لا تزال صحف عربية تولي اهتماما لتداعيات اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في طهران قبل أيام.
وقد ناقشت صحف وكُتّاب رأي خيارات إيران المتاحة في الرد على عملية اغتيال فخري زادة، الذي وصفته إحدى الصحف بأنه “أبو القنبلة النووية” الإيرانية.
ولاحظ فريق من الكتّاب أوجه الشبه بين مقتل فخري زادة ومقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق في يناير/كانون الأول الماضي.
وأكد فريق ثانٍ أن الرد الإيراني، إن حدث، سيكون في الساحة العربية وضمن قواعد الاشتباك الحاليّة، كأن يكون عن طريق ميليشيات عراقية أو الحوثيين في اليمن.
واستبعد فريق ثالث أن يكون الرد داخل إسرائيل خشية أن تقوم الأخيرة بضرب مفاعل “نطنز” وباقي المواقع النووية في إيران.
وقالت صحيفة إيرانية ناطقة بالعربية إن سليماني وفخري زادة قتلا “على أبواب تل أبيب”، مطالبة بإكمال مسيرتهما.
“أبو القنبلة النووية”:
تحت عنوان “كيف سترد إيران على اغتيال ‘أبي قنبلتها النووية؟'” تقول “القدس العربي” اللندنية في افتتاحيتها إن اغتيال فخري زادة يشبه اغتيال قاسم سليماني في بداية هذا العام “والذي كان القائد الفعلي لمشاريع طهران العسكرية والأمنية الخارجية”.
وتعتبر أن الاغتيالين يشكلان “تصعيدين كبيرين، في سياق الحرب الأمنية – العسكرية التي تخوضها إدارتا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد إيران، ورغم المشاركة السياسيّة المعلنة لدول عربية في هذه الحرب ضد طهران، فقد حاولت إحدى هذه الدول، الإمارات، تجنّب تلقّي الغضب الإيراني ضدّها، بقرار سحب قواتها من اليمن، وبإرسال وفود للتنسيق الأمني، فيما اكتفت السعودية بمحاولات صدّ ضربات الحوثيين، وعدم الانخراط بعمليات عسكرية مباشرة ضد طهران”.
وتقول: “تقابل إيران عمليات الاغتيالات والتخريب الإسرائيلية، بعمليات الصواريخ والمسيّرات في السعودية، وتخريب الناقلات والسفن في الخليج، وتحريك الميليشيات المحسوبة عليها في العراق، والمكاسرة السياسية التي يمثّلها النفوذ الكبير لـ’حزب الله’ في النظام السياسي اللبناني، والاستعصاء الحاصل في سوريا”.
وتضيف: “يمنع هذا الامتداد الجغرافي الواسع، عمليّا، حصول حرب شاملة مع إيران، وإذا أضفنا أمل النظام الإيراني بتغيير محسوس في المواقف الأمريكية مع انتقال بايدن إلى البيت الأبيض، فإن الحصيلة المستنتجة هي أن المعارك والعمليات الاستخبارية الإسرائيلية ـ الإيرانية ستستمر لأمد طويل، وأن التغيير الجذري الحقيقي سيحصل إذا تمكنت طهران من إنجاز قنبلتها النووية فعلا، وعندها سيكون ميزان القوى الإقليمي قد تغيّر، لكنّه، على عكس المرتجى منه، قد يكون سببا في حرب غير تقليدية ضد إيران تشعل المنطقة”.
كما يربط غسان شربل، رئيس تحرير “الشرق الأوسط” اللندنية، بين مقتل سليماني وفخري زادة، مضيفا أن “الاستهداف المبرمج للأمريكيين في العراق لم يرتفع إلى مستوى الرد”.
ويقول الكاتب: “ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل عالما نوويا على الأرض الإيرانية. فعلت ذلك في بدايات العقد الماضي.
جديد العملية الأخيرة هو اسم الرجل وأهميته وعجز سلطات بلاده عن حمايته على رغم تسميته قبل عامين من قبل نتنياهو على مرأى من العالم بأسره، في إطار كشف الوثائق النووية التي سرقها الموساد من الأدراج الإيرانية.
