كشفت وزارة التخطيط والتعاون الدولي في تقرير أصدرته أخيراً حول «المستجدات الاقتصادية والاجتماعية» أن عدد مكاتب وشركات الصرافة العاملة في اليمن من دون تراخيص قانونية بلغ 800 في 2017.
وأفادت بأن مكاتب وشركات الصرافة تصدّرت نشاطات التحويلات الخارجية وتمويل الواردات محاولةً ملء الفراغ الذي تركه القطاع المصرفي لذلك انتشرت في صورة لافتة إذ قدّر عددها بأكثر من 1350 منها 800 من دون تراخيص عام 2017 مقارنة بـ 606 عام 2014».
ورأت الوزارة في تقرير لها نشرته صحيفة “الحياة” السعودية أن «هذا يعني تمكين كيانات غير رسمية على حساب القطاع المصرفي الرسمي وبالتالي تنامي نشاطات المضاربين في العملات الأجنبية خصوصاً في ظل ضعف الرقابة على نشاطات الصرّافين».
مؤكدة أن «أكبر اللاعبين في سوق الصرف يقدّرون بخمسة صرّافين».
وشهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء تصاعداً ملحوظاً مرتفعاً من نحو 215 ريالاً للدولار في آذار (مارس) 2015 إلى 476 ريالاً في شباط (فبراير) الماضي بمعدّل تغير تراكمي بلغ 121.4 في المئة وكان أكبر معدّل تغيّر (39.3 في المئة) في سعر صرف الدولار خلال العام الماضي وذلك قبل أن يســتقر بيـن 485 و490 ريال.
وواجه سعر الصرف الموازي بين كانون الثاني (يناير) وشباط الماضيين صدمات أكثر شدّة أوصلته في بعض الأسابيع إلى 500 ريال للدولار لأسباب أبرزها نفاد الاحتياطات الخارجية من النقد الأجنبي بالتزامن مع محدودية تدفّق موارد النقد الأجنبي إلى اليمن وأدّى هذا إلى زيادة أسعار المستهلك للسلع الغذائية وغير الغذائية وضعف القوة الشرائية للعملة الوطنية وانزلاق مزيد من السكان تحت خط الفقر خصوصاً أن اليمن مستورد صاف للغذاء والدواء والكساء والوقود.
وأورد التقرير «عوامل اقتصادية دولية لأزمة سعر الصرف» أهمها «تدنّ حاد في تدفق موارد النقد الأجنبي من الخارج إلى اليمن بسبب تعثّر الصادرات وتعطّل السياحة والاستثمارات الأجنبية وتعليق معظم السحوبات من القروض الخارجية واقتصار المنح والمساعدات على الجانب الإنساني وخروج السفارات وبعض المنظّمات الدولية من اليمن».
ولفت إلى «صعوبة نقل العملات الأجنبية المتراكمة لدى المصارف اليمنية إلى حساباتها في المصارف المراسلة بالخارج ما ولّد مشكلات فريدة مثل عدم قبول محال وشركات الصرافة عملة الدولار من الفئات القديمة (للأعوام 1996 و1999 و2001 و2003) أو قبولها بسعر أقل من سعر صرف الدولار السائد في السوق» معتبراً أن هذا التمييز «يمثّل نوعاً من الابتزاز من قبل الصرّافين».
ولاحظ التقرير أن «المصارف أيضاً باتت لا تقبل إيداع الدولار من الفئات القديمة (1996 و1999) بينما تدفع للزبائن غالباً فئات (2001 و2003) فقط باستثناء موظفي المنظمات الدولية الذين يحصلون على رواتبهم بدولار طبعة 2006 وما فوق وبالنتيجة يعزف الزبائن عن إيداع الفئات الجديدة (2006 وما بعدها) في المصارف ما يؤدّي إلى إبقاء الدولار خارج المصارف».
واشتكى متعاملون مع المصارف وشركات الصرافة من رفضها قبول الفئات القديمة من الدولار أو قبولها بسعر يقل بـ2000 أو 2500 ريال لكل مئة دولار بخلاف دفع قيمة مبالغ الحوالات الخارجية بالريال وبأسعار تقل كثيراً عن أسعار السوق السوداء بحجّة عدم توافر الدولار.
ولم يغفل التقرير إحجام المصارف الخارجية عن فتح حسابات للمصارف اليمنية أو التعامل معها في الحوالات بعملة الدولار بسبب عدم وفاء اليمن للأنظمة الدولية المتعلّقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتصنيف اليمن منطقة ذات أخطار مرتفعة.
وفي 15 آذار (مارس) الماضي وقّع وزير المال السعودي محمد بن عبدالله الجدعان ومحافظ «البنك المركزي اليمني» محمد منصور زمام في الرياض اتفاق تسليم مبلغ الوديعة السعودية إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بإيداع مبلغ بليوني دولار كوديعة في حساب «البنك المركزي اليمني» لتعزيز الوضعين المالي والاقتصادي في اليمن لا سيّما سعر صرف الريال اليمني ما ينعكس إيجاباً على الأحوال المعيشية للمواطنين اليمنيين ليصبح مجموع ما تم تقديمه كوديعة لـ «المركزي اليمني» ثلاثة بلايين دولار.
ولفت التقرير إلى أن المصارف «أصبحت تتنافس لتنفيذ نشاطات المنظّمات الإنسانية الدولية بأسعار صرف أعلى».
وأوضح أن العمليات المحلية التي تنفّذها تلك المنظّمات بالعملة المحلية في اليمن ومنها برامج التحويلات النقدية تتم بحسب سعر صرف تفاوضي مع المصارف (غالباً سعر صرف يقل 5 في المئة عن سعر الصرف الموازي) ما يعني أنه كلما ارتفع سعر صرف الدولار إلى أعلى تحصل المصارف على عائد أكبر.
وأشار التقرير الحكومي إلى «عوامل اقتصادية محلية» لأزمة سعر الصرف أهمها الإفراط في الإصدار النقدي بما لا يتناسب مع حركة النشاط الاقتصادي الحـقيقي ومن دون غطاء كاف من النقد الأجنبي بخلاف «عوامل سياسية وأمنية وسيكولوجية».
وبلغ النقد المصدر 855 بليون ريال حتى نهاية 2014.
وأصدر «البنك المركزي اليمني» في صنعاء 521 بليون ريال كانت في خزانته خلال عامي 2015 و2016. وطبع «البنك المركزي» في عدن 600 بليون ريال في 2017 ما زاد العرض النقدي وأثّر في قيمة العملة الوطنية.
وتوقّع التقرير أن يشهد سعر الصرف «استقراراً نسبياً وتغيّرات أقل حدّة خلال الفترة المتبقية من السنة مقارنة بالعام الماضي».
ونبّه إلى أن «هناك طلباً موسمياً على الواردات يرتفع في شكل ملحوظ قبل شهر رمضان وخلاله ما يقود إلى زيادة الطلب على الدولار وتصاعد سعر الصرف».
وحضّ على «اتخاذ إجراءات استباقية للتعاطي المبكر مع الأزمة المحتملة بما فيها توفير النقد الأجنبي للمستوردين وترشيد الاستيراد.