منذ اقتحام العاصمة اليمنية صنعاء من قبل جماعة الحوثيين قبل نحو 6 سنوات، وضعت المليشيا نصب عينيها رجال القبائل ليكونوا وقوداً لحربها على اليمنيين سواء عبر الاستقطاب بالترغيب، أو من خلال الإذلال والقمع وإلغاء الدور الاجتماعي لكبار شيوخ القبائل المناوئين للجماعة.
وبحسب مراقبين لم يشهد اليمن طوال تاريخه الطويل، تسلط جماعة أكثر دموية وأكثر توحشاً وغدراً من الجماعة الحوثية التي عم أذاها كل بيت في اليمن، ولم يسلم من وحشيتها لا عدو مقاوم ولا حليف داعم ولا محايد مسالم.
ومؤخراً أقدمت مليشيات الحوثي على قتل الشيخ (مصلح الوروي)، وهو أحد أبرز مشائخ محافظة عمران، بعد توقفه عن التحشيد لمحارقها في مختلف الجبهات. وقالت مصادر محلية أن الشيخ الوروري كان أحد أبرز المشايخ الذين سهلوا للحوثيين دخول محافظة عمران وقاتل معهم قتالا كبيرا، وكان على تواصل وتنسيق مسبق مع الميليشيات قبل دخولهم وسيطرتهم على عمران، كما أسهم مساهمة فاعلة ومشاركة في اقتحام معسكر اللواء 310، في حين أشارت مصادر أخرى بأنه شارك في تصفية العميد حميد القشيبي قائد المعسكر.
https://www.youtube.com/watch?v=kYBAEjqh7qg
وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان جرائم القتل التي طالت العشرات من شيوخ القبائل في شمال اليمن، والذين استخدمهم الحوثي كوقود لمعاركه، ثم أقدم فيما بعد بتصفيتهم عبر القتل أو الإيداع في المعتقلات والزنازين.
امتهان كرامة وقتل بوحشية
تشير الروايات – فيما يتعلق بتصفية الشيخ الوروري – إلى أن أفراداً من المليشيا قتلوه شر قتلة وأذلوه ورموه في العراء في رسالة متواصلة من الحوثيين لكافة المواطنين اليمنيين بأن هذا مصير مشايخهم وأعيانهم وكبارهم، وأنه لا يمكن أن يكون هناك أي اعتبار لأي شخصية مهما بلغ شأنها.
وفي هذا الصدد تتحدث الكاتبة والمحللة السياسية ميساء شجاع الدين عن قتل وسحل الحوثيين لجثة حليفهم السابق الشيخ القبلي مجاهد قشيرة ، حيث قالت أن له دلالات كثيرة، أبرزها رسالة ترهيبية للأحياء، بأن الحوثيين لن يحكموا أو يتعاملوا بمنطق المصالحة أو السياسة بل بمنطق وحيد هو الإرهاب وإشاعة الخوف وسيطبق على الجميع بمن فيهم حلفاؤهم وأنصارهم.
مكافأة نهاية الخدمة
في واقع الأمر، لقد مارست جماعة التمرد الحوثية الإرهابية سياسة استثنائية لم يسبقها إليها أحد من قبل، وهي سياسة الغدر بكل الحلفاء والموالين، والإمعان في التنكيل بهم بشكل غير مسبوق.
ويتسم نهج الحوثيين مع القبائل بأنه متنوع وذو أطوار متقلبة، تعتمد في الأساس على عاملين أساسيين: موقع القوة بالنسبة للحوثيين، ومدى حاجتها إلى هذا الشيخ، وعلى هذين الأساسين اختلفت معاملة الحوثيين مع المشائخ الذين تحالفوا معها طوال السنوات الماضية.
واليوم يمكن القول أن سياسة الحوثي مع المشائخ انتقلت من طور التحالفات المؤقتة الى طور التصفية والإذلال، وهي عادة متأصلة عند كل العصابات التي تعتقد أن الحكم قد استقر لها، ولم يعد هناك من تهديد يمكن أن يزيح سطوتها الجاثمة.
ولهذا فإن معظم المشائخ الذين أصبحوا جنوداً في جيش الحوثي نالوا – ولا يزالون – بحسب تعبير شعبي ساخر ما يطلق عليه اليمنيون “مكافأة نهاية الخدمة” من قبل جماعة عرف عنها أنها تحسن في إثبات حقيقة كونها جماعة لا يمكن لأحد أن يكون بمأمن من بطشها.
