قبل نحو شهرين، أثارت قضية تسليم شركة “عدن نت”، من قِبل الحكومة لشركة إماراتية – غير متخصصة في قطاع الاتصالات-، اتهامات برلمانية وإعلامية واسعة للحكومة بالتواطؤ مع الإمارات لتحقيق أهدافها في السيطرة على جنوب اليمن.
تظهر اليوم على السطح قضية جديدة ضد حكومة معين عبدالملك، التي قامت بتوقيع اتفاقية مع شركة إماراتية غير متخصصة أيضا، وتسليمها أرضا في “الضبة” بمحافظة حضرموت، لإنتاج وتكرير النفط، رغم اعتراض البرلمان اليمني، الذي أصدر تقرير تقصٍ، كشف فيه عن حقائق ما يجري في قطاع الاتصالات والكهرباء والنفط والمالية.
وكان البرلمان قد طلب من الحكومة تزويده بشكل مفصَّل ببنود الاتفاقية، وتفاصيل عن دراسة جدوى المشروع، لكن الحكومة امتنعت عن ذلك، إلا أن وثائق خاصة حصل عليها موقع “بلقيس”، تكشف أن الاتفاقية انتهكت قوانين كثيرة، من بينها عدم تحديد رأس المال، وغياب دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، والدراسات الفنية والهندسية والمسوحات الطبوغرافية، والبحرية، كما أنها لم تمر على اللجنة العليا للمناقصات، التي ترفض الحكومة تشكيلها حتى الآن.
– مصيبة تلو أخرى
يقول المحلل السياسي، حسن مغلس: “تعودنا على هذه المفاجآت والمصائب كثيرا من مجلس الوزراء، الذي يرأسه معين عبدالملك، حيث يفاجئنا بمصيبة تلو الأخرى، ولا يعطي نفسا للمواطن لمعرفة أين وصل بالمصيبة الأولى، حتى يدخل بالمصيبة التالية”.
وأضاف: “هذه الاتفاقيات نحن بحاجة لها، فمن قال إننا لا نحتاج مصفاة في حضرموت، بالعكس، هناك احتياج وضرورة لوجود مصفاة في حضرموت، وهو مشروع يناقش منذ نحو 20 سنة، لكنه كان يتعثر، رغم وجود رأس المال والمستثمرين”.
وتابع: “هناك رأس مال محلي، حيث كانت قد بدأت شركة هود التابعة لمجموعة شركات هائل سعيد أنعم ببناء مصفاة، في رأس عيسى، منذ ما قبل الانقلاب الحوثي، وكذلك شركة العيسي، وقد عملتا هاتان الشركتان المسح الطبوغرافي، وكانت الدولة حينها ستعمل بجانبها خزانات رأس عيسى، عوضا عن سفينة صافر التي مازالت عائمة، وتم استبدالها في البحر الأحمر”.
وأردف: “الوزير سرد برسالته لرئيس الوزراء الكثير من المبررات الحقيقية، التي نحن فعلا محتاجون لها، لكن بعدها وضع المقارنة السيِّئة بين الاتفاقية السابقة من أجل تجميل المصيبة الحالية، والإشكالية هنا في أن رأس المال المحلي موجود، فلماذا لا يعرض هذا المشروع للمناقصة المحلية، والنظر إلى ما سيأتي من المستثمرين المحليين؟”.
وزاد: “هذه المشاريع، كلما كانت وطنية ومحلية كان الأمر أفضل، والسؤال هنا أيضا، هل لا توجد دولة أخرى غير الإمارات؟ كلما كان هناك مشروع يقدم للإمارات!”.
وقال: “حكومة معين عبدالملك إماراتية، ولم يخترها الشعب، ولا تعطي أي حساب لمجلس النواب النائم في سبات عميق، ونادرا ما يصرخ، وعليه أن يقدم استقالته؛ احتجاجا على هذه المشاريع، التي نحن بحاجة إليها، ويتم تسليم رقابنا من خلالها إلى دويلة الإمارات”.
– الكارثة الأزلية الثانية
يقول رئيس حملة لن نصمت، الدكتور عبدالقادر الخراز: “نحن في كارثة، ولا نستطيع أن نتنفّس، ونحن ننتقل من كارثة إلى أخرى، يظهر بها الكارثة الأزلية معين عبدالملك، فهو الكارثة الأزلية الثانية على الشعب اليمني بعد مليشيا الحوثي”.
