ما زلت أتذكر كلام ذلك الضابط السعودي المنشق حين استضافته إحدى القنوات الإخبارية في العام 2016 تقريباً.
حيث قال ذلك الضابط المقيم في كندا كلاماً مختلفاً عن ما نسمعه كل يوم بل وكلاماً غريباً جداً..
عندما سأله المذيع عن سبب تدخل السعودية في اليمن بهذه السرعة وكيف ومتى خططت وجمعت هذا التحالف؟
فأجاب بأن السعودية تخطط لهذا التدخل منذ زمن طويل وهي من صمتت على تغول الحوثيين وراقبت سيطرتهم على الأرض والجيش والسلاح لتكتمل مبررات التدخل.
وقال أيضا أن القيادة السعودية لم تذهب لمساندة الشرعية واستعادة الدولة، بل ولم تذهب لمحاربة الحوثي ولا حتى لاحتلال اليمن كما يروج له الأغبياء..!
لقد ذهبت السعودية في مهمة كبيرة وعميقة ومعقدة وطويلة ومكلفة أيضاً.
وقد تمتد لعشرين عاماً من الزمن وتهدف إلى تغيير اليمن بشكل جذري.
لقد ذهبت لإعادة تشكيل اليمن ديموغرافياً ؟؟
أي أنها ستصل إلى إعادة توزيع التركيبة السكانية بشكل شامل يضمن عدم حاجتها لخوض حروب مستقبلية في الداخل اليمني وبشكل يلائم نظرتها لمستقبل الجزيرة العربية،
وتقوم هذه الخطة على ما يلي:
-تدمير القدرات العسكرية الآلية للجيش اليمني كلياً.
-تفكيك الجيش اليمني بشرياً وتنظيماً بالكامل.
-قتل أكبر عدد ممكن من القوة القتالية للهضبة الزيدية خاصة والمناطق الجبلية عامة.
-تفكيك مراكز القوى القبلية المؤثرة تاريخياً وآنياً في كامل التجمعات السكانية الأصلية داخل اليمن والتركيز على الهضبة.
-العمل على إعادة نشر السكان على شكل موجات نزوح تبادلية والتركيز على إغراء المشائخ وإخراجهم وتبديل أدوارهم وولاءاتهم.
-توتير الأجواء في أوساط الأكثرية الشافعية ضد الأقلية الزيدية، لضمان عملية التنكيل بهم لاحقاً بعد تحقيق هدفها الأول طبعاً..
ومن أجل العمل على تحقيق ذلك الهدف بأريحية وهدوء ستحتاج إلى الوقت الكافي، لذلك ستعمل على بقاء الحوثيين وتأخير الحسم العسكري بأي ثمن وبأي طريقة لدرجة أنها قد تلجأ إلى قمع أو ضرب أو إرباك أي قوة تقترب من دحره.
وربما تستخدم طرفاً ثالثاً معطلاً ومعرقلاً للحسم العسكري،
أو تخلق لاعبين آخرين في المشهد الداخلي لإرباك التقدم الميداني،بحيث يبقى الحوثي غطاء حقيقياً ومبرراً واضحاً لبقائها قدر ما تريد..
لم أنسى كلام ذلك الضابط أبداً، وما يجري يذكرني به أو يعيد طرحه حرفياً.
إن كل الدلائل على ما ورد
تتكشف تباعاً حتى إنها أصبحت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.
بداية بتدمير الجيش وعتاده، مروراً بإطلاق يد الإمارات كوسيط معطل لتنشئ تلك الكيانات العسكرية والأمنية والمليشاوية والسياسية والمناطقية..
وليس آخراً ما يحدث من إبادة لشباب اليمن عبر استدراج المتحوثين المغرر بهم
إلى صحاري مأرب والجوف وتشتيت الجيش والمقاومة في الحديدة وتعز والبيضاء وغيرها من الجبهات التي أظهرت عزماً وزخماً في القضاء على المشروع الحوثي الحقير..
كما يظهر هذا سياستها في عرقلة فتح المطارات والموانئ والمصالح الوطنية لليمنيين، فهي ليست بحاجة لإيراداتها البسيطة، ولا لعائدات النفط ومنشآت الغاز الضئيلة، كما أنها ليست بحاجة لتواجد الدولة اليمنية على الأرض كلياً،
وهذا بالضبط ما يحدث..
وبإمكانها إنشاء بديل هزيل يغيث الشعب اليمني عند الضرورة يسمى مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية..
هذا هو تاريخ الدولة السعودية فيما يتعلق بعلاقتها باليمن واليمنيين.
تاريخ مظلم ومليء بالخسة والدناءة والكيد والدسائس والغدر…في كل فصوله.
لكن هذا المشروع سيفشل كما سيفشل مشروع إيران الحوثي
وذلك حين يدرك اليمنيين وجميع اليمنيين بأن السعودية أحقر من إيران.
ولا أخطر من الجدري
سوى الطاعون !!!