حذر تقرير نشره معهد “ستراتفور” الأمريكي من أن الاختلاف المستمر بين المصالح الجنوبية ـ التي عملت معها الامارات وقدمت لها الدعم ـ وبين الجهد الحربي الكلي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن قد يؤدي إلى بروز موجة انفصالية جديدة أو حتى إشعال فتيل الصراع داخل الحكومة اليمنية.
وأضاف في التقرير ” بأن الانسحاب الاماراتي من اليمن -والذي تحدثت عنه تقارير مؤخراً- ليس انسحابًا كاملاً: إذ أوضح بأن المصادر في اليمن تشير إلى أن قوات الإمارات لم تخفض من جهودها في محاربة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة والدولة الإسلامية في المناطق المحررة.
وفي بعض مناطق الخطوط الأمامية حيث يستمر القتال النشط مثل بيحان في شبوة يبدو بأن التواجد الإماراتي لم ينخفض على الإطلاق.
واستدرك التقرير بالقول “بأن الامارات وعلى الرغم من سحبها جنودها من النزاع اليمني قد عملت على تطوير بنية تحتية عسكرية كبيرة في جميع أنحاء منطقة البحر الأحمر الجنوبية وخليج عدن وإنشاء قواعد لاستضافة الأصول البحرية والجوية والبرية لها في أماكن مثل جزيرة ميون اليمنية وعصب ففي إريتريا وبربرة في جمهورية ارض الصومال (الغير معترف بها) وبوساسو في بونتلاند.
منذ عام 2015 والتحالف المؤلف من الإمارات والسعودية ودول أخرى يقدم الدعم للكفاح من أجل دفع حركة الحوثيين المتمردة في اليمن إلى معاقلها الأصلية.
وإلى جانب توفير القوات والعتاد والقوة الجوية اللازمة سعت أبو ظبي دائمًا إلى تحقيق أهداف وغايات مختلفة قليلاً في اليمن.
حيث عدل الإماراتيون تموضع قواتهم للتركيز على العناصر الإرهابية في البلاد على حساب القتال في الخطوط الأمامية ضد الحوثيين وهو ما شجع أبو ظبي لاستدعاء قواتها الفائضة في وقت لم تكن فيه بصمة الإمارات في المنطقة أقوى مما هي عليه اليوم.
بدأت تقارير تتحدث عن قيام الوحدات الإماراتية داخل التحالف المناهض للحوثيين بسحب قواتها ومعداتها العسكرية من اليمن منذ عدة أشهر. حيث يبدو أن الإمارات العربية المتحدة تعمل على تقليص وضعها العسكري في البلاد بهدف إخراج نفسها من الصراع الجاري في اليمن.
لماذا يعد ذلك مهماً؟
في هذه المرحلة يؤثر الانسحاب التدريجي للقوات الإماراتية في الغالب على جبهة الحديدة الممتدة على طول الساحل الغربي لليمن. حيث كانت هذه واحدة من أكثر المناطق القتالية نشاطًا بالنسبة لقوات الإمارات الى أن استقر انسحاب الحوثيين الذي تسهله الأمم المتحدة من مدينة الحديدة الساحلية جزئياً في المنطقة.
ولطالما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة حذرة من دخولها في حرب شاملة وسط اليمن. إذ أنها وبدلاً من ذلك ركزت على التعاون مع جهات فاعلة محلية معظمها في جنوب اليمن حيث طورت القوات الإماراتية علاقات وثيقة مع العناصر القبلية المحلية هناك.
ومن خلال إنشاء شبكة من القواعد لدعم مشاركتها في الحرب الأهلية في اليمن عززت دولة الإمارات نفسها ضمن دور أمني إقليمي جديد لم يكن موجودًا قبل مشاركتها في حملة التحالف في اليمن.
وعلى الرغم من أن الإمارات ساعدت في خلق الزخم منذ وقت مبكر من عمليات التحالف -من خلال نشر قوات محترفة ومجهزة تجهيزًا جيدًا وأبدت استعدادها لتدريب المقاتلين المحليين – إلا أن مشاركتها النشطة تضاءلت مع مرور الوقت مع تجاوز خطوط القتال وتمددها الى مناطق خارج تلك التي كانت فيها قوات الإمارات أكثر انخراطاً بصورة مباشرة.
ونتيجة لذلك من غير المرجح أن يؤثر أي خفض لعدد الأفراد على المناطق التي تتمتع بجبهات قتالية مستقرة تتمسك بها قوات أخرى على الرغم من أن قوات التحالف المتبقية ستواجه التحدي الكبير المتمثل في إحراز تقدم ضد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وسط اليمن.
خلفية المشهد:
ورغم تخليها عن لعب دور في خطوط المواجهة النشطة في الصراع، إلا أن الإمارات استطاعت اكتساب موقع مؤثر مع تطور الحرب الأهلية في اليمن.
ومن خلال العمل عن قرب مع المجموعات الجنوبية، التي لا تتماشى بالضرورة مع الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، اكتسب الإماراتيون قدرة أكبر بكثير على العمل في المناطق التي يتواجد فيها تنظيم “القاعدة” وبعض فروع تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويمكّن هذا الإمارات من مواصلة قمعها الفعال للنشاط “الإرهابي”، حتى في الوقت الذي تقلل فيه من أثرها العسكري الشامل.
وقد يؤدي الاختلاف المستمر بين المصالح اليمنية الجنوبية والجهد الحربي الشامل ضد الحوثيين إلى موجة جديدة من التحركات الانفصالية أو حتى إشعال الصراع داخل الحكومة اليمنية نفسها. ورغم من سحب أفرادها من النزاع طورت الإمارات بنية تحتية عسكرية مهمة في جميع أنحاء المنطقة الجنوبية على ساحل البحر الأحمر وخليج عدن مع بناء قواعد لاستضافة الأصول البحرية والجوية والبرية في أماكن مثل جزيرة “بريم” في اليمن وعصب في إريتريا و”بربرة” في صوماليلاند و”بوصاصو” في بونتلاند.
وأدت شبكة القواعد هذه إلى إكساب الإمارات دور ضابط أمن إقليمي جديد لم يكن موجودا قبل مشاركتها في التحالف في اليمن. وقد مهد هذا الدور أيضا الطريق إلى مشاركة أعمق في ليبيا حيث تم نشر القوات والأصول الإماراتية. لذلك بصرف النظر عن مستقبل الوجود الإماراتي في النزاع اليمني، فقد وضعت أبوظبي نفسها بالفعل كممثل أمني حاضر وملحوظ في المنطقة الأوسع.