ويضيف شربل: “جديدها أيضا هو حجم الاختراق الإسرائيلي على الأرض الإيرانية، فالهجوم يحتاج إلى بنية لتوفير المتفجرات والأسلحة والانتقال ثم الانسحاب، أي أنه يحتاج إلى تواطؤ من داخل أجهزة أو التسلل من خلال ثقوبها.
وجديد العملية أيضا توقيتها قبل انتهاء ولاية ترامب بأسابيع، ما يعني أنَّ إدارة بايدن قد تجد نفسها أمام وقائع جديدة تعقّد أي عودة أمريكية إلى الاتفاق النووي”.
ويرى محمد صادق الحسيني في “الوفاق” الإيرانية الناطقة بالعربية أن “سليماني وفخري زادة تم اغتيالهما على أبواب تل أبيب، وبالتالي علينا إكمال مسيرتهما من المحطة التي توقفا عندها”.
ويقول: “لا ننسى الأهداف التي من أجلها استشهد هؤلاء الكبار ولو كانوا لا يزالون بيننا لن يغفلوا عنها لحظة واحدة.
إنها الأهداف الاستراتيجية الكبيرة إياها، المضي قدما في المسيرة. أن نقوي أنفسنا أكثر وأن ننمي قدراتنا باستمرار وأن نقوم بتوجيه المزيد من الضربات الاستراتيجية للعدو وندفعه إلى اليأس والعزلة. مرة أخرى علينا التركيز جيدا”.
قواعد الاشتباك الحالية”:
يقول طايل الضامن في “الرأي” الأردنية: “عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في قلب الجمهورية الإسلامية، شكّل خرقا أمنيا وضربة موجعة للنظام الإيراني، هدفها جر إيران إلى المواجهة المسلحة مع إسرائيل والولايات المتحدة قبل انتهاء ولاية ترامب وخروجه من البيت الأبيض، فهي في المحصلة تبقى ورقة رابحة لإسرائيل، قد تريحها من شبح إيران النووي إلى الأبد عبر شن حرب شاملة تلهب المنطقة وتشعل الاقتصاد العالمي”.
ويضيف: “الرد الإيراني إن وقع، سيكون لطيفا وخفيفا على إسرائيل، ومن المؤكد أن يدخل الرئيس المنتخب جو بايدن على خط الأزمة ويجري اتصالاته للتهدئة ومنح إيران الوعود والضمانات، وهو ما سيتحقق في عهده، وستخرج إيران رابحة إلى حد ما”.
ويرى أن الرد الإيراني “سيكون في الساحة العربية، فهي التي ستشفي الحقد الإيراني الدفين، وستكثف نيران حقدها التي تنطلق من اليمن باتجاه بنك أهداف في الخليج العربي، وستكون بمباركة خفية أمريكية إسرائيلية”.
ويقول عبدالرحمن الطريري في “عكاظ” السعودية إن “أي رد فعل إيراني هو يحسب بالدرجة الأولى عدم إغضاب بايدن”.
ويرى أن “مقر الرد، إن تم، فمن السهل والمقبول ضمن قواعد الاشتباك الحالية أن يحدث ذلك في العراق مثلا، حتى لو أدى ذلك لإصابة جنود أمريكان، وقد يستمر التصعيد في المشهد اليمني أيضا”.
لكنه يستبعد أن “تتجرأ إيران وتستهدف إسرائيل في الداخل كما استُهدفت في الداخل”، قائلا بأن هذا إن حدث “سيسمح لإسرائيل بقصف نطنز وباقي المواقع النووية في إيران”.
كما يستبعد الكاتب أن يكون الرد عن طريق حزب الله اللبناني، قائلا إن “الواقع اللبناني لا يسمح لحزب الله بخوض معركة، وهو الذي ينزف بشريا في سوريا، وينزف اقتصاديا جراء ارتباطه باقتصاد معاقب دوليا”.