من كان يتخيل أن سيئون التي كانت حتى ستة أعوام مضت مدينة منسية لا يكاد يسمع أحد ذكرها إلا في نشرات الأرصاد الجوية ستصبح اليوم مرشحة لخلافة كل من صنعاء وعدن على عرش لقب عاصمة اليمن. هذا ما لم يكن يتصور أكثر الحالمين في المدينة حدوثه ولو بعد 100 عام، لكننا اليوم وقد تغير المشهد السياسي اليمني برمته على موعد بأن تغير سيئون أقدار النسيان وأن تخرج من هوامش الماضي إلى متن الحاضر والمستقبل.
اليوم تواجه سيئون وهي أكبر حواضر محافظة حضرموت أهم أقدارها في أن تصبح عاصمة مؤقتة جديدة للدولة المخذولة التي لم تجد في صنعاء أو عدن سوى مليشيات أعطت ولاءها للخارج وقوضت المرحلة الانتقالية ومعها أحلام اليمنيين في الخروج من عهد نظام الرئيس السابق صالح إلى عهد اليمن الإتحادي الجديد، بقيادة المشير عبدربه منصور هادي.
لقد سلمت حضرموت عموماً وسيئون بشكل خاص من آلة الحرب ومليشياتها التي أغرقت حواضر اليمن الأخرى كصنعاء وعدن وتعز، وأصبحت على عكس أقرانها، مدينة تعيش فترة استقرار أمني وازدهار اقتصادي أنعشه قدوم مئات الآلاف من اليمنيين النازحين من مناطق النار إلى بلاد الطويلة التي قال فيها أبوبكر سالم ذات يوم: ليلة في الطويلة خير من ألف ليلة.
وها هو الخير كل يفتح ذراعيه لسيئون عبر تتويجها كقائدة للمدن اليمنية في قادم الأيام، وهو ما يبشر المدينة وأهلها بنقلة تاريخية وغير مسبوقة في كافة المجالات، وخاصة فيما يخص الجانب الاقتصادي والبنية التحتية.
إن حجم المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها سيئون لو أصبحت عاصمة اليمنيين الجديدة هائلة، فانتقال سلطة الدولة إلى سيئون يعني انتقال البنك المركزي إليها. ومع انتقال البنك المركزي ستنتقل كافة مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات ومصالح حكومية إليها، الأمر الذي سيحدث نقلة اقتصادية كبرى للمدينة لم تشهدها على مدى تاريخها.
وبتواجد الدولة في سيئون ستتحرك عجلة التنمية وستدور آلة البناء في شتى النواحي والمجالات وخاصة في قطاع البنية التحتية، من الطرقات إلى الخدمات العامة إلى الكهرباء والمياه وحتى شبكات الصرف الصحي وغيرها مما لا يتسع المجال لحصره.
ومع انتقال البنك إلى سيئون سيصبح ميناء حضرموت الميناء الرئيس لليمن بدلاً عن ميناء عدن وستمر حركة التجارة الداخلية والخارجية من وإلى ميناء حضرموت وسيطور بأحدث التجهيزات لكي يصبح الميناء الأول في اليمن، ما يعني تأمين المحافظة دخلاً مالياً عملاقاً من عائدات الضرائب والجمارك وغيرها، وهو ما سيعود بالخير الكبير على الحضارم بشكل خاص.
وبالمثل فإن مطار سيئون الدولي سيشهد نقلة نوعية وغير مسبوقة وسيصبح بديلاً عن مطار عدن الدولي الذي بات يعيش وضعاً كارثياً في ظل سيطرة مليشيات الإنفصال المدعومة إماراتياً عليه وعلى المدينة.
وإضافة لكل ما سبق فإن التطور الكبير في البنية التحتية في العاصمة الجديدة سيجعل سيئون نقطة جذب كبرى لرأس المال ومشاريع الاستثمار العملاقة إليها، باعتبار أنها مدينة “بكر” تفتقد للكثير وكل الفرص للاستثمار فيها متاحة، ابتداءً من المراكز التجارية العملاقة وليس انتهاءاً بالحدائق والمتنزهات العامة والمطاعم وغيرها.
كل ذلك سيعود خيره في المقام الأول على أبناء محافظة حضرموت الوفاء وحضرموت التاريخ وحضرموت الوحدة، التي لم تخن جمهوريتها ولم تتنكر لأصلها اليمني كما فعلت صنعاء وعدن، وحان لها أن تزيح غيرها وتتقدم لتصبح حاضرة اليمن مستقبلاً.. ومن يدري لعلها تصبح حاضرة اليمن وعاصمته إلى الأبد!