كان روبرتو بوريوني، من أوائل العلماء الذين دقوا ناقوس الخطر في إيطاليا بشأن تفشي فيروس كورونا المستجد، إلا أن رسائله لم تحظَ باهتمام يذكر في البداية.
أما الآن، فإنه يحذر باقي أنحاء أوروبا من ارتكاب نفس الخطأ. وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية: «لا تستهينوا بالخطر. فقد استهانت إيطاليا لمدة أسبوع، وقال البعض عن الأمر إنه مجرد إنفلونزا، وقال طبيب، بطريقة غير لائقة تماماً، إن الأمر سينتهي في غضون أسبوعين».
ويشار إلى أن بوريوني (57 عاماً) هو أستاذ في علم الأحياء الدقيقة وعلم الفيروسات بجامعة «فيتا – سالوت سان رافاييل» في ميلانو، كما أنه أشهر عالم فيروسات في إيطاليا.
وبينما تسير إسبانيا وفرنسا والنمسا على خطى إيطاليا في اتخاذ الإجراءات الصارمة لاحتواء تفشي المرض، يقول بوريوني إن الوقت قد حان لأوروبا كلها لتحمل المسؤولية.
وأكد على أنه «من المهم للغاية بالنسبة لأوروبا أن تظهر بعض الوحدة. إننا نحتاج إلى نهج مشترك، إنه وقت نحتاج فيه للعمل سوياً… وإلا، فما الفائدة من اتحادنا (الأوروبي)؟».
وحذر بوريوني أنه من دون اتخاذ إجراءات احتواء صارمة في أنحاء القارة، فقد تنجح دولة في محاربة الفيروس بنجاح، ثم تصاب مرة أخرى بالعدوى من الجيران الذين اتخذوا نهجاً رخواً.
ويقول الأستاذ الجامعي إن الخطر «واضح». وأكد على أنه «يتعين بذل أقصى جهد مطلوب في جميع أنحاء أوروبا، بما أنه لا توجد منطقة واحدة في إيطاليا لا تتطلب بذل أقصى جهد (لمكافحة الفيروس)».
ويتفق بوريوني مع التحذير الشديد للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بشأن احتمال إصابة ما يصل إلى 60 أو 70 في المائة من سكان ألمانيا بالمرض، مضيفاً: «تذكروا أنه فيروس جديد لا توجد مناعة ضده».
من ناحية أخرى، أعرب العالم الإيطالي عن إصابته بالذهول بسبب قرار بريطانيا بشأن معالجة تفشي المرض من خلال السماح بانتشاره بين أغلب المواطنين، واتخاذ إجراءات الحماية مع الفئات الأكثر عرضة للخطر فقط.
أما بشأن التوقعات التي تفيد بأن الطقس الأكثر دفئاً خلال فصلي الربيع والصيف سوف يساعد في احتواء تفشي الفيروس، يقول بوريوني إنه لا يجب الاعتماد على ذلك، مضيفاً: «نحن فقط لا نعرف».
وكان قد نشر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في وقت سابق من الشهر الجاري، أعرب فيها عن غضبه من مواطنيه الذين ما زالوا يتجمعون في الميادين والشواطئ، وحتى في متنزهات التزلج، في عدم وعي منهم بمخاطر عدوى فيروس «كوفيد – 19».
ويقول عن إجراءات العزل غير المسبوقة التي فرضتها الحكومة الإيطالية خلال الأيام الماضية: «لدي شعور الآن بأن الإيطاليين قد استفاقوا أخيراً على حالة الفوضى التي نعيش فيها الآن».
يذكر أن الوضع في إيطاليا قد نما بوتيرة سريعة بدرجة مقلقة، حيث زادت حالات الإصابة من نحو 1700 في الأول من مارس (آذار) الجاري إلى أكثر من 21 ألف حالة أول من أمس السبت.
وقد سجلت إيطاليا حتى الآن 1809 حالات وفاة و24 ألفاً و747 حالة إصابة. وبينما كانت الحكومة في أواخر فبراير (شباط) الماضي ما زالت تصر على أن البلاد آمنة للسياح والمستثمرين الأجانب، أصبحت إيطاليا كلها الآن منطقة محظورة.
وقد تم إغلاق المدارس والمطاعم والمقاهي ودور السينما ومعظم المحلات التجارية بإيطاليا، كما طُلب من المواطنين عدم الخروج إلا من أجل شراء مستلزماتهم من البقالة أو الاحتياجات العاجلة الأخرى. ويقول بوريوني: «لا يمكننا أن نقول (متى ستتحسن الأمور). إن الوضع يتطور، ونحن نقوم بما يجب القيام به، ونأمل أن نرى بعض النتائج في الأيام القليلة المقبلة».