اقترح السودان إحالة المفاوضات مع مصر واثيوبيا حول سد النهضة الى رؤساء وزراء الدول الثلاث بعدما لم يتم تحقيق تقدم في الجولة الاخيرة من المحادثات.
وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنمية البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
لكنّ مصر تقول إنّ السد يهدّد تدفق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق، مع أثار مدمرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية.
وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس للصحافيين في وقت متأخر الأربعاء “برزت خلافات بين الوفود الثلاثة في ما يتعلق بالجوانب القانونية”، موضحاً أنّها تدور بشكل خاص حول إلزامية الاتفاقية وكيفية تعديلها وآلية حل النزاعات.
واشار عباس إلى عدم تحديد موعد لاجتماع رؤساء الحكومات، في وقت سبق لاثيوبيا أن حددت الاول من تموز/يوليو تاريخاً لبدء ملء بحيرة السد، الذي تحوّل مصدر توتّر بين دول حوض نهر النيل.
وهو ما يبرز الحاجة الملحة إلى جهود دبلوماسية لحل النزاع المستمر منذ نحو عشر سنوات.
بدأت إثيوبيا في بناء السد في العام 2011، ومع الانتهاء منه، سيصبح أكبر سد هيدروكهربائي في إفريقيا.
والاسبوع الماضي، تم استئناف المباحثات مع التفاوض حول أكثر النقاط الخلافية وهي كيفية تشغيل السد في فترات الجفاف وآلية حل النزاعات.
وقال وزير الري السوداني إنّ المسائل العالقة “ذات طبيعة قانونية خصوصا فيما يتعلق بآلية لتقاسم المياه”.
وتابع أنّ “هذه الخلافات القانونية تحتاج الى قرار سياسي من رؤساء حكومات الدول الثلاث”.
وفي بيان نشرته مساء الاربعاء، أشارت وزارة الموارد المائية الإثيوبية أيضا إلى الحاجة لحلّ “مسائل قانونية”، لكنّها قالت إنّ “المسائل التقنية الأهم” تم معالجتها.
ولم يتناول البيان صراحة اقتراح السودان بخصوص مشاركة رؤساء الوزراء في المفاوضات.
من جهته، صرّح وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي الأربعاء بأن “مفاوضات سد النهضة التي أجريت على مدار الفترة الماضية لم تُحقّق تقدّمًا يُذكر، وذلك بسبب المواقف الأثيوبيّة المتعنّتة على الجانبين الفنّي والقانوني، حيث رفضت أثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أنْ تقوم الدول الثلاث بإبرام اتّفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسّكت بالتوصّل إلى مجرّد قواعد إرشاديّة يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد”.
وأضاف “وقد اعترضت أثيوبيا في ختام اجتماعات وزراء الريّ على اقتراح بأن تتمّ إحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث كفرصة أخيرة للنظر في أسباب تعثّر المفاوضات والبحث عن حلول للقضايا محلّ الخلاف”.
ويوفر النيل 90 بالمئة من مياه الشرب والري التي تحتاج إليها مصر، البالغ عدد سكانها 100 مليون نسمة.
ضغوط أميركية:
وأكّدت الولايات المتحدة، الي تراقب المباحثات مع الاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا، الأهمية الإقليمية للنيل في رسالة موجهة إلى إثيوبيا.
وكتب مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض على حسابه على تويتر أنّ “257 مليون شخص في شرق إفريقيا يعتمدون على إثيوبيا لإظهار قيادة قوية وهو ما يعني التوصل لاتفاق عادل”.
وأضاف أنّ “المسائل التقنية تم حلّها … حان وقت التوصل لاتفاق حول سد النهضة الاثيوبي العظيم قبل ملئه بمياه نهر النيل”.
وجاء انخراط واشنطن في المفاوضات في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت بطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجهه إلى نظيره وحليفه الأميركي دونالد ترامب.
ونهاية شباط/فبراير، أعلنت وزارة الخزانة الاميركية التوصل الى اتفاق ودعت اثيوبيا الى توقيع الاتفاق الذي عدّته مصر “عادلا ومتوازنا”.
واتهمت اثيوبيا الولايات المتحدة بأنها “لا تتحلى بالدبلوماسية” وتحابي أطرافا معينة في محاولتها حل الخلاف بشأن سد النهضة.
وردا على تغريدة مجلس الأمن القومي، قال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إنّ حكومته “أظهرت باستمرار قيادة في موقفها من استخدام عادل ومتساو لمياه النيل”.
وقالت الناطقة الرسمية باسم آبي بيلين سيوم إنّ “إثيوبيا تؤكد حقها في ملء وتشغيل السد استنادا إلى إعلان مبادئ سد النهضة الاثيوبي العظيم”، في إشارة إلى اتفاق تم توقيعه بين الأطراف الثلاثة في العام 2015.
وحذّرت مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل من إنه في حالة عدم التوصل لاتفاق خلال الاسابيع المقبلة وبدأت إثيوبيا في ملء خزان السد سيؤدي ذلك “لتصاعد التوترات بين الدول الثلاث ما يزيد صعوبة توصلها لتسوية”.
وقالت المجموعة إنّ “بدء موسم الأمطار الموسمية الطويل في إثيوبيا يجعل ضرورة التوصل لاتفاق أكثر إلحاحا”.