في الوقت الذي تقترب الحرب في اليمن عامها الخامس منذ انطلاق مليشيات الحوثي الانقلابية من محافظة صعدة باتجاه محافظة عمران – شمال العاصمة صنعاء – تكثف المليشيات الحوثية تسخر المليشيات كافة جهودها وإمكانياتها لتثبيت دعائم الدولة الحوثية الأولى شمال ووسط اليمن.
يستفيد الحوثيون من إطالة الحرب ما دامت هي المغذي الأول لاستمرار تثبيت دولتهم الطائفية الأولى القائمة على الدم وإلغاء كافة المذاهب والأفكار الأخرى بقوة السلاح بحجة الحرب القائمة.
بدون الحرب والسلاح لاتعيش مليشيات الحوثي كما تؤكد الكثير من الحقائق التي بنيت عليها المليشيات فهي لم تتمكن إلا من الحرب واستمرارها.
يؤكد مصدر مطلع في العاصمة صنعاء في تصريح خاص لـ ” المشهد اليمني ” أن المليشيات الحوثية تشتغل على أربعة مسارات بشكل مكثف وهي (التعليم ويشمل التربية والتعليم والتعليم العالي وكذلك التوعية والإرشاد الديني ومؤسسة القضاء والمحاكم ومؤسسة الجيش والأمن).
يقول المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه” أن المليشيات الحوثية تنطلق من نظرية فلسفية تقول” أن استمرار الحروب تروض الحركات المسلحة وتمكنها من تشكيل دولة بالاسم ودم بالمعنى والواقع.
ينهب الحوثيون الذي يصلون إليه من أموال القطاع العام والخاص بحجة تمويل الحرب إلا أن المليشيات هي فعلا من ترغب في إطالة الحرب وصولا إلى تلك الدولة الطائفية التي تحكم الآخرين بالحديد والنار وتفرض الفكر الواحد، كما هو حاصل في عدد من الدول كإيران أنموذجا.
التعليم:
في التعليم يسخر الحوثيون كافة جهودهم وبدأت إشارة ذلك بتعيين شقيق عبدالملك الحوثي وزيرا للتربية والتعليم الذي فرض محاضرات إجبارية على الطلاب لتدريس ملازم زعميهم السابق وبث تلك المحاضرات في الإذاعات المدرسية والتجمعات الطلابية.
يستغل الحوثيون الوضع الاقتصادي السيء بدعم مبادرات طلابية في المدراس الكبرى بصنعاء وتمويل أنشطتها التي تروج للجماعة في الوسط الطلابي اليافع.
في التعليم الجامعي الحكومي خصوصا عمل الحوثيون منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء على تعيين عشرات الأكاديميين وترقيتهم في مناصب حساسة خصوصا وسط النشاط الطلابي والترويج للجماعة وتقديمها على أنها حركة سياسية مسالمة.
كون الحوثيون عدد من الملتقيات في الجامعات الحكومية تحت مسمى (ملتقى الطالب الجامعي) الذي يمارس أنشطة عديدة بتمويل مباشر من المليشيات الحوثية إضافة إلى قيامه باستئجار عمائر وشقيق للطلاب من خارج العاصمة صنعاء بأسماء الإسكانات الجامعية التي تستغلها الجماعة أيضا لترويج مذهبها الدموي المبطن في تلك الخدمات التي تقدمها للطلاب.
مطلع العام الجاري أجرى الحوثيون تغييرات جذرية في تعيين رؤساء جامعات من المتعصبين للسلالة الحوثية بعيدا عن الحفاظ على قدسية التعليم حيث عمد الحوثيون على تعيين القيادي الحوثي المتعصب طائفيا للجماعة عبدالله الشامي رئيسا لجامعة محافظة الحديدة والمعروفة بتوجهها الشافعي المسالم مع بقية المذاهب.
يوضح المصدر ” أن المليشيات تكثف جهدها للتغلغل في محافظات كالحديدة وريمة والمحويت وإب وهي المحافظات التي لم تتأثر في السابق أو تسمع أكثر عن المليشيات.
القضاء:
يسعى الحوثيون أيضا على ناحية السطلة القضائية كدعامة تقوم عليها دولتهم حيث يشتغلون على ناحية الاهتمام بخريجي معهد القضاء وكذلك إعادة الكثير من القضاة المتقاعدين من المتعصبين للسلالة الهاشمية في اليمن إلى العمل لخدمة الجماعة.
القبول في المعهد العالي للقضاء الذي يقبل سنويا 150 طالب فرضت المليشيات شروطا يحصر القبول فيه على الطلاب المرشحين من شخصيات حوثية اعتبارية أو لديهم تزكيات من قضاة عاملين في حكومة الحوثيين القائمة.
قبل حوالي شهرين أعلن طلاب من عدد من المحافظات اليمنية احتجاجهم على سياسة المليشيات التي تعمدت على قبول الطلاب التابعين لها وترك الأوائل الذين خضعوا لكافة إجراءات القبول القانونية.
الأوقاف والإرشاد:
يعمل الحوثيون في مجال الدعوة والإرشاد بالسيطرة على المساجد الكبيرة والمؤثرة وفرض الخطباء التابعين للجماعة عبر توحيد خطب الجمعة التي يرسلها مرجعيات حوثية مساء كل خميس لكافة الخطباء عبر برنامج الوتس أب حسب مصدر مقرب للجماعة في تصريح لـ ” المشهد اليمني.
يعمد الحوثيون في الخطب على إظهار مظلومية الجماعة واستحقاقها في نهب الأموال والسيطرة على المؤسسات كما يطالب خطباء الحوثيين المواطنين إلى الانتصار لآل البيت ومذهبهم وإثارة الجانب العاطفي لدى المصلين بحجة أن نصرة الجماعة هو نصرة لآل البيت والحسين وعلي ابن أبي طالب.
الجيش والأمن:
ملف الجيش والأمن هو الأخطر على مدى سنوات قادمة ربما حال نجح الحوثيون في إكمال مخططهم الطويل ببناء جيش طائفي يوجه سلاحه خلف مذهب المرجعيات والفتاوى الحوثية بتصفية كل مذهب مخالف.
في هذه الدعامة يشتغل الحوثيون على جانب التدريب الثقافي والقتالي حيث ينقل الحوثيون الأفراد المجندين حديثا إلى معسكرات أخرى خارج المعسكرات الرسمية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية حيث تنقلهم الجماعة إلى معسكرات خاصة في صعدة وعمران وحجة وتلقينهم دروسا طائفية إلى جانب التدريب القتالي.
يشحن الحوثيون أفرادهم بالفكر الدموي وزرع ثقافة القتل والسلاح والمواجهة والامتثال للتوجيهات الصادرة من زعيم الجماعة ومرجعياتها.
حسب المصدر استفاد الحوثيون كثيرا من مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي كان يمثل شوكة أخيرة في خلق الجماعة التي تعمل على إكمال حلقتها الطائفية المسلحة يوما بعد آخر.
يضيف مراقبون ” أن أخطر ما سيمكن الحوثيون من تثبيت دعائم دولتهم هو إطالة الحرب القائمة التي ستجعل المليشيات تكون دولة طائفية تملك في اليد اليمنى فتوى طائفية وفي اليسرى سلاحا تذبح كل من أحلت الفتاوى الحوثية دمائهم.