كشف مرصد حقوقي عن ارتكاب الاحتلال الاسرائيلي عمليات قتل جماعي بحق العائلات بقطاع غزة.
وأدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة، استهداف الجيش الإسرائيلي عائلات وأسر كاملة وإيقاعها بين قتلى وجرحى وتدمير منازل على رؤوس قاطنيها بقطاع غزة في عمليات تتسم باللاإنسانية وتخرق مبدأ الضرورة والتناسب.
ووثق المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف، 29 حالة قصف مباشرة استهدفت عائلات ممتدة، منها 21 حالة قصفت فيها منازل على رؤوس قاطنيها، وحالتان استهدفت تجمعات، وحالتان خلال استهداف سيارة، وحالتان قصف أرض ومزرعة.
وأسفرت هذه الغارات، حتى إعداد هذا البيان عن مقتل 92 مواطنًا، بينهم 42 طفلا، و25 امرأة. وبين الضحايا، رجل وزوجته وطفلته، وأمهات وأطفالهن، وأشقاء وأبناء لهم. وهناك 7 أمهات قتلن مع أربع أو ثلاث من أطفالهن.
ومن أصعب الجرائم التي وثقها المرصد الأورومتوسطي، غارات الطيران الحربي الإسرائيلي حوالي الساعة 1:00، من فجر الأحد 16 مايو/أيّار الجاري، على مدار ساعة، أطلق خلالها نحو (50) صاروخاً تجاه عمارات ومنازل سكنية وطرقا مرصوفة في حي الرمال غربي مدينة غزة، حيث استهدفت الغارات عمارة سكنية لعائلة أبو العوف، وأخرى لعائلة الكولك، ومقر وزارة العمل، وأدت إلى مقتل (44) مدنيًا، بينهم (18) أطفال، و(13) سيدة، وإصابة (50) آخرين، من بينهم (8) أطفال، و(15) امرأة.
وجاء هذا الاعتداء المروع، بعد يوم من قصف الجيش الإسرائيلي بناية سكنية في مخيم الشاطئ بما لا يقل عن 6 صواريخ منزل المواطن علاء محمد عبد العال أبو حطب، المكون من 3 طوابق. ودمر المنزل بالكامل على رؤوس قاطنيه، بما فيها أسرة علاء، وأسرة شقيقته التي لجأت إليه في زيارة بمناسبة عيد الفطر، وهربًا من القصف العنيف شرق غزة حيث تسكن. وقتلت زوجة علاء، وأربعة من أطفالها، وقتلت شقيقته وثلاثة من أطفالها، وبقي طفل رابع تحت الأنقاض، فيما نجا من الموت طفل وحيد لا يزيد عمره عن 5 أشهر وما يزال يرقد في المستشفى لتلقي العلاج.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّه وثق في هجوم “الجرف الصامد” عام 2014، أنّ (144) أسرة فلسطينية قضى كل أفرادها أو أكثر من 3 منهم، وبلغ مجموع الضحايا من أفراد تلك الأسر أكثر من 750 فرداً.
وأشار إلى أنّ هذه الغارات جاءت ضمن مئات الهجمات الإسرائيلية التي طالت كل شيء في قطاع غزة، وتسببت حتى كتابة هذا البيان، بمقتل 214 فلسطينيًا بينهم 61 طفلًا 36 سيدة، إضافة إلى إصابة نحو 1450 آخرين، وتدمير نحو 1000 منزل بشكل كلي، وتضرر نحو 6000 وحدة سكنية ومنشأة بشكل جزئي وتدمير نحو 520 من المكاتب الصحفية والمصالح التجاري إضافة إلى نزوح حوالي 70 ألف مدني هربًا من القصف، وهو ما جعل أكثر من 2 مليون من سكان القطاع أسرى للخوف والهلع والحرمان من الأمن.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن إسرائيل تعيد استخدام منهجيتها في تعمد استهداف منازل المدنيين كما حدث في الهجمات العسكرية السابقة، دون أي اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني، مستغلة بذلك عجز المنظومة الدولية عن محاسبتها عن انتهاكاتها السابقة، وتمتعها برصيد مفتوح من الإفلات من العقاب.
وذكر المرصد الحقوقي أن المادة (25) من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية تحظر “مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية”.
كما تنص المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير”.
ويعد تدمير الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير مخالفة جسمية للاتفاقية بموجب المادة (147) منها، وجريمة حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادة 8 (2) (ب) (2)).
وأكد المرصد أنّ صمت المجتمع الدولي، بما في ذلك الموقف غير الحاسم والسلبي من جانب الاتحاد الأوروبي تجاه تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب في الأراضي المحتلة، ساهم بتصعيد إسرائيل من انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين دون رادع.
ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الأطراف الفاعلة إلى التحرك على نحو حاسم لوقف الهجوم الإسرائيلي العنيف وغير المتناسب على قطاع غزة، وبذل الجهود كافة من أجل وضع حد للعمليات العسكرية التي تحصد في كل ساعة مزيدًا من أرواح المدنيين.
وطالب المحكمة الجنائية الدولية بمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية الجارية في قطاع غزة، وضمّها إلى التحقيقات التي قررت أخيرًا إجراءها في الانتهاكات السابقة، والعمل على محاسبة القادة والجنود الإسرائيليين وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب.