أم لا.
مع التأكيد هنا أن إقالة بحاح من منصبيه من قبل الرئيس هادي سابقا، فجر العديد من الازمات في طريق الحكومة، وأدخلها في أتون صراعا مستتر أحيانا، وواضح أحيانا أخرى مع دولة الامارات العربية المتحدة بدرجة رئيسية، والتي كانت ترى بشخص بحاح رجلها الأول داخل الحكومة اليمنية، وهي من تدفع بعودته مجددا في الوقت الراهن، وفق مؤشرات كثيرة.
ويبقى هنا ان نشير الى أن معظم الملفات التي أثيرت لاحقا في المناطق المحررة انتفشت عقب إقالة بحاح، كالوضع في جزيرة سقطرى، وقوات الحزام الأمني في عدن، ومنع دخول الحكومة والرئيس هادي من الإقامة في عدن أيضا.