شهدت الجلسات الختامية للمؤتمر السنوي لحزب “العمال” البريطاني، في مدينة ليفربول، أمس الثلاثاء، لحظة لافتة في الدعم الشعبي لحقوق الشعب الفلسطيني، حيث تحوّلت قاعة المؤتمر إلى “بحر” من الأعلام الفلسطينية، مع تعهد قيادة الحزب بالاعتراف بدولة فلسطينية، في حال وصولها إلى رئاسة الحكومة.
وأقرّ ممثلو المجموعات العمالية، في جلسة تعد الأولى من نوعها، قراراً يقضي بتجميد بيع الأسلحة لإسرائيل، وذلك رغم الضغوط التي تعرّض لها حزب “العمال”، في الأشهر الماضية، في إطار أزمة معاداة السامية، والتي تحولت في إحدى المراحل إلى انتقاد مباشر لدعم جيريمي كوربن للقضية الفلسطينية.
وينص القرار غير المسبوق على أنّ “أغلبية الشعب الفلسطيني قد طردوا من منازلهم” خلال النكبة، ويدين “المحاولات العدوانية لإعادة كتابة التاريخ ومسح ضحايا حرب عام 1948”.
كما طالب المؤتمر “بتحقيق دولي مستقل باستخدام إسرائيل العنف ضد المتظاهرين الفلسطينيين في (مسيرات العودة)، ونهاية فورية وغير مشروطة للحصار غير القانوني على غزة، وتجميد مبيعات الحكومة البريطانية من الأسلحة لإسرائيل”.
وكانت حملة “التضامن مع فلسطين”، قد وزعت أكثر من ألف علم فلسطيني على الحضور في المؤتمر، ليتم رفعها خلال نقاش دعم حزب “العمال” للقضية الفلسطينية، بينما هتف المئات من الحضور “الحرية لفلسطين” في قاعة المؤتمر.
ودان المؤتمر التحرّك الأميركي لقطع المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين، وأقرّ مطلباً من قيادة الحزب بوقف فوري لمبيعات الأسلحة لإسرائيل، حتى صدور نتيجة تحقيق دولي مستقل عن قتل إسرائيل لمتظاهرين فلسطينيين في غزة، في 30 مارس/آذار الماضي.
وكانت إسرائيل قد قتلت أكثر من 170 فلسطينياً في غزة، منذ انطلاق “مسيرات العودة”، نهاية شهر مارس/آذار الماضي. ومن بين الفلسطينيين الذين سقطوا بنيران الاحتلال الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، مسعفون وصحافيون ونساء وأطفال، بينما كان أكثر من نصف الإصابات ناجما عن عيارات نارية من أسلحة قناصة، عند اقتراب المتظاهرين من سياج الحدود الإسرائيلي.
وعلّق هيو لاننغ، من “حملة التضامن مع فلسطين”، قائلاً “لقد شهدنا تضامناً استثنائياً، وقام حزب العمال بالأمر الصواب من خلال الإقرار بالخروقات الإسرائيلية المستدامة لحقوق الفلسطينيين”.
وأضاف “هذه خطوة مهمة تجاه بناء التضامن مع الفلسطينيين في صفوف حزب العمال، ونأمل أن تنصت قيادة الحزب لهذه القضية”.
بدوره، قال مدير “حملة التضامن مع فلسطين”، بن جمال، إنّ “هذا الكم المثير من الدعم، وهذا القرار التاريخي يعكس قوة المشاعر على مستوى القواعد الحزبية. يريد أعضاء حزب العمال إظهار تضامنهم مع الفلسطينيين”.
وتابع بقوله “وعند النظر إلى استمرار استخدام إسرائيل للنيران الحية في قتل المتظاهرين الفلسطينيين السلميين، فإنّه ليس بالمفاجئ أن نرى هذا الدعم للوقف الفوري لمبيعات الأسلحة لإسرائيل”.
وفي الوقت عينه، اعتبرت إيملي ثورنبيري، وزيرة الخارجية في حكومة الظل العمالية، أنّ “المعادين للسامية في صفوف الحزب يستخدمون القضية الفلسطينية لنشر الكراهية ضد اليهود”، مطالبة بطردهم منه.
وقالت “جميعنا ندعم القضية الفلسطينية، وجيمعنا ملتزمون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. أقف هنا أمامكم من دون تردد مدينة حكومة بنيامين نتنياهو لسياساتها العنصرية، وأفعالها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني”.
وأضافت “ولكنّي أعلم أيضاً، ويجب علينا جميعاً أنّ نقر، بأنّ هناك مجموعة من الأفراد المقززين على هوامش حركتنا، والذين يستخدمون الدعم الشرعي لفلسطين كعباءة وغطاء لكراهيتهم القبيحة للشعب اليهودي، ورغبتهم في رؤية إسرائيل مدمرة”.
وكان ممثلان عن حزب “العمال” في هارلو وولفرهامبتون، قد تقدّما بطلب لمناقشة القضية الفلسطينية أمام المؤتمر، حيث تمت مناقشتها بعد قضايا الإسكان ونظام المدارس وقضية “ويندراش” (المهاجرون غير الشرعيين من منطقة حوض الكاريبي في الأربعينيات)، والخدمات الصحية البريطانية، و”بريكست” (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، والتغير المناخي.