يزداد الوضع قتامة كل يوم في العاصمة صنعاء في ظل سيطرة ميلشيات الحوثي الانقلابية، حيث تقيد الحريات الشخصية للمواطنين في سطوة أمنية قمعية تعمل بمزاج مسلحين قادمين من مناطق نائية في محافظة صعدة (شمال اليمن) أو ما يطلق عليهم اللجان الأمنية الشعبية من قبل سلطات الأمر الواقع للميليشيات.
عملت ميلشيات الحوثي على اقتحام عدد من المقاهي في العاصمة صنعاء وإغلاق بعضها بسبب الاختلاط بين الذكور والإناث وكان آخرها الأحد 4 فبراير/شباط الجاري، حيث تم اقتحام إثنين من المقاهي في حي حدة وإغلاقها دون إبداء أسباب في ممارسة مستفزة لكل مرتادي المقاهي.
كانت القوات الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح تسيطر على مربعات أمنية في الأحياء الراقية في العاصمة صنعاء والتي يتواجد فيها معظم المقاهي والمطاعم الفاخرة، بالإضافة إلى كونها محل إقامة أبرز القادة العسكريين المسئولين الموالين له، ومع مقتل صالح في الربع من ديسمبر/كانون أول 2017 وفشل قواته في الانقلاب على حليفهم (الحوثيين) صارت العاصمة كلها مساحة لانتهاكات الميلشيات.
اقتحام واغلاق المقاهي
بدأت ميلشيات الحوثي اقتحام المقاهي عقب سيطرة ميلشيات الحوثي على العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014 حيث اقتحمت مقهى أروما والذي يرتاده كثير من الناشطين الحقوقيين والسياسيين وفي ذلك الحين شنت حملة إعلامية واسعة حيث سخر الكثير من أولئك الناشطين الذين كانوا مساندين للميلشيا.
وعاودت ميلشيات الحوثي إغلاق نفس المقهى خلال الشهر الماضي بالإضافة إلى مقهى ومطعم “بون أبيتي” بسبب الاختلاط والتبرج، لكن مرتادو المقهى قالوا إن الحوثيين برروا اغلاقها بسبب قربها من مقر “الأمن السياسي”، لكن الأخير عادو الافتتاح من جديد في 25 يناير/كانون ثاني الماضي ولم يعرف عن التسوية التي جرت لإعادة افتتاحه.
وفي مطلع مايو/آيار 2017 داهم مسلحون حوثيون مقهى “مون كافيه” في جولة الرويشان وسط العاصمة صنعاء وطردوا جميع من فيه، قبل أن يعتدوا على شباب بالضرب بسبب اعتراضهم، وفي السادس من إبريل/ نيسان 2017هاجم مسلحون حوثيون مهرجاناً شبابياً في المركز الثقافي بصنعاء، يدعو للفرح والسلام، واعتدوا على المنظمين بالضرب وقاموا بطرد الحضور بحجة الاختلاط، رغم أن المنظمين قسموا القاعة إلى نصفين، نصف للذكور والآخر للإناث.
عنف واعتداء بالضرب
وفي العاشر من سبتمبر/أيلول 2017 أغلق مسلحون حوثيون مقهى “بن وقشر” في صنعاء القديمة بعد أيام من افتتاحه وتم والاعتداء على الزبائن بحجة الاختلاط، وتهجموا لفظياً على أم وبناتها في المقهى مستنكرين لبس الفتيات، حيث صرخ في وجه الأم وبناتها “أين أنتن من فاطمة الزهراء” في إشارة إلى (فاطمة ابنة الرسول وزجته على بن ابي طالب) وتم إغلاق المقهى نهائياً إلى حد الآن.
وعندما تم اقتحام مقهى “مون كافية” داهم 15 مسلحاً حوثيا وأجبروا زبائن المقهى الذي افتتح حديثاً، على مغادرة المكان تحت تهديد السلاح، وسط حالة من الذعر والفوضى وصراخ النساء والأطفال، واعتدوا بالضرب على أحد الشباب حتى تلطخ وجهه بالدم، كما أظهرت صوراً تداولها ناشطون حينها في مواقع التواصل.
وعملت ميلشيات الحوثي على اغلاق المحل بالقوة والتهجم على العمال، وتم اقتياد واثنين أحدهم شقيق مالك المقهى والآخر صديقة لقسم الشرطة، حيث تم فتح محضر للتحقيق، وخلصت القضية بالاشتراط على منع الاختلاط، مقابل السماح بإعادة افتتاح المقهى، المملوك لأحد النازحين من مدينة تعز بسبب الحرب.
جماعة منغلقة
ترى الناشطة المجتمعية ريم عبد الله “لا غرابة في أن تقوم ميلشيات الحوثي بإغلاق المقاهي في صنعاء ومنع الاختلاط لأنها جماعة دينية منغلقة على نفسها لا ترى في الناس إلى مجموعة من الطائعين لها في كل شيء”.
وأضافت في حديث لـ “يمن شباب نت” الناس أصبحوا أكثر نفوراً من ممارسات الحوثيين الهمجية بحق الجميع، منذ سيطرتها على صنعاء وزادت أكثر حدة بعد تفردها في السلطة بعد قتل ومطاردة أنصار حزب المؤتمر”.
وأشارت ريم “أن الحوثيون يعمدون على تكليف مسلحين للاقتحامات والنقاط الأمنية أكثر جهلاً وقادمين من محافظات صعدة وحجة وعمران من مناطق نائية جداً وهم عقائديين وأعمارهم صغيرة يتعاملون ببشاعة من الناس وكأنهم يؤيدون فرض ديني من السماء باعتقادهم”.
تحريض معلن
تعيد للأذهان ممارسات ميلشيات الحوثي الانقلابية في صنعاء وعدد من المحافظات التي تسيطر عليها، ما كانت تمارسه داعش في مدينة “الرقة” السورية ومدن عراقية سيطرت عليها، وتتشابه الجماعات الدينية المتطرفة في قمع الحريات العامة ومحاصرة الناس بأصولية متطرفة.
وسبق أن حرض زعيم ميلشيات الحوثي عبد الملك الحوثي على المقاهي ومعاهد اللغات في خطاب له أواخر شهر مارس/آذار2017 حيث تحدث عما أسماه “الغزو الفكري” الذي يهدف ضرب هذا الشعب في أخلاقه وعفته وشرفه وطهارته” مضيفاً “أن هناك حرب كبيرة ومنظمة وتشتغل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي المناطق والمدن عبر شبكات للإفساد المنظم” على حد تعبيره.
واتهم زعيم الحوثيين المعاهد التي تدّرس اللغات الأجنبية، بأنها تعمل على إفساد الشباب ولمح إلى إغلاقها بحجة منع الاختلاط وقال “إن هذه المعاهد يبقى نشاطها في تعليم اللغات نشاط ثانوي داخل هذه المعاهد يبدؤون ببرامج تساعد على الاختلاط الفوضوي وتعزيز الروابط خارج إطار الضوابط الشرعية”.
ويرى مراقبون أن الحوثيين مشروعهم في قمع الحريات للناس يشبه تنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين، حيث سبق وأن منعوا الغناء في صعدة بعد سيطرتهم عليها قبل سنوات، حيث فرضوا إجراءات متطرفة بحق السكان وممارستهم اليومية.
*يمن شباب نت