الاقتصاد اليمني يدخل حالة “موت سريري” بعد أقل من شهر على انقلاب حلفاء الإمارات (تقرير خاص)

Editor18 مايو 2020
الاقتصاد اليمني يدخل حالة “موت سريري” بعد أقل من شهر على انقلاب حلفاء الإمارات (تقرير خاص)

على عجلٍ ودون تأخير دشن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً حملة نهب واسع للموارد المالية للحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، مستغلاً سيطرته العسكرية الكاملة على عدن إثر إعلان المجلس ما أسماه “الحكم الذاتي” في مناطق سيطرته، وذلك في أواخر إبريل المنصرم.

 

وصباح يوم الأربعاء 13 مايو الجاري، توجهت قطع عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي، يقودها القيادي الإنفصالي محمد الثوباني إلى البنك المركزي اليمني في عدن، ونهبت ما مجموعة عشرة مليارات ونصف المليار ريال يمني، بناءً على توجيهات صادرة من رئيس الجمعية العمومية في مجلس الإنفصال، اللواء أحمد بن بريك.

 

وذكر التوجيه المرسل إلى نائب رئيس مركزي عدن والمقرب من قيادات الإنفصال، شكيب الحبيشي، أن تلك المبالغ مقدمة من قوات التحالف العربي وذلك بنظر شركة إنماء للصرافة.

 

وعلى الرغم من كون بن بريك وجه بصرف أربعة مليار ريال ونصف، إلا أن وثيقة مسرّبة بتاريخ الأربعاء، 13 مايو، موقعة من مدير خدمات البنك المركزي، وجهت بالسماح بمرور سيارة “دِيَنّا” على متنها عشرة مليارات وخمسمائة مليون ريال، برفقة الملازم “قاسم محمد عبدالله الثوباني”.

 

وتظهر وثيقة ثالثة وهو (تصريح خروج) من البنك وموقع من مدير عام المنشآت والخدمات للسيارة ذاتها بنفس التاريخ، بأن المبلغ المنصرف هو عشرة مليارات ونصف، بزيادة نحو 5 مليارات ريال عن توجيه بن بريك.

 

وييقول مراقبون إن مصير الخمسة مليارات لا يزال غير معلوم، ولا يُعرف كيف تم صرفها ومن هي الجهة المستفيدة. أما الأربعة مليارات ونصف فقد وجه بن بريك بصرفها كرواتب لألوية ما تسمى بالمقاومة الجنوبية أسسها شلال علي شايع في الضالع عقب احداث أغسطس 2019 الأخيرة.

 

سعي للسيطرة على موارد الدولة

وفي خطوة عدها مراقبون تحركاً خطيراً هدفه السيطرة على كل ريال تتحصل عليه الدولة في عدن وبقية المناطق التي يسيطر عليها الإنتقالي، أصدر رئيس مجلس الإنفصال عيدروس الزبيدي، قراراً بتشكيل لجنة اقتصادية، مكونة من 27 عضواً وتتبع بشكل مباشر رئيسه المقيم في أبوظبي.

 

وجاء قرار الانتقالي بعد أيام من مصادرته لإيرادات عدن وتوريدها لحسابات خاصة في البنك الأهلي تحت إدارته، كما يأتي بعد ساعات من نهب المجلس لمركزي عدن.

 

ونشر المجلس على موقعه بالأنترنت نص قرار الزبيدي بـ” تُشكيل اللجنة الاقتصادية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي” وتعيين “عبدالسلام صالح حميد هادي” رئيساً لها، إضافة إلى عضوية 26 من الشخصيات بعضهم أكاديميين.

 

وعبدالسلام حُميد، من أبناء قرية زُبيد بمحافظة الضالع، وهي نفس قرية رئيس المجلس، إضافة إلى كونه أحد المقربين منه، ويشغل منصب وكيل وزارة النفط والمعادن بالحكومة اليمنية.

 

تحذيرات من انهيار العملة الوطنية

وعقب التطورات الأخيرة وأهمها نهب مركزي عدن، صدرت عدة تحذيرات تؤكد بأن نهب موارد الدولة يهدد بإحداث ضربة قاضية للاقتصاد الوطني وانهيار العملة المحلية.

 

وحذر  البنك المركزي اليمني في عدن من توقف نشاطه وانهيار العملة الوطنية، جراء نهب مليشيات الامارات مليارات الريالات من الاحتياطي النقدي.

