نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لأستاذة العلوم السياسية في جامعة نيوبورت الدكتورة راتشيل بيتيكوفر، تتناول فيه فرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للفوز بولاية رئاسية ثانية.
وتقول بيتيكوفر في مقالها، الذي ترجمته “عربي21″، إن هناك العديد من المرشحين الكبار من الحزب الديمقراطي الذين أعلنوا عن نيتهم للترشح للانتخابات الأولية لاختيار مرشح الحزب لانتخابات عام 2020، “لكن ماذا إن قلت لكم بأنه إن لم يحدث صدمة غير متوقعة للنظام، فإن نتائج انتخابات 2020 الرئاسية محفورة في الصخر؟”.
وتشير الكاتبة إلى أن “المستوى العالي للتعصب للحزب، وحالة الاستقطاب العالية بين الناخبين، أثرا بشكل كبير على تصرف الأمريكيين، إلى درجة جعلت نتائج الانتخابات قابلة للتوقع”.
وتبين بيتيكوفر أن “التحزب أصبح بالنسبة للناخب الأمريكي أمرا مهما جدا، ومع هذه الديناميكيات السياسية كان بإمكان شخص متهم بالاعتداء الجنسي على مراهقات ونساء شابات بأن يرشح نفسه ويحصل على 90% من أصوات الحزب، كما فعل الجمهوري روي مور، بحسب استطلاع الخارجين من التصويت في انتخابات الشيوخ الخاصة في ألباما عام 2017”.
وتستدرك الكاتبة بأن “عنصرا أساسيا من عناصر الاستقطاب تم تجاوزه: التعصب السلبي للحزب، فالمصوتون من هذا النوع لا يحركهم حبهم لحزبهم، بقدر ما يحركهم بغضهم للحزب المعارض، والتحزب السلبي في العادة يفيد الحزب الذي ليس في الرئاسة؛ لأن الناخبين من الحزب الموجود خارج الحكم يحسون أنهم يعيشون في عالم حيث ما يفضلونه سياسيا موضوع هجوم دائم، أو على الأقل هكذا يبدو”.
وتقول بيتيكوفر إنها ابتكرت للانتخابات النصفية نموذج تنبؤ يقوم على هذه الصيغة من تصرف الناخبين، و”كان هذا النموذج دقيقا كأفضل أنظمة التنبؤ التجارية، وكنت قد توصلت إلى توقعاتي قبل أشهر من الآخرين، وهذا مهم لأنه يخبرنا من الآن ماذا علينا أن نتوقع لانتخابات 2020″.
وتضيف الكاتبة: “تنبأ نموذجي للانتخابات النصفية في 2018 بأن يحقق الديمقراطيون صعودا، وحددت المناطق التي كانت جاهزة لتغيير ممثلها الجمهوري بممثل ديمقراطي، وشجع هذا التحول أمران: أحدهما تقليدي، وهو انتقال الناخب المستقل الساخط بعيدا عن حزب الرئيس، وهو ما حصل في كل انتخابات نصفية منذ عام 2006”.
وتلفت بيتيكوفر إلى أن “الأمر الثاني يمكن تقفي أثره إلى حشد التحزب السلبي لتجميع أعداد كبيرة من المصوتين الديمقراطيين الذين لا يصوتون في العادة في الانتخابات النصفية، وبتحديد المناطق التي يسيطر عليها الجمهوريون، التي تتمتع بتنافسية جيدة بين الحزبين، وبعدد جيد من خريجي الجامعات الذين يمكنهم أن يزيدوا من عدد المصوتين الديمقراطيين، وكنت قد توقعت في تموز/ يوليو 2018 بأن التحزب السلبي ستسمح للحزب الديمقراطي بأن يكسب 42 مقعدا إضافيا ويجتاحون ما يعرف بـ(ريغان كونتري) في أورينج كاونتي في كاليفورنيا”.
وتقول الكاتبة: “كان نموذجي في البداية يبدو ناشزا، لكن مع يوم الانتخابات كانت شركات التنبؤ كلها، بما فيها FiveThirtyEight “classic” forecast وSabato’s Crystal Ball وthe Cook Political Report اتفقت مع ما تنبأت به”.
وتؤكد بيتيكوفر قائلة إنه “بسبب شعورهم بالتهديد الذي تمثله ادارة ترامب، تفاعل الناخبون الديمقراطيون الذين لا يصوتون دائما، خاصة النساء الجامعيات منذ انتخاب ترامب، وسيبقون متفاعلين ما دام التهديد الذي يمثلة قائما. وذهب الناخبون الديمقراطيون المتراخون في الانتخابات النصفية لعام 2010 و2014 والانتخابات الرئاسية لعام 2016، وتم استبدالهم بناخبين ديمقراطيين متحمسين سيحققون الأفضلية البنيوية للديمقراطيين، كما تجسدت في الانتخابات النصفية لعام 2018”.
وتنوه الكاتبة إلى أن “هذه الدفعة لن تكون منتظمة، حيث سيحقق الديمقراطيون مكاسب في المناطق المدنية ذات التعدد الثقافي، التي يوجد فيها متعلمون والولايات التي تميل لليبرالية، وسيخسرون في الولايات الأخرى مثل ميزوري، ومع أن ترامب قد يفوز في أوهايو، وربما فلوريدا مرة أخرى، لكن لا يتوقع أن يكسب ميتشيغان وويسكونسين وبنسلفانيا في 2020، وكل ما تحتاج فعله لتصل إلى هذا الاستنتاج هو أن تنظر لأداء الديمقراطيين في تلك الولايات، ومشكلته هي مع الناخبين المتأرجحين الذين كسبهم في انتخابات 2016، الذين سيحولون أريزونا ونورث كارولاينا، وربما حتى جورجيا، لصالح الديمقراطيين، وستخرج فيرجينيا وكولورادو ونيفادا ونيو هامبشاير من قائمة الولايات المتأرجحة”.
وتؤكد بيتيكوفر أن “انتخابات 2020 الرئاسية تبدو أنها ستكون معركة بين قاعدتي الحزبيين، وقاعدة الحزب الديمقراطي أكبر. فعندما يجتمع لصالحهم العامل الديمغرافي والحماس والولاء للحزب، تؤججه الحزبية السلبية، فإن كفتهم البنيوية ستكون هي الراجحة”.
وتشير الكاتبة إلى أن “نسبة المصوتين في 2018 زادت إلى 12 نقطة أكثر من المصوتين عام 2014، وأعلى من أي نسبة تصويت في انتخابات نصفية منذ عقود، وعادة ما تكون نسبة المصوتين في الانتخابات النصفية أقل من الانتخابات الرئاسية بعشرين نقطة، وكانت 10 نقاط في 2018 عندما وصلت إلى 50% تقريبا، بالنسبة لعام 2016. فليس من غير الممكن أن يتجاوز عدد المصوتين في 2020 أكثر من 65%، وعادة ما يكون الناخبون المشاركون في الدورة الرئاسية للديمقراطيين أفضل من المشاركين في الانتخابات النصفية، كما كان نصيب الحزب الثالث في أدنى مستوياته في انتخابات 2018. ويحقق الحزب الثالث في العادة 3.5%، في الوقت الذي حققوا في 2018 نصف ذلك”.
وتختم بيتيكوفر مقالها بالقول: “سنقضي الواحد وعشرين شهرا القادمة أسرى لانتخابات قد تكون نتيجتها حسمت بسبب الاستقطاب والحزبية السلبية، ويوجد أمام الديمقراطيين طريق مفتوح للبيت الأبيض، ومن الصعب تخيل كيف يمكن لأي رئيس آخر يواجه هذه الظروف ويترشح للانتخابات ثانية، لكن لا حاجة للقول إن ترامب ليس أي رئيس آخر”.
*عربي21