لطالما كان الشهيد محمد صالح طماح، رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية السابق، واحداً من قلائل في المشهد الجنوبي، لم تستطع دراهم العمالة الإماراتية من شراء ولاءاتهم لتحقيق أطماعها في منافذ وموانئ اليمن، ولم تستطع كذلك أوهام الانفصاليين في الحكم والسيطرة من النيل من إيمانهم الكبر باليمن الواحد الذي يتسع لجميع الأطياف والمذاهب.
وكغيره من العسكريين الكبار في الجيش الوطني، شهدت حياة اللواء الركن طماح الكثير من الأحداث في ظل المشهد اليمني الذي مر بمنعطفات تاريخية كبرى ابتداءاً بالوحدة اليمنية عام 90م، ثم حرب الانفصال عام 94م، وكذا حروب صعدة الست، وثورة الشباب في 2011م، وآخرها حرب الشرعية ضد الانقلاب الحوثي والتي انطلقت شرارتها فجر السادس والعشرين من مارس 2015م،لا تزال دائرة حتى اليوم.
ويبدو أن القدر يختار أن يكون مشهد الختام لأبرز القيادات الوطنية في الجيش مشهداً تراجيدياً، كالشدادي واليافعي والأبارة، كان كذلك مشهد الختام مع الجنرال طماح، فاستشهد مؤخراً في عملية إرهابية غادرة نفذها سلاح الطيران المسير التابع للحوثيين، ونسق لها حفنة من مرتزقة الداخل التابعين لمجلس الانفصال، وخطط لها قيادات كبرى في دولة الإمارات.
ومنذ الوهلة الأولى للحادثة أدرك اليمنيون أن جماعة الحوثيين لم تكن لتستطيع أية اختراق عسكري ضد مواقع الجيش الوطني على طول الخارطة اليمنية، إلا بمساعدة أبوظبي، خاصة وأن مرتزقتها ينتشرون في كافة مفاصل الدولة الأمنية والعسكرية في المحافظات المحررة.
وكانت أظهرت تسجيلات صوتية نشرت سابقاً بأن الشهيد طماح كان يعتزم فضح الممارسات والانتهاكات الإماراتية العديدة في اليمن، عبر فتح ملف الاغتيالات الذي طال قادة أمنيين وعسكريين وسياسيين ورجال دين في عدن وعدد من المدن الجنوبية في السنوات الثلاث الأخيرة.
ولهذا فقد أصرت الشرعية ومنذ اللحظة الأولى لهجوم العند فتح تحقيق في الحادثة، لمعرفة المتورطين في الاختراق الكبير الذي تسبب في إرباك وتأزيم موقف الشرعية في مواجهة مليشيات الحوثي.
وفي هذا الصدد تشير المعلومات الأولية التي تحصل عليها “عدن نيوز” من مصادر مطلعة اشترطت عدم الكشف عن هويتها بأن لجنة التحقيق في الحادثة توصلت الى تأكيدات قاطعة بضلوع الإمارات وبشكل مباشر في عملية اغتيال طماح، وعلى أكثر من مرحلة.
وأوضحت المصادر أن الإمارات وضعت في وقت سابق خطة رئيسية لاغتيال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، عبر استخدام سلاح الجو المسير للحوثيين، كما أفادت ذات المصادر بأن الخطة نوقشت بين الجانبين (الحوثي وقادة مجلس الانفصال) في العاصمة العمانية مسقط قبل أسابيع، بغرض تنفيذها على أكمل وجه.
وبحسب المصادر فقد وضع هاني بن بريك، نائب رئيس مجلس الانفصال، خطة بديلة لتنفيذ عملية الاغتيال في حال فشل القصف الجوي في تحقيق الهدق، عبر زرع عميل سري بالقرب من الشهيد طماح، حيث يقوم بقتله بمسدس كاتم للصوت، مستغلا حالة الهلع وإسعاف الجرحى الذين سقطوا في الضربة الجوية.
وتشير المصادر الى أن لجنة التحقيق قد توصلت الى هذه المعلومات الحساسة بعد مراجعتها شريط الحادثة المصور، واستماعها لشهادات العديد من شهود العيان، والتقاطها مكالمات صوتية قبل وبعد الحادثة.
وكانت قوات أمنية موالية للإمارات بعدن قد اعتقلت بشكل مفاجئ المصور الصحفي نبيل القعيطي، والذي قام بتسجيل الأحداث بشكل دقيق عبر مقطع فيديو يوثق اللحظات قبل وبعد حادثة العند.
ويظهر في التسجيل عميل محلي يدعى “شارون الضالعي” كان يجلس خلف الشهيد طماح مباشرة قبل لحظات من القصف الحوثي،ويرجح أنه اغتال طماح بمسدس كاتم للصوت عقب فشل الغارة الحوثية.