يحتفل العالم في الثامن من مايو بذكرى اليوم العالمي للحمار، حيث تتجدد الأحاديث حول دوره التاريخي والرمزي، وتبرز مدى ارتباطه بالثقافة والدين والأدب، وسط استحضار مواقفه المشهورة وذكائه الفطري.
يظل الحمار رمزًا للصبر والصلابة، رغم ما يكتنزه من صور سلبية في بعض النصوص الدينية والأدبية، مما يعكس تعقيد العلاقة الإنسانية معه.
في القرآن الكريم، ورد ذكر الحمار في مواضع متعددة، حيث ورد في سياق التشبيه بحمل الأسفار، وأُشير إلى دوره في إثبات البعث، إذ بُعثت عظامه أمام الرجل ليدل على قدرة الله على إحياء الموتى، وتم تصنيفه ضمن الحيوانات المستأنسة مع الخيل والبغال، بينما ذُكر صوت الحمار كصفة من صفاته التي استنكرها القرآن، مما يعكس موقفًا دينيًا من صوته المزعج.
وفي الشعر العربي، برز الحمار كرمز يعبر عن المواقف والتجارب، إذ استخدمه الشاعر ابن بيئته في تصوير العلاقة مع الحيوانات، وذكره الآخرون في أبيات تمجدًا أو ذمًا، مثل بيت شوقي الذي يصف سقوط الحمار من السفينة، أو بيت البردوني الذي يستهزئ من حاله، ويتناول العديد من القصائد التي وظفت الحمار كشخصية ذات أبعاد سياسية وفلسفية، وهو ما انعكس في أدب توفيق الحكيم والأمثال الشعبية.
أما في المواقف الحياتية، فتلك الحكايات الطريفة التي تروى عن الحمير، مثل تجربة عمر الخيام مع الحمار الذي رفض دخول الجامعة، وتقمص روحه أستاذًا كبيرًا، أو المبادرات العالمية التي دعت إلى اتحاد الحمير لمقاومة الظلم، تظهر مدى المكانة الرمزية التي تتجاوز مجرد وسيلة نقل، لتصبح رمزًا للتحمل والوفاء، وأحيانًا للغباء.
وفي منطقة الحجرية بمحافظة تعز، ظل الحمار رفيقًا للمعلمين والطلاب، حيث سجلت ذاكرة المنطقة قصة حمار الأستاذ فارع عبده فارع العزعزي، الذي كان يرافقه في رحلاته التعليمية، حتى في أصعب الظروف، ليكون شاهدًا على أمل وتحدي الجيل السابق، ويظل رمزا للجهود والتضحيات.
على الرغم من الصورة السلبية التي أحيانًا تُنسب إليه، يظل الحمار رمزًا إنسانيًا عميقًا، يعكس صمود الإنسان وطموحه، ويؤكد أن تاريخه المشحون بالنضال والمعاناة، أضفى عليه مكانة خاصة في الذاكرة الثقافية والتاريخية، وهو ما يبرر احتفاله السنوي الذي يذكرنا بقيم الصبر والوفاء.
بيس هورايزونس
