يمكن ان تغير قواعد اللعبة.. جهود الإمارات لصناعة “شرق أوسط جديد” للاحتلال الإسرائيلي

10 مارس 2021
يمكن ان تغير قواعد اللعبة.. جهود الإمارات لصناعة “شرق أوسط جديد” للاحتلال الإسرائيلي

تسبب التطبيع الإماراتي في قفزة جديدة للاحتلال الإسرائيلي في التبشير بإعادة “تنظيم كبرى لشرق أوسط جديد” أكثر قُرباً من الاحتلال وبُعداً عن مواجهته.

يتفق مع هذا الرأي “توماس فريدمان” الخبير في الشرق الأوسط في مقال نشره على صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الأربعاء الثالث من مارس/آذار2021م، كما تشير الأرقام عن عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا الإمارات منذ فتح المجال الجوي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى تأكيد هذا المنحى الخطير على الأمن القومي العربي.

وقال فريدمان في مقاله إن “يهوشافاط” (أحد الكهنة اليهود) قفز فرحاً في أنه وفي خضم الوباء العالمي “سافر ما لا يقل عن 130 ألف سائح ومستثمر إسرائيلي إلى دبي وأبو ظبي منذ بدء السفر الجوي التجاري في منتصف أكتوبر/تشرين الأول”!

من السلطة للمجتمع

وأضاف الكاتب الذي عُرف بكونه قريب من التوجهات الإسرائيلية: اعتقدت منذ البداية أن الانفتاحات بين “إسرائيل” وكل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان – التي صاغها جاريد كوشنر والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب – يمكن أن تغيّر قواعد اللعبة. ومع ذلك، لا نزال في المرحلة المبكرة، وبعد أن عايشنا زواج وطلاق الإسرائيليين والمسيحيين اللبنانيين في ثمانينيات القرن العشرين، سأنتظر قليلاً قبل إرسال هدايا الزفاف.

وتابع: على عكس اختراقات السلام بين إسرائيل ومصر وإسرائيل ومسيحيي لبنان وإسرائيل والأردن، والتي بقت محصورة في السلطات العليا لتلك البلدان (دون إدماج في المجتمع)، فإن الانفتاحات بين إسرائيل ودول الخليج – بينما بدأ من الأعلى لبناء تحالف ضد إيران – يتم دفعه الآن بشكل أكبر من الأسفل من قبل السياح والطلاب والشركات.

ويرفض الإماراتيون بشكل كامل التطبيع مع “الاحتلال الإسرائيلي”، ويؤكدون وقوفهم مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

اكتظت مدرسة اللغة العبرية الجديدة التي تقيم دروساً في دبي وأبو ظبي بالإماراتيين الراغبين في الدراسة في “إسرائيل” أو القيام بأعمال تجارية هناك. أنهت شركة المياه الوطنية الإسرائيلية “ميكوروت” للتو صفقة لتزويد البحرين بتكنولوجيا تحلية المياه. نشرت صحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل” أخيراً مقالاً عن إيلي كرييل في دبي الذي “أصبح الطاهي المفضل في الإمارات العربية. … في العام الماضي، أطلق كريل مطعم كوشيراتي الذي يبيع المأكولات الإماراتية المعتمدة من الكوشر بالإضافة إلى الأطباق اليهودية الإماراتية المختلطة”.

وزعم “فريدمان” أن هؤلاء “الزوار الإسرائيليون البالغ عددهم 130 ألف زائر في إنقاذ صناعة السياحة في الإمارات من الانهيار بسبب الوباء خلال موسم العطلات”.

“اندماج نظامان بيئيان”

وقال: إذا ازدهرت اتفاقيات إبراهيم واتسعت لتشمل التطبيع بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية فإننا نتحدث عن واحدة من أهم عمليات إعادة الاصطفاف في تاريخ الشرق الأوسط الحديث الذي تشكل إلى حد كبير لعقود طويلة من خلال تدخلات القوى العظمى والديناميكيات العربية الإسرائيلية. لكن ليس بعد الآن.

يقول إيتامار رابينوفيتش، المؤرخ الإسرائيلي الذي أنهى مشاركته للتو في كتاب يتحدث عن “الحرب الأهلية السورية”: هناك ثلاثة لاعبين نافذين غير عرب في المنطقة هم إيران وتركيا و”اسرائيل” بما يشكل ثلاثة محاور هي: تركيا مع قطر ووكيلتها حماس. إيران مع سوريا ووكلاء إيران الذين لبنان والعراق واليمن. وإسرائيل مع الإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ضمنيًا.

يقول رابينوفيتش إن تفاعلات هذه المحاور الثلاثة هي التي تقود بالفعل سياسة الشرق الأوسط اليوم. ولأن المحور الإماراتي الإسرائيلي يجمع بين أنجح دولة عربية وأنجح دولة غير عربية، فإنه يشع الكثير من الطاقة.