بعد التنكيل.. هل تثور القبيلة اليمنية؟
كنتيجة طبيعية للتنكيل المستمر من الحوثيين تعيش القبائل حالة من الغليان والثورة المكتومة ضد الميليشيا، كما وقعت العديد من الاشتباكات بين القبائل والحوثي، تكشف عن حجم العداء المتصاعد بين الطرفين.
وفي يناير 2019م، اندلعت اشتباكات دامية بين قبائل حجور في محافظة حجة وميليشيا الحوثي سقط فيها الكثير من القتلى من الجانبين.
كما وقعت اشتباكات بين قبيلة «ذو سودة» بمحافظة «عمران»، وميليشيا الحوثي سقط فيها العديد من القتلى والجرحي
وفي نوفمبر من نفس العام، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة، بين ميليشيات الحوثي الانقلابية، وأفراد من قبيلة «همدان» إحدى قرى قبائل طوق صنعاء، خلفت عددًا من القتلى والجرحى من الطرفين.
وفي هذا الصدد يقوم السياسي كامل الخوداني أن الحوثيين لديهم مخطط للتخلص من كل مشايخ القبائل التي ساعدته في الانقلاب والسيطرة على المدن اليمنية، قائلًا: « مسلسل تصفية الحوثيين لكل من تعاون معهم وخان أهله وبلده».
وشدد السياسي اليمني، أن الفرصة مواتية لقبائل اليمن؛ ليغيروا وجه التاريخ ويسقطوا أبشع فترة حكم يشهدها اليمن على يد ميليشيا الحوثي، والتي لا تختلف عن تنظيم القاعدة وداعش.
أبرز الحلفاء الذين قتلهم الحوثيون:
- علي عبدالله صالح
لم يكن لأحد فضل على جماعة الحوثي طوال تاريخها كما كان فضل صالح عليهم. لقد دعمهم في بداياتهم ثم قوى شوكتهم عبر حروب ست أراد لهم من خلالها اكتساب خبرات قتالية.
ثم لما أزيح عن السلطة تحالف معهم بشكل علني و أمدهم بالمال والسلاح وأمر مشائخه بالتنسيق معهم، لكن “الثعبان” الذي حضره صالح انقلب عليه بعد أن سيطرت الجماعة على الجيش والثروة في صنعاءوأفرغوا رصاصاتهم في رأسه.
- عارف الزوكا
قبل مقتله في ذات يوم مقتل صالح كان عارف الزوكا يشغل منصب الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام.
وليس مؤكداً حتى اليوم كيفية مقتل الزوكا على أيدي الحوثيين، لكن الرواية الأكثر رجحاناً هي تعرضه للاغتيال بدم بارد على يد مسلحي ميليشيات الحوثي الإيرانية داخل المستشفى العسكري الذي نقل إليه بعد إصابته بجروح متوسطة خلال عملية اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
كما طالت دائرة الاغتيالات العشرات من المشائخ القبليين الموالين للحوثي، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر:
* الشيخ أحمد سالم السكاني، المكنى “أبو ناجي المربي” وهو عضو المجلس المحلي وعضو حزب المؤتمر الشعبي العام في عمران. حيث قتلته المليشيات في ابريل المنصرم.
* خالد علي جمان: شيخ قبلي. ساعد الحوثيين، قبل أن يقتل على يد “أمين عامر جمان” وهو قائد آخر للحوثيين من نفس العائلة.
* محمد الشطي، أحد القادة المحليين الموالين للحوثي. قتل على يد قيادي آخر من المتحوثين يدعى “مجاهد قشيرة”. والأخير تعرض في اليوم التالي الى السحل والتمثيل بجثته وتفجير بيته.
* القيادي المتحوث عبدالقادر سفيان: أحد قيادات الحوثي البارزة بمحافظة إب وسط اليمن وكان يشغل منصب نائب المحافظ. إذ لقي مصرعه بعد اندلاع اشتباكات بين أجنحة الحوثيين في إب أدت في النهاية إلى مقتل سفيان.
* محمد عبد الكريم هيجان: قيادي متحوث من المحويت قتل في ظروف غريبة، ولم ينج سوى أحد حراسه الشخصيين. عمل هيجان مع الحوثيين، وساعدهم في الاستيلاء على المحافظة في عام 2014م.