وأضاف: “شركة مليح الإماراتية، التي سُلمت لها أراض لإنشاء مصفاة لإنتاج وتكرير النفط في حضرموت، مالكها هو ناصر عامر مصلح ناصر صالح، وهي شركة غير متخصصة في إنشاء مشاريع النفط، وإنما مختصة في بناء الفلل والعقارات”.
وتابع: “الاتفاقية مع هذه الشركة لم يذكر فيها رأس المال، ولا الفترة الزمنية لهذا العقد والاستثمار، ولم يحدد الإيجار، وكأننا وقعنا لها ورقة على بياض، وهي مصيبة وكارثة”.
وأردف: “المصيبة الأكبر أنه عندما تأتي هذه الاتفاقية، مع شركة إماراتية، وهناك مشروع مصفاة لشركة حضرموت المحدودة، منذ العام 2002م، وهناك أرض سُلمت لهذه الشركة بمساحة محددة لا تتجاوز 2.9 كيلو متر مربع، وتُجرد كل عام، بينما ما تم تسليمه لهذه الشركة مساحة تقدر بـ8 كيلو مترات مربعة، فعلى أي أساس سُلمت لها هذه المساحة على حساب أراضي المواطنين في حضرموت؟”.
وزاد: “المصيبة الأخرى، أن هذه الدولة، والحكومة برئاسة معين عبدالملك، لم تراجع ما هي المسؤوليات التي عليها تجاه العقد السابق، لا سيما وأن شركة حضرموت كان لديها شريك 2002م، وهي شركة إماراتية، وصاحبها أحد مستشاري أمير دبي، محمد بن راشد، وهو محمد بن علي العبار، الذي حاليا رافع قضية تحكيم دولي بعد أن علم بهذا الأمر، وهناك وثائق ورأي قانوني في هذا الإطار”.
وقال: “كان هناك مسؤولية على الحكومة، حيث كان عليها أن تلغي ما تم سابقا، لا سيما وأن شركة حضرموت المحدودة، عبر الشركة الإماراتية التي كانت متعاقدة معها، وعبر شركة سامسونج الكورية، هناك مبالغ ستضطر الدولة لتحمّلها، أي هناك خسائر مالية نتيجة توقيع الاتفاقية مع شركة مليح”.
وأضاف: “هناك تقريبا مبلغ 5 ملايين دولار وضع كرأس مال، وهناك 10 ملايين دولار دراسة جدوى، وهناك مبلغ نحو 200 مليون دولار أخذ كقرض من أحد البنوك الكورية، ألم يعِ معين عبدالملك هذه الأضرار”.
وتابع: “نحن بحاجة مشاريع، لكن يجب أن تكون بالشكل الصحيح، وأن تراجع الالتزامات السابقة، بغضّ النظر كانت الاتفاقية في عهد علي صالح أو عبدربه منصور، فالحكومة هي من تتحمَّل المسؤولية”.
وأردف: “لا يُراد للجنة المناقصات أن تشكَّل؛ لتمرير مثل هذه الاتفاقيات والعقود بمخالفات قانونية للدستور والقانون، وتَضرب بمجلس النواب عرض الحائط”.
– فساد ولعبة قذرة
يقول رئيس التكتل الموحّد للإعلاميين والناشطين في المحافظات الشرقية، عمر بن هلابي: “نحن وصلنا إلى وضع مأساوي، وبالنسبة لفساد حكومة معين عبدالملك لم يسبق له مثيل، لا في اليمن ولا في كل العالم”.
وأضاف: “هذه الاتفاقية يظهر منها أنها فبركة لعملية فساد كبيرة، لهوامير العقار والنفط في حضرموت، وتندرج ضمن غسيل الأموال، التي نُهبت من الودائع التي أُودعت للبنك المركزي”.
وتابع: “الشركة الإماراتية، التي تم توقيع الاتفاقية معها، لم تسأل الحكومة نفسها متى تأسست؟ ومن مالكها؟ فهي شركات تؤسس بأسماء وعقود، فإذا ما تابعنا الأوراق سنجد أن تسليم الأراضي، في الضبة وغيرها، سُلمت لشخص على أنه مدير هذا المشروع، ثم وقع المحافظ مع شخص آخر على أنه هو المدير لهذا المشروع!”.
وأردف: “هناك فساد، ولعبة قذرة جدا، تنهب حضرموت نهبا ممنهجا، حيث تم نهب حتى فلل وبيوت لمغتربين، في هذا المشروع، الذي وُزع، ولم نجد أي نتيجة”.