فيما وصف بأنه أكبر تحوّل علني في النظرة السعودية من الملف اليمني، فجّر الضابط المتقاعد في الجيش السعودي، العميد حسن الشهري، مفاجأة من العيار الثقيل، بتصريحات ألقاها خلال ندوة نقاشية عقدت مؤخراً في الرياض، وحضرها عدد من الشخصيات السعودية واليمنية.
وحول نظرته لسبل حل الملف اليمني خرج الشهري بتصريحات “كارثية” طالب فيها بحل الجيش الوطني الموالي للحكومة اليمنية الشرعية، المعترف بها دولياً.
وفي هذا الصدد قال: “لابد من حل كامل الجيش الوطني ، ابتداءاً بمعالي وزير الدفاع محمد المقدشي حتى آخر جندي تخرج من المراكز التدريبية التابعة للجيش”.
وزعم الشهري، وهو ضابط مشهور بعلاقته الوطيدة مع نظام أولاد زايد في دولة الإمارات، بأن رؤيته للحل في اليمن مستندة على بنود اتفاق الرياض، الموقع في 5 نوفمبر الماضي بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الإنفصالي الخاضع لسيطرة أبوظبي.
وتابع سرد نقاط رؤيته للحل، بالمطالبة بـ “الحد من نفوذ حزب التجمع اليمني للإصلاح” في الحكومة اليمنية والجيش الوطني، كما دعا لتمكين حزب المؤتمر في السلطة الشرعية”.
وشدد في هذا النقطة قائلا: لابد أن نكون واضحين.. يجب احتواء حزب المؤتمر وإعادة إنعاش وجوده في الشرعية.
لم تتوقف تصريحات الشهري عند هذا المستوى من “التهريج” بحسب مراقبين، بل زاد الطين بلة وزاد في حمقه وسفهه بالزعم بأن من سيستعيد صنعاء والمناطق الشمالية لليمن هم أبناء الطائفة الزيدية.
* وزارة الدفاع تستنكر
من جهتها، استنكر وزارة الدفاع اليمنية، الاثنين، تصريحات العميد السعودي الشهري، ووصفها بالمسيئة، والتي تمس القيادة الشرعية والجيش الوطني والسيادة اليمنية وتتناقض مع أهداف عاصفة الحزم والقرارات الأممية، ومع تعهدات والتزامات المملكة العربية السعودية.
وقال مصدر مسئول بالوزارة أن عملية بناء القوات المسلحة اليمنية هو حق وطني وجزء سيادي للدولة اليمنية ينبغي احترامه، ولا يجوز التدخل فيه أو الإساءة له، وفق سبتمبر نت.
واستغرب المصدر من تزامن هذه التصريحات المسيئة مع بدء عمليات تنفيذ بنود “اتفاق الرياض” تحت إشراف السعودية، خصوصا الملحق الخاص بمعالجة وضع التشكيلات المسلحة التي تم بناءها خارج سيطرة الشرعية وخارج مؤسسات الدولة، ونص الاتفاق على دمجها في مؤسسة الجيش والأمن لتكون خاضعة لقيادة وزارة الدفاع.
وأوضح المصدر أن الجيش الوطني يتعرض لحملات تشويه بالشائعات والأكاذيب نتيجة وقوفه في وجه جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ومشاريع الفوضى والخراب وجماعات الإرهاب والتطرف، مؤكداً أن مثل هذه التصريحات لا تخدم سوى الحوثي والمشروع الايراني.
وشدد على أن التورط في مثل هذه الاساءات يعتبر انتقاصًا من تلك تضحيات اليمنيين وجهود دول التحالف، مشيراً إلى أن الضمان الوحيد لاستقرار اليمن وجيرانه وأمن الإقليم يتمثل في الوقوف غلى جانب الشعب اليمني وقيادته الشرعية ومساعدتهم لإعادة بناء دولة مستقرة وآمنة ومؤسسات دستورية وعسكرية وأمنية.
غضب عارم على منصات التواصل
في مقابل هذه التصريحات ضجّت منصات التواصل الاجتماعي بالمواقف المنددة بتصريحات الضابط السعودي، معتبرة إياها تطوراً خطيراً وإساءة بالغة للشعب اليمني في معركته المصيرية التي لا يدافع فيها عن اليمن فحسب بل عن الجزيرة العربية كلها والسعودية على وجه الخصوص أمام تغوّل المشروع الإيراني في المنطقة.
