في سمة تميزها عن بقية الدول التخريبية والإستعمارية في المنطقة، تتفرد دولة الإمارات بأسلوب مرسوم بعناية لإدارة أنشطتها المشبوهة التي تعزز من هيمنتها على دول المنطقة، وهو أسلوب تغليف أي نشاط مشبوه تحت واجهة براقة وزاهية، كيافطة الهلال الأحمر الإماراتي.
وعبر هذه الواجهة التي تقدمها الإمارات للعالم باعتبارها أهم منظمة إنسانية وخيرية عاملة في اليمن، تنفذ الإمارات وهلالها الأحمر الكثير من أنشطتها التوسعية في البلد، من جمع المعلومات الحساسة عن المواطنين وتجنيد مخبرين محليين واستقطاب القيادات الاجتماعية والسياسية والعسكرية المؤثرة، حتى إنشاء وتمويل ألوية عسكرية بكامل عتادها وجيش من المرتزقة المجندين فيها، لخدمة إرادة ورغبة الحاكم في أبوظبي.
ولعل أبرز الأمثلة التي تسلط الضوء على الدور المشبوه الذي تلعبه هذه المنظمة “الإنسانية” ادعاءاً، إنشاء وحدات عسكرية تحت مسمى “حراس الجمهورية” وهي ألوية عسكرية شديدة التسليح يقودها العميد طارق محمد صالح.
عين الإمارات على الساحل الغربي
وتسعى الإمارات من خلال ذراعها العسكرية “قوات طارق صالح” ومن خلال منظمتها التجسسية “الهلال الأحمر” إلى فرض سيطرتها المطلقة على منطقة الساحل الغربي لليمن ، وتحديداً المدن والموانئ الرئيسية فيها، ومنها المخا ومضيق باب المندب.
ولتأمين تحقيق هذا الهدف الكبير شيدت خطوط التنسيق والتواصل المباشر بين “الهلال” و “مليشيات طارق صالح” في مسعى لتعميق نفوذ طارق في المنطقة، وإقصاء العقبات التي يمكن أن تهدد هذا المشروع.
السيطرة على الساحل الغربي لليمن سيؤمن للإمارات سيطرة مطلقة على مضيق باب المندب، وسيمكنها من تحقيق نفوذ جيوسياسي غير مسبوق على البحر الأحمر، والذي يعتبر شريان حركة التجارة العالمية.
وثائق “سرية” مسربة تكشف المستور
ومؤخراً فجر الصحفي اليمني أحمد الشلفي ماجأة من العيار الثقيل، كاشفاً عن وثائق وتقارير دورية وسنوية (استخباراتية وعسكرية) تابعة للهلال الأحمر الإماراتي حول عمله في اليمن خلال العام الماضي 2020.
وتحتوي وثائق الهلال الأحمر الإماراتي -التي نشرها الشلفي بصفحته على فيسبوك- عملا استخباراتياً وعسكرياً تحت لافتة العمل الإنساني، في عدد من المناطق، كان أبرزها الساحل الغربي للبلاد.
اللافت في الوثائق المسربة أنها تظهر أعمال ما يسمى بالوحدة الخاصة للعمل الاستخباراتي والعسكري، ويبدو أنها وحدة متخصصة أنشأتها أبوظبي لإدارة أنشطتها التجسسية في اليمن.
وترفع هذه التقارير لمسؤولين إماراتيين مهمين حول عمل أبوظبي في اليمن، بينها التحريض على قيادات عسكرية وأمنية وقبلية في تعز والساحل الغربي وغيرها من المدن، من الموالين للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمناوئين لتواجد الإمارات في اليمن.
وتشير الوثائق إلى العمليات الخاصة التي تنفذ بشكل مستمر من قبل أجهزة الإمارات الخاصة والأجهزة اليمنية التي تتبعها (مليشيا الانتقالي، ومليشيا طارق صالح)، كما تكشف عن حجم الإنفاق المهول الذي تصرفه الإمارات على هذه العمليات عسكريا واستخباراتيا وإعلاميا وشراء ولاءات.
فخلال 3 أشهر فقط – كما يتضح من إحدى الوثائق – أنفقت أبوظبي أكثر من 130 مليون ريال سعودي على الوحدة التجسسية لتنفيذ عدد من المهام الاستخباراتية في الساحل الغربي وعدن وعدد آخر من المدن، وهو مبلغ مالي مهول.
وتصرح الوثائق المسربة في فقرات متعددة منها بالتعاون بين الوحدة الخاصة والقوات المشتركة “مليشيات طارق صالح” في إنجاز الكثير من المهام على الأرض، عسكرياً واستخباراتياً ولوجستياً، وهو ما يفضح طبيعة الدور الذي يقوم به طارق ومليشياته في غرب اليمن.
وتحدد الوثائق “بالإسم” القوات والقيادات الموالية للرئيس هادي والتي تصفها بـ “الإخوانية” وتشير إلى تنفيذ الكثير من العمليات التي ساعدت في ضربها وتشتيتها وإضعافها.
وبرز اسم العميد أحمد الكوكباني، وهو أبرز قيادات المقاومة التهامية، باعتباره حجر عثرة أمام هذا المخطط، وأوصت باتخاذ إجراء عاجل ضده.
وأوصت الوحدة الخاصة في فقرات متفرقة بتشكيل خلايا إعلامية تتضمن صحفيين محترفين مهمتها الترويج لمليشيات طارق ووصم صفة “الإرهاب” بغيرها من القوات الموالية للحكومة اليمنية.
وعلى الجانب الاستقطابي برزت فقرات متفرقة أوصت بتقديم المزيد من المكافآت والحوافز للضباط في الجيش اليمني لحثهم على الإنضمام لمليشيات طارق، كما أوصت بشراء أراضي وبيوت لقيادات تم استقطابها سابقاً، وذلك لإرضائهم وإطفاء سخطهم.
هذا بالإضافة إلى التوصية بزيادة المخصصات الشهرية للوجاهات الاجتماعية والقيادات القبلية وخاصة في الساحل الغربي، بهدف استقطابهم.