الصحة العالمية: وفيّات فيروس كورونا ستستمر حتى بلوغ المناعة الجماعية

محرر 27 ديسمبر 2020
الصحة العالمية: وفيّات فيروس كورونا ستستمر حتى بلوغ المناعة الجماعية

نبّه مدير الطوارئ والمشرف على برنامج مكافحة «كوفيد – 19» في منظمة الصحة العالمية مايك رايان إلى «أن اللقاحات وسيلة مهمة لمواجهة الوباء، لكنها ليست كافية وحدها للقضاء عليه بشكل نهائي، وأن عدد الإصابات والوفيّات سيستمرّ في الارتفاع حتى بلوغ مستوى المناعة الجماعية».

وجاءت تصريحات رايان بعد ساعات من إعلان معهد البحوث الصحية التابع لجامعة واشنطن، الذي تموّله مؤسسة بيل غيتس، عن تقديرات تفيد بأن عدد الوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ سوف يسجّل ارتفاعاً ملحوظاً في الأسابيع المقبلة حتى أواخر يناير (كانون الثاني)، خصوصاً في الولايات المتحدة وإيطاليا التي تسجّل أرقاماً قياسية في عدد الوفيّات منذ أيام.

وكانت شركة «موديرنا» قد نشرت بيانات أمس، تفيد بأن اللقاح الذي تطوّره يولّد مناعة تزيد على التي تولّدها الإصابة بالفيروس، إذ تبيّن من تجارب سريرية على مجموعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين الخامسة والعشرين والخامسة والسبعين عاماً تلقّوا اللقاح أواخر الصيف الماضي، أنهم ما زالوا يتمتعون بمستويات عالية من مضادات الأجسام بعد أربعة أشهر من تناول الجرعة الأولى.

وتفيد البيانات بأن هذه المضادات التي يولّدها اللقاح هي بروتينات دقيقة قادرة على تعطيل الفيروس بالتحامها مع البروتينات التي تغلّفه، وتمنعه من الدخول إلى خلايا الجسم لاختطافها والتكاثر عن طريق توليد ملايين النسخ. وتقول إخصائية العلوم الفيروسية آليس ويدج، الباحثة في المعهد الوطني الأميركي للصحة والتي تتعاون مع شركة «موديرنا» لتطوير اللقاح، إن هذه النتائج إيجابية ومشجّعة جداً، خصوصاً أن جميع الذين شاركوا في التجارب السريرية ما زالوا يحملون أيضاً كميات كبيرة من مضادات الأجسام بعد ثلاثة أشهر من تناول الجرعة الثانية التي تعطى بعد 28 يوماً من الجرعة الأولى، ما يوحي بأن المناعة التي يولّدها اللقاح تدوم لفترة طويلة. وتضيف ويدج في الدراسة التي تسلّمها أمس خبراء منظمة الصحة العالمية، إن ما يبعث على التفاؤل بشكل خاص هو أنه بعد أربعة أشهر من تناول الحقنة الأولى من اللقاح كانت مستويات مضادات الأجسام لدى جميع الملقّحين، بمن فيهم الذين تجاوزا السبعين عاماً، كانت أعلى من تلك التي عند الذين أصيبوا بالفيروس وتعافوا منه.

يذكر أن «موديرنا» كانت قد أعلنت أن فاعلية لقاحها بنتيجة التجارب السريرية على 30 ألف متطوع تزيد على 94 في المائة، وتصل إلى 100 في المائة ضد الإصابات الخطرة، وفقاً للبيانات الأخيرة التي وزّعتها الشركة. ويخضع هذا اللقاح حالياً لمراجعة الهيئة الأميركية الناظمة للأدوية بهدف الموافقة عليه، فيما ينتظر أن توافق عليه الوكالة الأوروبية للأدوية في الثاني عشر من الشهر المقبل وعلى لقاح «بيونتيك – بفايزر» أواخر هذا الشهر. وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد حتى الآن بيانات مقارنة حول فترة المناعة مع اللقاح الآخر الذي تنتجه شركة بفايزر، الذي يعتمد التقنية نفسها التي تستخدم الحمض الريبي النووي. ورغم أن اللقاحات التي تعتمد هذه التقنيّة المبتكرة التي تجرَّب لأول مرة لم تحصل بعد على الموافقة النهائية لاستخدامها، يتوقع الخبراء أن تشكّل ثورة في علوم الطب الإحيائي لأنها تفتح الباب أمام تطوير اللقاحات بسرعة غير مسبوقة لمكافحة الفيروسات والأورام السرطانية.

ويقول أوغور شاهين المدير التنفيذي لشركة «بيونتيك» الألمانية التي طورت اللقاح الذي تنتجه «بفايزر» إنهم يتوقعون نتائج مشابهة لتلك التي أعلنتها «موديرنا»، ويرجّح نشرها الأسبوع المقبل، ويضيف: «نعرف أن لقاحنا يولّد الخلايا التي تخزّن الذاكرة، ونعرف أيضاً أن مستويات مضادات الأجسام تتضاءل مع مرور الوقت ما يوحي بأننا قد نحتاج إلى إعطاء جرعة ثالثة من اللقاح بعد عامين أو ثلاثة على إعطاء الجرعتين الأوليين».

أما البيانات الأخيرة المنشورة حول اللقاح الذي تطوره جامعة أكسفورد مع شركة آسترازينيكا، التي تستند إلى تجارب أجريت على 560 متطوعاً، فقد بيّنت وجود مضادات الأجسام عند الذين تناولوا اللقاح بعد 28 يوماً من الجرعة الثانية. ويعتمد هذا اللقاح تقنيّة تستخدم الحمض النووي الذي يدخل إلى الخلايا على متن فيروس معطّل، وهي تقنية لم تستخدَم في السابق وقد بيّنت فاعلية تتراوح بين في المائة و90 في المائة، وفقاً لبيانات الشركة. الملاحظات الأولى لخبراء منظمة الصحة العالمية على هذه البيانات تعكس تفاؤلاً بمستقبل هذه التقنيّة لتطوير اللقاحات، مع الإشارة إلى أنه ليس معروفاً بعد مستوى مضادات الأجسام الذي يحتاج إليه الإنسان للحصول على المناعة الكافية ضد الفيروس. لكن نظراً لقلّة عدد الذين يصابون مرة ثانية بالفيروس بعد معافاتهم وفقاً للبيانات العالمية لدى المنظمة، ولكون مستوى المناعة التي تتولّد بعد الإصابة يكفي لعدم التعرّض مجدداً للفيروس، يرجّح الخبراء أن يتمتّع الملقّحون بمناعة أقوى من الذين اكتسبوا المناعة بفعل الإصابة بالوباء.

ويشدّد الإخصائيون الذين طوّروا هذا اللقاح على أن الاستنتاج الأهم من هذه التجارب هو أن القدرة المكتسبة على تعطيل الفيروس بعد أربعة اشهر من تناول جرعة اللقاح الثانية تتجاوز في كل الحالات القدرة الموجودة عند المصابين بالوباء بعد 34 يوماً من معافاتهم. وتقول آليس ويدج إن المضادات التي يولّدها هذا اللقاح هي من الفئة التي يواكب توليدها ظهور خلايا الذاكرة التي تحفظ مواصفات الفيروس وتولّد بدورها مضادات تقضي عليه وعلى الخلايا المصابة بعد مرور أشهر أو سنوات.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق