خرجت قمم «العزم يجمعنا» عن الإطار التقليدي النمطي، وأسست لقاعدة جديدة في فن إدارة القمم الخليجية والعربية والإسلامية، سواء تنظيما أو من خلال مخرجاتها الجيوستراتيجية التي شكلت نمطا جديدا، ودشنت فكرا إستراتيجيا مختلفا ونوعيا، وهو الأمر الذي لم يلاقِ الإعجاب في المحيط العربي والإسلامي فحسب، بل أبهر الغرب أيضا، خصوصا عندما ظهرت مخرجات «إعلان الرياض الذي جاء دسما مليئا بمعطيات أمنية إستراتيجية إسلامية، غيرت فعليا قواعد اللعبة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وأرسلت رسالة واضحة للغرب أن الإسلام بريء من الإرهاب، والدول الإسلامية حريصة على تكريس قيم الاعتدال والوسطية ونبذ الإرهاب ورفض التدخلات الإيرانية والتصدي للميليشيات الإرهابية.
شراكة أمريكية إسلامية
فلقد ركز إعلان الرياض بداية على الشراكة الوثيقة بين الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية، لمواجهة التطرف والإرهاب، وهي القضية التي لا تؤرق وتهدد فقط العالم الإسلامي فحسب، بل العالم بأكمله، وحدث التوافق الكامل في الرؤية العربية والإسلامية مع الطرح الأمريكي. وجاء إعلان الدول الإسلامية التزامها بمحاربة الإرهاب والتصدي لجذوره الفكرية وتجفيف مصادر تمويله، كرسالة للإدارة الأمريكية أنها شريكة رئيسية لها، ليس فقط في محاربة الإرهاب، بل في تجفيف مصادر تمويله أيضا. ومن المخرجات النوعية لإعلان الرياض هو إعلان النوايا بتأسيس «تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي في الرياض»، الذي ستشارك فيه العديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالم. هذا الإعلان الذي يمثل حرص الدول على ضرورة وجود شرق أوسط خالٍ من الإرهاب الظلامي والطائفي.
ذراع لضرب قوى الإرهاب
ومن المؤكد أن هذا التحالف سيكون الذراع العربية الإسلامية – الأمريكية لإحلال السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط ودحر الإرهاب الظلامي والطائفي.
قوة إسلامية لمكافحة الإرهاب
وبحسب المراقبين فإن من أبرز ما تمخض عنه إعلان الرياض ترحيب القادة باستعداد عدد من الدول الإسلامية المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتوفير قوة احتياط قوامها «34» ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية عند الحاجة، وهو ما يؤسس لقوى إسلامية لمكافحة الإرهاب في إطار التحالف الإسلامي الذي ترأسه السعودية. ومن المؤكد ان هذه النواة ستتوسع مع مرور الوقت لناتو إسلامي حقيقي للجم الإرهاب.
التعايش والاعتدال والتسامح
وركز إعلان الرياض على مفهوم تعزيز التعايش والتسامح البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات والرفض التام لأي محاولة لربط الإرهاب بأي دين أو ثقافة أو عرق، مؤكدين ضرورة حماية ونشر ثقافة التسامح والتعايش والتعاون البنَّاء بين مختلف الدول والأديان، وتوسيع مجالات الحوار الثقافي الهادف الذي يوضح سماحة الدين الإسلامي ووسطيته ونبذه لكل أشكال العنف والتطرف وقدرته على التعايش السلمي ليعكس هذا التوجه الإسلامي وسطية الإسلام وحرص الدول الإسلامية على نشر ثقافة الاعتدال وفهم ثقافة الآخر.
تجديد الخطاب الفكري
وعندما شدد القادة في إعلان الرياض على أهمية تجديد الخطابات الفكرية لتكون متوافقة مع منهج الإٍسلام الوسطي المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمحبة، فإنهم بذلك رفضوا خطاب الكراهية، مؤكدين أن المفاهيم المغلوطة عن الإسلام يجب التصدي لها وتوضيحها، والعمل على نشر مفاهيم الإسلام السليمة الخالية من أي شائبة.
التصدي للأجندات المذهبية
وجاء بند التصدي للأجندات المذهبية والطائفية والتدخل في شؤون الدول كرسالة لإيران هذه الدولة المارقة، وتأكيد الدول على نبذ الأجندات الطائفية والمذهبية ورفضها الكامل لممارسات النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولاستمرار دعمه للإرهاب والتطرف.
إيران معزولة عالمياً
وفق هذا البند فإن إيران دخلت في عزلة عالمية بعد العزلة الإسلامية بسبب سياساتها العدوانية وتدخلاتها في الشؤون العربية والإسلامية في مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي وحسن الجوار.
والتزامه مواجهة نشاطات إيران التخريبية والهدامة بكل حزم وصرامة داخل دولهم وعبر التنسيق المشترك، مشيرين بوضوح لخطورة برنامج إيران للصورايخ الباليستية.
ويمكن القول إن إعلان الرياض وثيقة عالمية تؤكد أن الدول الإسلامية لن تهادن الإرهاب، ولن تسمح بعد الآن لإيران التدخل في شؤونها وستكرس التسامح وتلجم الإرهاب أيا كان.. هذه رسالة إعلان الرياض وهي رسالة للعالم.