أكّد سياسيون يمنيون أن تصريحات ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بشأن معركة اليمن التي يخوضها التحالف العربي بطلب من الحكومة اليمنية تجدد التوصيف الثابت لطبيعة المعركة الجارية باعتبارها مسألة أمن قومي تخص اليمن والمملكة والخليج والمنطقة برمتها، وتؤكد أنها معركة وجود مشترك.
معادلة أمنية
وحول حسم ولي العهد وتأكيده على الاستمرار في مواجهة الخطر الحوثي الإيراني في اليمن، وإشارته الصريحة إلى أن المملكة لن تخاطر بالأمن القومي لصالح علاقات مع دول أخرى لا تتفهم ذلك، يقول السياسي والخبير الاستراتيجي اليمني عبده سالم ” صحيح هناك بون شاسع بين قضية ذات صلة بالأمن القومي لأي بلد، وقضية أخرى ذات صلة بعلاقات تقليدية مع دولة حليفة، وبالتالي فمن الطبيعي جدا التضحية بالثانية لمصلحة الأولى إذا تطلب الأمر وهذا ما يقوله منطق العقل والأمن والسيادة.
وعلى نحو يعزز من مصداقية وصحة تصريحات ولي العهد وتأكيده على أن اليمن مسألة أمن قومي، يؤكد سالم في تصريحات لصحيفة الرياض، أن المعادلة الأمنية اليمنية السعودية ظلت عبر التاريخ ترتكز على جملة من المحددات التي تجعل من الأمن اليمني أمنا سعوديا ثنائيا تنفرد به المملكة على غيرها باعتبار الأمن الإقليمي في هذه المنطقة شأنا يمنيا سعوديا خالصا، كون اليمن جزءا لا يتجزأ من منظومة الأمن الإقليمي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وهو ما يشير إلى أن ولي العهد في تصريحه كان حاسما في رفض أي معادلة في اليمن من شأنها الإخلال بالأمن القومي.
و يشير سالم إلى أنه من حق الأمن القومي السعودي أن يقلق وهو يشاهد الدولة اليمنية وقد أصبحت بفعل الانقلاب تتشكل تباعا في نظام أمني جديد لا علاقة له ببصمته التاريخية التي تأسس عليها، لا سيما بعد أن عمل الانقلابيون بدعم من إيران على إيجاد معادلة أمنية لا تنسجم مع موقع اليمن الاستراتيجي في المنطقة، فضلا عن أن هذه المعادلة لا تساعد اليمن على الاندماج في محيطه الإقليمي الذي تقوده المملكة كونه جزءا لا يتجزأ من المعادلة الأمنية لمنطقة الجزيرة العربية والخليج.
خلط الملفات
ونبّه السياسي اليمني عبده سالم من أن إدماج الميليشيات الانقلابية للمعادلة الأمنية اليمنية في منظومة الأمن الإيرانية من شأنه إيجاد معادلة نشاز أمني في المنطقة الإقليمية كون المعادلة الأمنية اليمنية أصبحت بفعل هذا الإدماج ذات صيغ أمنية إقليمية مختلفة عن صيغة منظومة الأمن الإقليمي السعودي والخليجي، الأمر الذي من شأنه خلق المزيد من الهواجس الأمنية لدى المملكة والخليج والمنطقة العربية، لافتا إلى أن الميليشيا الحوثية “الوكيل المحلي لإيران” واستخدامها سواء بهدف الإخلالات الأمنية، أو بهدف خلط الملفات الأمنية والديموغرافية في المنطقة، أو بغرض تغيير شكل ولعبة التحالفات الإقليمية في المنطقة لصالح الهيمنة الإيرانية يعد هو الآخر تهديداً أمنياً مباشراً لمنظومة الأمن الإقليمي بقيادة المملكة.
ويضيف سالم أن المملكة العربية السعودية أصبحت وتحت دواعي الأمن القومي الإقليمي مطالبة من الشعب اليمني وقواه السياسية بسرعة العمل من أجل التوصل إلى صيغة مشتركة يتم بموجبها سرعة إنهاء الانقلاب المدعوم إيرانيا واستعادة السلطة الشرعية، وإعادة بناء الدولة اليمنية على النحو الذي يحفظ لليمن بصمته التقليدية التي تنسجم وتتسق مع منظومة الأمن الإقليمي لجيرانها في المملكة وذلك بالتنسيق المباشر مع الأمم المتحدة، وبرنامج أصدقاء اليمن وفقاً لمخرجات الحوار الوطني ومصفوفة مؤتمر لندن الذي رعته المملكة كدولة راعية ومانحة لهذا المشروع، مع تحمل مسؤوليتها الكاملة في إعادة بناء القوات المسلحة اليمنية تدريباً وتسليحاً وتأهيلاً.
وحذر سالم من أي مقاربات دولية للوضع في اليمن بعيداً عن متطلبات منظومة الأمن الإقليمي السعودي واستحقاقات الجوار، مؤكدا على ضرورة تزايد الضغط على الانقلابيين وتسريع عملية الحسم، كون استمرار حرب ميليشيا الحوثي الانقلابية التابعة لإيران، يشكل تهديداً خطيراً على الأمن القومي لليمن والسعودية ويدفع نحو انهيار تام للدولة اليمنية، ويتيح تغلل النفوذ الفارسي الإيراني، وقد كان تصريح ولي العهد واضحا في تأكيده على أن المملكة لا تريد حزب الله جديدا في اليمن، وأن ذلك خط أحمر.