أولى ردود الأفعال وأبرزها صدرت عبر القيادي بحزب المؤتمر، المحامي مهدي المسوري، والذي شن بدوره هجوماً كبيراً على الضابط السعودي، عبر مقال بعنوان “مداخلة حسن الشهري الكارثية”، وتداولته عدد من وسائل الإعلام.
ووجه المسوري تساؤلات تقريعية للشهري باعتباره عسكرياً سابقاً، قائلاً: يطالب لشهري بحل الجيش من وزير الدفاع حتى أصغر جندي.. ألا يدرك خطورة ما يقول؟!
وتابع: من قال أن المجتمع اليمني سيقبل بالزيدية والحوثي أصلاً يدعي أنه جزء منها.. ثم إن طرح هذه الحلول والدعوات المذهبية والمناطقية أمر غير مجدي، بل معالجة الاختلالات والتركيز على معركة اليمنيين ضد الكهنوت.
وزاد من حدة السخرية تجاه تصريحات الشهري قائلاً: تتحسر على عدم حسم المعركة طوال خمسة أعوام ضد الحوثي ولولا توقف الجبهات لكنا جميعاً في صنعاء، لكنك تهرف بما لا تعرف.
https://twitter.com/MohAlmaswari/status/1198931148099014656
من جهته ارتأى الصحفي اليمني أنور نصر أن الأولى بالتقريع هو وكيل وزارة الإعلام للشئون الصحفية، نجيب غلاب، والذي كان حاضراً جوار العميد الشهري أثناء تصريحاته الاستفزازية.
وتابع نصر: غلاب لم ينبس ببنت شفه بل وترك للشهري نفساً طيلاً للإساءة.
لاعتب ولاملامة من تصريحات العميد في الجيش السعودي حسن الشهري المسيئة بحق الجيش اليمني مطالبا مالا يصدقه العقل بل العتب والملامة تقع على وكيل وزارة الإعلام للشؤون الصحفية نجيب غلاب الذي كان يقعد معه على نفس الطاولة وعلى مرأى ومسمع منه لم ينبس ببنت شفة بل وترك له نفسا طويلا للإساءة
— أنور نصر (@AnwarNasr_) November 25, 2019
وقال مستشار وزارة الإعلام، مختار الرحبي، أنه من غير المقبول أن ينال “المعتوه الشهري” أو أي غيره من الجيش الوطني، وأن يمارس دور الوصاية على اليمنيين، بحسب تدوينة له على تويتر.
هل يقبل المعتوة حسن الشهري ان تتحدث عن الجيش السعودي وعن القيادة السعودية بمثل ما يتحدث به عن جيشنا اليمني الوطني البطل وعن قيادتنا الرشيدة قطعا لن يقبل ذلك ونحن لن نقبل أن يأتي هذا المعتوة او غيرة لينال من ابطال قواتنا المسلحة ويمارس دور الوصاية ليقول ماذا يجب ان نعملة.
— مختار الرحبي (@alrahbi5) November 25, 2019
أما الإعلامي محمد الضبياني فقد وصف الشهري بالزاعق والناعق مطالباً بإسكاته.
اسكات هذا الناعق الزاعق أفضل ..
— محمد الضبياني M.Aldhabyani (@maldhabyani) November 26, 2019
* خونة في بلاط الملك السعودي
من جهته قال الصحفي أحمد عبدالرقيب أن الأطروحة التي صدرت عن الشهري لم تعد بمستغربة في ظل أصوات “نشاز” تصدر بين الفينة والأخرى من داخل الرياض.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ (عدن نيوز): ” في الآونة الأخيرة بدأنا نسمع ونقرأ لشخصيات سعودية بارزة وأهم بكثير من عديم القيمة “الشهري” تروّج لأفكار خبيثة هدفها تقويض الدولة اليمنية.
وتابع: لا تزال تصريحات الكاتب السعودي البارز تركي الحمد المنادية بانفصال وتشرذم اليمن ماثلة للعيان، كما أن صحيفة عكاظ تنشر وبشكل شبه يومي للكاتبة السعودية نورا المطيري مقالات طافحة بالكراهية لليمن.
مضيفاً: نحن أمام حالة شديدة من الإنحراف في بوصلة المعركة. لقد استطاع الإمارات زراعة العديد من المخبرين في قلب بلاط الملك السعودي، ولا مؤشرات بأن أحداً سيردعهم.
* تنصّل سعودي من تصريحات الشهري
بدورها تنصلت الجمعية السعودية للعلوم السياسية من تصريحات الشهري، مشيرة بأن ما أدلى به في الحلقة التي نظمتها تمثل وجهته الشخصية فقط.
وأضافت: لا تعبر آراء المذكور إلا عن نفسه ولا تعبر عن رأي الجمعية ولا الحلقة النقاشية وتوصياتها.
في سياق مماثل تنصل الكاتب السعودي البارز سليمان العقيلي، وهو عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية تصريحات الشهري. ومن اللافت أنه لم يسمّه بالاسم بل أشار إليه بـ “أحد الزملاء”، وهو أسلوب لتصغير قيمة المتحدث عنه.
توضيح
بصفتي عضوآ في مجلس ادارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية التي نظمت امس حلقة نقاشية عن تجريف الحوثيين للهوية اليمنية
اوضح ان المقطع الذي انتشر بوسائل التواصل لاحد الزملاء المحللين يعكس وجهة نظر تخصه ولا يعبر عن وجهة نظر الجمعية ولا الحلقة النقاشية وليس مدرجا بتوصياتها.— سليمان العقيلي (@aloqeliy) November 25, 2019
من جانبه أكد محافظ محافظة المحويت، الدكتور صالح سميع، تلقيه عشرات الاتصالات من شخصيات سعودية مرموقة استنكرت تصريحات الشهري وأكدت أنه شخصية غير وازنة، و “باحث عن شهرة” وضيع القيمة.
أتتني رسائل كثيرة من شخصيات سعودية ذات وزن معتبر وسمعة تفوح مسكا ، وكلها تدين وتسخر من #حسن_الشهري ، وأنه مجرد شخص باحث عن شهرة بصرف النظر عن فساد مصادرها كما فعل تجاه رموز الدولة ونظام شرعيتها وجيشها الوطني ، وأنه لا يمثل إلا نفسه فقط …
إطمئنوا الدنيا ما زالت بخير— د صالح حسن سميع (@SSumie56) November 26, 2019
* وضيع يبحث عن شهرة
ويرى الكاتب اليمني سام الغباري أن وزارة الدفاع اليمنية لم تكن بحاجة للرد على الضابط السعودي الشهري “لأنه أصلاً لو كان نافعاً لم قاعدوه”، بحسب تغريدة له علة تويتر.
وتابع: هو مجرد متحاذق من عهد ستالين فشل في إدارة أعماله، فتحول إلى مُنظّر يثير الضجيج ليقول “أنا هنا”.
لم يكن مسؤول وزارة الدفاع اليمنية بحاجة للرد على "المتقاعد" حسن الشهري، لأنه أصلًا لو كان نافعًا لما "قاعدوه"
مجرد متحاذق من عهد #ستالين فشل في إدارة أعماله، فتحول إلى مُنظّر يثير الضجيج ليقول "أنا هنا"، وحين يأمل أنه قد حصد الإعجاب تواجهه صيحات الاستهجان، وأرى أن إسكاته أفضل
— سام الغُباري (@SAlghobari) November 26, 2019
أما الرحبي فقد وصف الشهري بالمعتوه والنكرة الذي لا يعرفه أحد ولا يأبه به أحد. مشيراً إلى أنه يعاني من عدم القدرة على التعبير عن القضايا الداخلية للسعودية ويحاول تعويض ذلك الكبت بإصدار تصريحات عبثية حول الملف اليمني.
للاسف الشديد أمثال الشهري وغيره تسلقوا على ظهر القضية اليمنية بعد أن كانوا نكرات لا أحد يعرفهم ولا يستطيعون الحديث عن قضاياهم الداخلية لذلك يهربون الى القضية اليمنية حيث يجدون مساحة للعبث في الملف اليمني والنيل من رموز وقيادات اليمن وتاريخ اليمن .
— مختار الرحبي (@alrahbi5) November 25, 2019