 

وأكد بيان عن الدائرة المالية للبنك أن ما جرى يُهدد بإيقاف نشاط البنك المركزي اليمني بشكل كامل، ذلك أن عملية الصرف دفعت من احتياطات النقد العام وليس من الإيرادات الخاصة بالبنك، مشيراً إلى أن وقف تحصيل الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني قد يقوض نشاط البنك ويهدد بانهيار العملة المحلية.

 

من جهتها ذكرت مصادر اقتصادية أن المجلس الانتقالي يمارس عمليات «تجريف» لموارد الدولة في محافظة عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى، بمصادرة المبالغ الحكومية المخصصة لها، وأيضاً تحويل الإيرادات الحكومية إلى حسابات بنكية تابعة للمجلس الانتقالي في المناطق التي تقع تحت سيطرة الميليشيات التابعة له، بحسب ما أورده موقع القدس العربي.

 

وحذرت من أنه «لو استمر هذا التجريف للموارد المالية من قبل المجلس الانتقالي، فإن محافظة عدن والمحافظات الجنوبية ستشهد أزمة اقتصادية، جراء نهبه لموارد الدولة وعدم تقديمه في المقابل أي خدمات عامة للمواطنين، وفي مقدمتها الخدمات الطبية التي تلاشت بمجرد سيطرة المجلس الانتقالي على محافظة عدن وإعلانه، الشهر الماضي، الإدارة الذاتية على الجنوب».

 

في غضون ذلك، قال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله السعدي، في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن، الأربعاء، إن المجلس الانتقالي الجنوبي يمارس سطواً على مؤسسات الدولة ومواردها في محافظة عدن، وذلك من خلال «الاستحواذ على مواردها في العاصمة المؤقتة عدن وتعطيل عمل الفرق التابعة لوزارة الصحة المعنية بمواجهة وباء كوفيد – 19، ولا سيما في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه محافظة عدن جراء الكوارث الطبيعية وانتشار جائحة فيروس كورونا مع تسجيل حالات جديدة مؤخراً في المحافظة».

 

العملة تنهار

وكنتيجة طبيعية للحملة المسعورة التي أطلقتها مليشيات الإنفصال والهادفة لنهب موارد الدولة، سجلت العملة الوطنية (الريال) انهياراً كبيراً في أسعار الصرف أمام العملات الأجنبية.

وبحسب مصرفيين، انخفضت أسعار صرف الريال إلى 700 ريالا أمام الدولار فيما وصل إلى 185 ريالاً أمام الريال السعودي الواحد.

 

وحافظت أسعار الصرف في تعز على استقرارها منذ أيام، عند 680 ريالاً أمام الدولار الواحد، فيما تشهد العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين استقراراً شبه تام منذ أشهر، وذلك بواقع 600 ريال أمام الدولار.

 

ويقول صيارفة إن الإجراءات الانقلابية في عدن تسببت في اضطراب سعر الريال، حتى في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، والتي ظلت موحدة في تعاملاتها منذ بدء النزاع قبل 6 سنوات، خلافا للمناطق الخاضعة للحوثيين والتي تشهد أسعاراً مختلفة.

 

ويتخوف يمنيون من أن يكون القادم أسوأ، في ظل استمرار سياسة النهب الممنهج لموارد الحكومة اليمنية المالية من قبل مليشيات الإنفصال في عدن.

 

على خطى الحوثي

ولم تكن حادثة نهب العشرة مليارات مؤخراً الوحيدة في مسلسل نهب الإنتقالي لموارد الدولة، فقد ارتكب الكثير من عمليات السطو المسلح على عدد من البنوك والمصارف في عدن خلال السنوات الماضية، كان أبرزها قيامه بنهب ما مجموعه 18 مليار ريال يمني من ميناء عدن في يناير الماضي.

 

وتعيد التحركات التي يقوم بها الإنتقالي وسعيه لنهب البنك المركزي التذكير بما قام به الحوثيون بعد ساعات من سيطرتهم على صنعاء في 2014م، إذ اقتحموا البنك المركزي ونهبوا ما مجموعة 4 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي تسبب بأول موجة انهيار طالت العملة المحلية.

 

وكما سعى الحوثيون لاستنزاف الاحتياطي النقدي لمركزي صنعاء كمجهود حربي ضد الحكومة الشرعية والتحالف العربي، يسعى الإنفصاليون لاستنزاف مركزي عدن لتمويل انقلابهم وحروبهم التي هدفت لتقويض سلطات الحكومة الشرعية جنوب البلاد.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق