مارب: معركة وجودية لليمن والشرعية (تقرير خاص)

8 مارس 2021
مارب: معركة وجودية لليمن والشرعية (تقرير خاص)

لم تهدأ وتيرة المعارك الضروس في محافظة مارب منذ أسابيع، وسط هجوم كبير نفذته قوات مليشيات الحوثيين في الأسبوع الأخير، وشارك فيه نخبة من الضباط الذين دربتهم إيران وحزب الله اللبناني.

وتفيد المصادر العسكرية بأن الهجوم الأخير كان الأخطر على مارب وتم على شكل موجات هجومية متتالية، لكن صمود أبطال الجيش الوطني كسر هذا الهجوم وتحول الوضع من الدفاع إلى الهجوم، وخاصة في جبهة الكسارة ومشارف جبل هيلان (البوابة الغربية لمدينة مارب).

وتنشر الحسابات الإعلامية للجيش الوطني تباعاً وبشكل دوري لقطات من قلب المعركة تظهر مدى اشتداد الاشتباكات بين الجيش الوطني والمليشيات، بالإضافة إلى مقاطع فيديو وصور لأسرى سقطوا في قبضة الجيش الوطني، بعد أن أغراهم الحوثي بوهم إسقاط مارب.

الحوثيون يتسلحون بالشائعات

وكنتيجة طبيعية للهزائم المدوية والضربات الموجعة التي يتلقاها الحوثيون في كل شبر من جبهات الصمود في مارب، لجأت آلة الحرب الحوثية الى سلاح الشائعات. فمنذ احتدام القتال مطلع فبراير الحالي، باتت الشائعات سلاحاً رئيسياً في يد جماعة الحوثيين التي استخدمته لتحطيم معنويات القوات الحكومية وخلط أوراقها، بما يسهل لها اجتياح المدينة النفطية شرق البلاد.

وفي مجتمع قبلي متوسط التعليم، نجح هذا النوع من الأسلحة في إرباك الخصوم، ولو بشكل محدود، وأدى إلى حجب الحقائق واكتساح الأخبار الزائفة التي تنطلق غالباً من وسائل التواصل الاجتماعي، وتجد طريقها إلى السواد الأعظم من اليمنيين.

واعتمدت جماعة الحوثيين على مطابخ متعددة لضخ الشائعات في معركة مأرب. ووفقاً لخبراء، بدت النكهة الإيرانية حاضرة بقوة في هذا النوع من المعارك، ابتداء بتوظيف الخطاب الديني والزعم بأن ما يجري في مأرب “جهاد بتوجيه إلهي ضد إسرائيل والكفار”، وصولاً إلى استغلال مسألة أعراض النساء كطريقة مُثلى لإثارة حمية رجال القبائل وكسبهم للقتال في صفوفها من جهة، وتحييد رجال القبائل داخل مأرب بعدم قتالها من جهة أخرى.

وبرز القيادي الحوثي محمد علي الحوثي والقيادي الآخر محمد البخيتي على رأس كتيبة التضليل الإعلامية، حيث يقوم الأول بشكل شبه يومي بنشر تغريدات تعلن اكتمال سيطرة جماعته على مارب، فيما يقوم الآخر بحشد المقاتلين إليها مدعياً بأن ما يسميه (تحرير مارب) توجيه إلهي أوحي به إلى قائد المليشيا عبدالملك الحوثي.

وفي مسعى منها لإضفاء المصداقية، خصصت وسائل إعلام حوثية، خلال الأسبوعين الماضيين، أرقام هواتف قالت إنها للتواصل مع من أسمتهم بـ”المغرّر بهم”، لمغادرة مأرب التي بات سقوطها في أيديهم وشيكاً، حسب مزاعمها.

كما لجأت إلى تسويق لقطات متلفزة، تعود إلى عام 2015، تظهر فيها قوات الحوثيين وهي على تخوم سد مأرب، الواقع حالياً تحت سيطرة القوات الحكومية. كما أعلن رئيس استخبارات الجماعة المدرج في قوائم الإرهاب الأميركية والأممية، عبد الله علي الحاكم، امتلاك الحوثيين مئات العناصر داخل مأرب، وقال إنهم سيعملون على قلب الطاولة من الداخل وتغيير الموقف، وإنهم يرصدون كافة تحركات القيادات العسكرية الموالية للشرعية، لتشتيت السلطات الحكومية وإرباك تحركاتها.

والمؤسف هنا – بحسب تصريح الكاتب رداد السلامي – أن الحكومة الشرعية اكتفت بموقف المدافع والمتلقي لرد الفعل لنفي الشائعات التي تحاول تشويه القصص البطولية التي اجترحتها مارب والتي سطرها أبطال الجيش الوطني والقبائل من جهة أخرى.

رسائل قوية للأبطال من الجبهات:

وفيما يخص الحالة المعنوية للمرابطين في مختلف جبهات مارب على الشمال والغرب والجنوب الغربي، فإن اشتداد المعارك لا تزيد المقاتلين إلا تصميماً وعزيمة على كسر شوكة الحوثيين، وفق ما يقوله أحد أبطال الجيش الوطني من مترسه في الخطوط الأمامية لجبهة الكسارة.

وقال أحد مقاتلي الجش في فيديو عرضه المركز الإعلامي للقوات المسلحة، من جبهة الكسارة بمأرب: «كسرنا رؤسهم» -يقصد المليشيات-، وأضاف: «سنواصل القتال حتى العاصمة المحتلة صنعاء ثم دخول صعدة -معقل الحوثيين».

فيما أكد آخر، أن قوات الجيش تمكنت من دحر عناصر المليشيات المتواجدين في جبهة الكسارة، وتدمير كافة المعدات العسكرية التي كانت بحوزتهم.

المحرقة

ويرى مندوب اليمن لليونسكو، السياسي «محمد جميح»، أن مأرب أوجعت مليشيات الجماعة التي استخدمت كُل شىء في هذه المعركة لكن دون جدوى.

وأكد أن المليشيات أرسلت تهديدًا لأسر الذين انضموا مؤخرًا للجيش الوطني من أبناء المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم كي يتراجعوا عن المشاركة في الحرب الدائرة بمأرب.

وقال في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر: «الحوثيون يرسلون رسائل تهديد لأسر من التحق بالجيش الوطني من أبناء المناطق التي يسيطرون عليها، طلبوا من أسر المقاتلين أن يرسلوا لأبنائهم رسائل تدعوهم لترك مواقع الشرف والعودة إلى ركبة الكاهن».

وأضاف: «أوجعتهم مأرب.. جربوا معها كل شيء دون جدوى»، واختتم بالقول: «حق على كل يمني حر نصرة هذه المدينة الباسلة».

واعتبر أن مأرب بات محرقة للمليشيات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، مشيرًا إلى أن الجماعة باتت تشييع العشرات من القتلى بشكل مستمر، وأصبح لدى الناس يقين أن من يذهب إلى مأرب لا يعود.

 

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق