تشير الكثير من المعطيات والمعلومات إلى محاولة دولة الإمارات التأثير في المظاهرات الشعبية بالعراق، التي انطلقت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولا تزال قائمة، للمطالبة بالقضاء على الفساد وإنهاء البطالة وتحسين الخدمات.
وقالت مصادر سياسية طلبت عدم الكشف عن هويتها في حديث لـ”عربي21″ إن “الإمارات حاولت مع انطلاق المظاهرات الشعبية، تنفيذ انقلاب عسكري كانت قد خططت له، ويقوده عدد من الضباط في جهاز مكافحة الإرهاب وقادة بالحشد الشعبي استطاعت المخابرات الإماراتية استمالتهم”.
وأوضحت أن “السلطات العراقية حيّدت (ع.ا.س) وهو قائد أحد الأجهزة المهمة في الجيش قبل انطلاق المظاهرات في 1 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، ونقلته إلى وزارة الدفاع بعد ورود معلومات أن له دور في انقلاب محتمل”.
وكان رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، قد أصدر قرارا بتنحية هذا القائد في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، واتهمه من دون ذكر اسمه بالتواصل مع سفارات دول أجنبية، وطالبه بتنفيذ قرار الانتقال لوزارة الدفاع دون أي نقاش.
وعقب ذلك أطلق كفاح محمود المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني تغريدة مثيرة على حسابه في “تويتر” قال فيها: “انتهت عملية تصنيع (سيسي عراقي) بعودة الجنرال إلى بيت الطاعة”.
وأكدت المصادر السياسية، أن “حملة الاعتقالات طالت خمسة من قيادات الحشد الشعبي أحدهم (أ. ع) مستشار رئيس الحشد الشعبي، بعد وصول معلومات أكدت تواصله مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان والذي يعمل مستشارا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد”.
وبحسب معلومات المصادر، فإن “(أ.ع) تواصل مع طحنون بن زايد ومحمد دحلان اللذين يديران غرفة عمليات لمتابعة المظاهرات الشعبية في العراق ومحاولة التأثير فيها”.
وكشف “راديو صوت العراق”، أمس الأحد، عن اعتقال خلية تابعة للإمارات في العراق، كانت تهدف إلى التأثير في التظاهرات الجارية حاليا، من بين أفرادها أشخاص يحملون الجنسية اللبنانية.
وأشار إلى أن الخلية مرتبطة مباشرة بمستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، وتدير أنشطة تستهدف الدولة العراقية، مشيرا إلى أن شقيق ولي عهد أبو ظبي يجري حاليا اتصالات عبر أطراف غربية لتسوية القضية.
“مجلس عسكري”
وخلافا للمطالب العشرة التي تقدم بها المتظاهرون العراقيون في ساحة التحرير وسط بغداد عبر صحيفتهم الورقية التي أطلقوا عليها اسم “تكتك”، نشر موقع “بغداد بوست” المدعوم من الإمارات، مطالب أخرى نسبها للمتظاهرين، كان من أبرزها: تشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد خلال مرحلة انتقالية، وفصل الدين عن الدولة وإبعاد رجال الدين عن العمل السياسي.
ومن المعروف عن “بغداد بوست” هجومه المتكرر على ثورات الربيع العربي والدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل.
وأكدت المصادر السياسية، أن السلطات العراقية تعتقد أن قناتي العربية والحرة، هي من أبرز القنوات التي تنفذ خطة الإمارات في محاولة الدخول على خط المظاهرات والتأثير في مساراتها والتركيز على ضرورة الاتيان بحاكم عسكري لإدارة شؤون البلاد.
دعم مالي
ورغم أن الحكومة العراقية لم تصرح رسميا وتتهم دولا بعينها بخصوص المظاهرات، إلا أن قيس الخزعلي زعيم مليشيا “عصائب أهل الحق” على ما يبدو تكفل بهذه المهمة، حيث قال في مقابلة تلفزيونية، أمس الأحد، إن “دولة الإمارات تدعم المظاهرات بالأموال ورئيس الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية على علم بذلك”.
وقال الخزعلي، إن “الأطراف الخارجية المشاركة في محاولة إثارة الفوضى والاقتتال الداخلي هي إسرائيل وأمريكا والإمارات التي أكد أن دورها أصبح أقوى من السعودية.”
وتعليقا على كلام الخزعلي، قالت المصادر لـ”عربي21″ إن “الحكومة العراقية وصلتها معلومات من المخابرات الإيرانية، تفيد بأن أحد الشخصيات في الرئاسات الثلاثة كان ينفذ المخطط الإماراتي وبمثابة حلقة وصل والضباط وعدد من قادة الحشد الذين كانوا يحاولون تنفيذ انقلاب عسكري”.
وقالت مصادر عراقية على إطلاع على المظاهرات لـ”عربي21″ إن التدخل الإماراتي يسعى للاستفادة من الزخم الشعبي للمظاهرات، ولمنع حدوث تغيير حقيقي يلبي مطالب المتظاهرين، من خلال تدبير انقلاب عسكري يستفيد من المظاهرات الشعبية العفوية.
وكان المحلل السياسي العراقي عمر المشهداني، قد ألمح أيضا في ندوة سابقة عقدتها “عربي21” إلى دور إماراتي لدى قيادات محسوبة على الحشد الشعبي بالعراق، بهدف محاولة لشق صفها واللعب على تناقضاتها، مشيرا إلى أن بعض عناصر الحشد تأثروا بالمال الإماراتي والخليجي.
وخرج العراقيون بمظاهرات عارمة مطلع تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، تطالب بإنهاء الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل، وبعد توقف لمدة أسبوع بمناسبة “أربعينية الحسين” استؤنفت الاحتجاجات في 25 من الشهر ذاته، مخلفة أكثر من 250 قتيلا وقرابة الـ10 آلاف جريح، كحصيلة للشهر الماضي.