فقدت اليابان والعالم أحد أبرز حماة التراث الثقافي، حيث أعلنت مدرسة أوراسينكيه لتعليم تقاليد الشاي الياباني عن وفاة معلمها الكبير الدكتور سين جنشيتسو، الرئيس الخامس عشر للمدرسة، عن عمر يناهز القرن واثنين من الأعوام.
وكان الراحل يشغل منصب المعلم الأكبر لمدرسة أوراسينكيه، إحدى أعرق ثلاث مدارس متخصصة في فنون الشاي التقليدية باليابان، حيث قضى عقوداً من حياته في نشر فلسفة السلام عبر هذا الفن الأصيل، متنقلاً بين أكثر من ستين دولة حول العالم.
ولد جنشيتسو عام 1923 في كيوتو ضمن عائلة أوراسينكيه العريقة، التي تنحدر من سلالة المعلم الأسطوري سن نو ريكيو، مؤسس أسلوب “وابي” في القرن السادس عشر، والذي أعاد صياغة فلسفة الشاي اليابانية برمتها.
شهدت حياة الراحل تحولات كبيرة، حيث جُنّد شاباً في البحرية الإمبراطورية خلال الحرب العالمية الثانية، لكن الأقدار شاءت ألا يشارك في أي معارك بسبب انتهاء الحرب، ليتجه بعدها عام 1951 إلى الولايات المتحدة حاملاً رسالته الثقافية.
تولى الراحل منصب المعلم الخامس عشر للمدرسة عام 1964، وظل يشغله حتى عام 2002، وخلال هذه الفترة استضاف كبار قادة العالم في حفلات الشاي التقليدية، بدءاً من الملكة إليزابيث الثانية مروراً بالبابا يوحنا بولس الثاني ووصولاً إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن.
أسس جنشيتسو مؤسسة تعليمية متخصصة في الصين بعد لقائه التاريخي مع الزعيم دنغ شياو بينغ، كما قدم عرضاً مميزاً لطقوس الشاي في الفاتيكان، محولاً الفنجان الصغير إلى جسر للتواصل بين الحضارات.
حصل الراحل على وسام الثقافة الياباني عام 1997 كأول متخصص في فن الشاي ينال هذا الشرف، كما نال وسام جوقة الشرف الفرنسي برتبة قائد عام 2020، تقديراً لإسهاماته في الحوار الثقافي الدولي.
ترك جنشيتسو إرثاً عالمياً تجسد في 167 فرعاً لمدرسته داخل اليابان، بالإضافة إلى انتشار واسع لفن الشاي الياباني عبر القارات، محققاً حلمه في تحويل طقوس الشاي إلى لغة سلام تفهمها جميع الشعوب.
