عاشت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن نهاية يناير الماضي مواجهات مسلحة بين من يمثلون المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية وانتهت بعد اجتماعٍ رعاه التحالف العربي إلا أنه لم تتحقق حتى الآن مطالب المجلس بتغيير حكومة بن دغر في حين لا تزال العيون الإماراتية تتحرك خارج إطار الشرعية.
فقد أكدت تقارير صحفية الأسبوع الماضي أن الإمارات هددت بتدخُّل طيرانها بعد احتجاز عشرات من ضباط الحرس الجمهوري السابق كانوا في طريقهم إلى عدن من قِبل قوات أمنية في الضالع وهدفهم كان الوصول لمعسكر تقيمه الإمارات لطارق صالح في مدينة البريقة بعدن قيل إنه يجهز قوات لقتال الحوثيين لكن بعيداً عن السلطات الشرعية.
سياسة استعمارية:
وفي هذا الإطار يعتقد الخبير العسكري علي الذهب، أن المسعى الإماراتي في اليمن واضح، ويهدف إلى خلق قوة عسكرية موازية للقوة التي تقف إلى جوار الرئيس عبد ربه منصور هادي منذ أول يوم للحرب.
وأشار الذهب، في تصريحه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن “المملكة العربية السعودية تغض الطرف عما تقوم به الإمارات من إنشاء قوة عسكرية في الجنوب، وهذه القوة ستجد طريقها، وسيلتفّ حولها كثيرون”.
الذهب اعتبر أن “فشل الشرعية في الاستفادة من تداعيات أحداث ديسمبر من العام الماضي، التي قُتل فيها الرئيس السابق، علي صالح، بأيدي الحوثيين بصنعاء؛ ومن ثمّ فإن تأسيس ورعاية قوة عسكرية لا تخضع بالكامل للشرعية سيتيح المجال أمامها ليكون وضعها كقوات الحزام الأمني وقوات النخبة الجنوبية بنصف اعتراف ونصف تمرد”.
وأضاف: “بطبيعة الحال، ستكون قوة عسكرية كبيرة، وتساند تياراً سياسياً لم يعلَن عنه بعد، وإن كان ذلك يشير إلى تيار ورثة وأنصار صالح، وقد تؤثر سلباً على استعادة الشرعية، لكنها لن تؤثر على استعادة الدولة”.
وعقب المواجهات التي شهدتها عدن مؤخراً، أعلن عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، في لقاء مع قناة “فرانس24″، دعمه ما وصفها بتشكيلات المقاومة الشمالية التي سيقودها طارق صالح ضد الحوثيين، لكن المتابعين يرون أن لتلك القوة العسكرية غير المنضوية تحت قيادة الشرعية أهدافاً لا تتوافق مع توجهات الحكومة في إنهاء الانقلاب وإعادة الشرعية؛ بل تخدم أطماعاً خارجية مقابل مقايضتها برؤى سياسية تعيد قيادات صالح إلى الواجهة.
ولأهداف جيوسياسية، يرى “الذهب” أن “الإمارات لن ترضى مثلاً، بتمكين قوى ثورة 11 فبراير، خاصة (التجمع اليمني للإصلاح)، وفي الوقت ذاته تسعى لإيجاد إطار شرعي لأطماعها، والحقيقة أنها ليست أطماعها وحدها، فما هي إلا واجهة لقوى دولية استعمارية، تحركها وفق منافع انتهازية مفضوحة بوصفها سياسة استعمارية جديدة”.
الإمارات وطموح السيطرة:
لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يُثار فيها الحديث عن طبيعة وجود الإمارات باليمن ودعمها قوات عسكرية، غالباً ما تتقاطع مع الحكومة الشرعية في تحركاتها، فقد اتُهمت بمنع الرئيس هادي من العودة إلى عدن وعرقلة الحكومة وعدم تمكينها من إدارة موارد النفط والغاز والموانئ والمطارات، كما حدث أن تدخّل طيرانها لقصف مواقع ومقرات عسكرية للشرعية في عدن.
الكاتب والباحث السياسي عدنان هاشم، أكد أن الإمارات تسعى لتكون صاحبة الكلمة الأولى في اليمن، وليس المملكة العربية السعودية ولا الحوثيين.
وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن “أبوظبي تريد السيطرة على الموانئ اليمنية والقواعد العسكرية، كما تطمح إلى السيطرة على القبائل الشمالية، وتعتقد أن دعم عائلة صالح سيمثل مدخلاً لذلك”.
وأشار هاشم إلى أن “أبوظبي ترغب في إنهاء العمليات العسكرية بعد أن تحقق أهدافها، وهي تعتبر أن معركة اليمن لا تعنيها في الأساس؛ بل تعني المملكة العربية السعودية، وبسعيها نحو إضعاف شرعية الرئيس هادي، فهي تمهد لحل مُعَد سلفاً وجاهز؛ إما بعزله وإما بمصادرة صلاحياته لصالح حكومة تكون الأطراف الموالية لها صاحبة النصيب الأكبر من المحاصصة شمالاً وجنوباً، وهذا سيضمن للإمارات البقاء أطول فترة ممكنة في اليمن، وسيجعل السعودية تحت الملاحظة والابتزاز الإماراتي فترةً أطول”.
وإلى جانب تحركاتها جنوباً، تكثف الإمارات من وجودها على الساحل الغربي لليمن، ومن ضمنه مضيق باب المندب وبعض الجزر كجزيرتي ميون وسقطرى، كما تستضيف نجل صالح وبعض أفراد عائلته بأبوظبي منذ وفي أثناء عاصفة الحزم.
ويرى محللون أن الإمارات تسعى جاهدة لإلغاء العقوبات الأممية على أحمد علي صالح، الذي يتم إعداده لمرحلة سياسية تعقب المرحلة العسكرية، التي سيمثلها نجل شقيق صالح في الشمال بالتوازي مع المجلس الانتقالي في الجنوب.
ولكن هاشم قلل من الأهداف التي يُروَّج لها من خلال إعداد قوة عسكرية يقودها طارق صالح لمواجهة الحوثيين؛ إذ يرى أن “تلك القوات لن تساعد في حسم معركة الشرعية ضد الانقلابيين ميدانياً”، متسائلاً: “ما الذي يمكن أن يقدمه طارق وقواته.