بالنسبة لإسرائيل والإمارات فما تراه “هو نظامان بيئيان يندمجان معًا”، كما يقول جيدي غرينشتاين رئيس معهد “رويت” الاستراتيجي الصهيوني.

وقال غرينشتاين “تعلمت إسرائيل الانتقال من العزلة والندرة إلى الوفرة والتأثير العالمي من خلال تطوير اقتصادها الابتكاري المتفجر في مجالات مثل المياه والطاقة الشمسية والإلكترونية والعسكرية والطبية والمالية والزراعة.”

وتابع: على النقيض من ذلك، تنتقل الإمارات من عقود من وفرة النفط إلى عصر ندرة النفط من خلال بناء نظامها البيئي للابتكار وريادة الأعمال في نفس المجالات مثل إسرائيل”.

“ليست على اللائحة!”

ويتألف سكان الإمارات العربية المتحدة من مليون مواطن وتسعة ملايين أجنبي معظمهم من العمال ذوي الأجور المنخفضة من الهند وأجزاء أخرى من جنوب آسيا والباقي من المهنيين إلى حد كبير من أميركا وأوروبا والهند والعالم العربي. إن استراتيجية النمو لدولة الإمارات للقرن الحادي والعشرين – والتي يعد الانفتاح على “الاحتلال الإسرائيلي” جزءًا رئيسيًا منها – هي أن تصبح النموذج العربي للحداثة والاقتصاد المتنوع والعولمة والتسامح بين الأديان.

ولهذه الغاية، أعلنت دولة الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني عن تعديل كبير لقوانين الأحوال الشخصية الإسلامية – مما يسمح للأزواج غير المتزوجين بالعيش معاً، مما يجعل الإمارات من بين أمور أخرى أكثر قبولاً للمثليين والمثليات؛ وسمحت بشرب “الكحول” و”الخمور”.

وأشار “فريدمان” إلى أنه وعلى الرغم من هذه ما تزال الإمارات ملكية مطلقة، والديمقراطية ليست على لائحة التعديلات، إلى جانب النظام التعليمي المنفتح، وتعددية الدينية. وقال: لا يزال أمامها عمل كبير يجب القيام به في جميع تلك المجالات.

ولفت إلى ما وصفها ب”الملحمة المحرجة” حول حاكم دبي، الذي ورد أن ابنته محتجزة كرهينة في قصر والدها.

أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية –يقول فريدمان-، فهي تسمح بالفعل لشركة الطيران الوطنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي بالتحليق عبر المجال الجوي السعودي إلى الإمارات، ولكن هل ستحذو حذوها وتطبيع العلاقات رسميًا مع “إسرائيل”؟ سيكون ذلك خطوة ضخمة لكل من العلاقات الإسرائيلية العربية واليهودية الإسلامية.

الاندماج السعودي

وتوقع أن يتم الدعوة للتطبيع عبر لي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان الزعيم الأكثر قمعاً من الناحية السياسية، والأكثر عدوانية عسكرياً. وكان قراره الذي أفادت به وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بشأن قتل جمال خاشقجي، المدافع عن الديمقراطية السعودية، والذي كان مقيمًا في الولايات المتحدة لفترة طويلة، وتقطيع جثته، رد “غير مفهوم” على منتقد سلمي لم يشكل أي تهديد للمملكة.

وتابع الكاتب: لا يزال فريق الرئيس الأميركي جو بايدن يبحث كيف ستكون العلاقة مع “ابن سلمان”، لكن من الصواب الإصرار على أن أميركا ستستمر في التعامل مع السعودية بشكل عام كحليف.

وقال إن تطبيع “السعودية” مع الاحتلال الإسرائيلي سيشكل حافزاً جديداً لحل الدولتين والذي بدوره يمكن أن يسّهل على الأردن ومصر تطبيع العلاقات بشكل كامل مع “إسرائيل” أيضاً.

وأكد أنه وفي حال حصل التطبيع “سيكون لدينا بالفعل شرق أوسط جديد”.

ويشير “فريدمان” إلى أنه مع ذلك يحتاج بايدن إلى التحرك بسرعة. ومن بين المجموعات الإسرائيلية التي تتواصل بقوة مع الدول العربية الخليجية لزيارتها يوجد مستوطنون يهود يمينيون. إنهم يريدون إثبات أن “إسرائيل” تستطيع توسيع المستوطنات والسيطرة على الفلسطينيين وإقامة علاقات كبيرة مع الدول العربية في الوقت نفسه.

وتابع: يسمى ذلك بتبييض اتفاقات إبراهيم للصورة حيث يتم استخدام العلاقات الجديدة مع العرب لإخفاء احتلال “إسرائيل” للضفة الغربية.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق