معين عبدالملك.. اخطبوط فساد اعتلى عرش حكومة اليمن في غفلة من الزمن(الحلقة 2)

Editor24 نوفمبر 2019
معين عبدالملك.. اخطبوط فساد اعتلى عرش حكومة اليمن في غفلة من الزمن(الحلقة 2)

نستكمل في هذه الحلقة ما بدأناه في الحلقة الأولى من دراسة لشخصية رئيس الوزراء في حكومة الشرعية، الدكتور معين عبدالملك، كجزء من الدراسات التحليلية التي يقدمها “عدن نيوز” للقارئ الكريم، وكمساهمة في معركة الوعي التي يؤكد الموقع أنها أقدس المعارك التي يضطلع بها الإعلام بشتى قوالبه وأشكاله.

وفي هذه الحلقة نغوص في دهاليز شائكة متعلقة بالنشاطات المشبوهة لرئيس الحكومة على الجوانب السياسية والاقتصادية، ونفتح ملفات حساسة تساعد على تحديد المعالم اللاوطنية لفاسد ساعدته الظروف والأجواء الملبدة محلياً وإقليمياً على اعتلاء المشهد وتقمص دور الشرف والنزاهة، وهو منهما براء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.

ولا نبالغ إذا قلنا أن معين قد صعد إلى رئاسة الوزراء في غفلة الزمن، فالرجل يفتقر إلى أي رصيد سياسي أو نضالي أو قيمي، ولولا علاقات والده، الدبلوماسي اليمني الراحل عبدالملك سعيد الوحش، لما لقي الرجل أية مساحة للنفاذ إلى واجهة المشهد.

وهنا تبرز شهادة صحفيين وسياسيين أكدوا أن عبدالملك (الاب)، والذي كان سفيراً لليمن لسنوات طويلة في دولة قطر، استغل شبكة علاقاته مع دوائر صنع القرار لتعبيد الطريق أمام فتاه المدلل (معين)، حتى وصل إلى منصب رئيس الحكومة.

 

وشبه مراقبون صعوده إلى هذا المنصب الرفيع بصعود الرئيس الراحل علي صالح إلى رئاسة اليمن، حيث شكّلت الأزمات السياسية وارتهان القرار السيادي للبلد أهم مفاتيح صعود هاتين الشخصيتين إلى السلطة مع ما يفتقران إليه من قدرات قيادية أو رصيد نضالي.

وفي هذا الصدد يقول الصحفي أنور السعدي: “لا أعرف كيف وقع اختيار قيادة الدولة على معين ليقود حكومة اليمن.. الرجل متواضع جداً في كل شيء سوى قدرته على التأنق! “.

معين.. فاسد أم فاشل؟

لا يضاهي النجاح الباهر الذي حققه معين في ملف الفساد وقدرته الفائقة على امتصاص مقدرات الدولة بعد تعيينه رئيساً للوزراء إلا فشله الذريع في كل مهمة أوكلت إليه وفي كل ملف تولى الإشراف عليه، قبل هذا التعيين وبعده، ابتداءاً من عمله كنائب لوزير الأشغال العامة والطرق، قبل أن يصبح وزيراً للوزارة نفسها في ابريل 2017م، ونائباً لرئيس لجنة التنسيق والمتابعة والمشاريع والتنموية.

لقد كان بحق كارثة على الوزارة وعلى الأشغال وعلى المشاريع التي لم تعرف طريقها إلى النور منذ قيادته لوزارة الأشغال. وقد يكون طريق العبر الوديعة هو أبرز وأقوى الشواهد عن مدى الفشل المريع الذي طبع مسيرة هذا الشخص، حيث تحول بفعل الإهمال والفساد إلى طريق للموت، يلتهم المسافرين، حتى بات التفكير بعبور هذا الطريق فكرة “انتحارية”.

والحق يقال، فالأداء الكارثي لمعين ووزارته لم يقتصر على العبر فقط بل بكل الطرق في المحافظات المحررة، والتي لم تعرف في عهده إلا الدمار والتهشم.

أما خط الضالع عدن (84 كم)، والذي تكفلت وزارة معين آنذاك بترميمه بعد منحة سعودية بلغت خمسة ملايين دولار، فلم يختلف الوضع فيه، فالاستهتار هو ذاته وقلة الأمانة والضمير هي ذاتها. استنفد معين كل الدعم السعودي واكتفى بترقيع الطريق الذي كان سابقاً طريقاً دولياً وصار في حالة يرثى لها.

سفلتة الطريق التي أشرف عليها معين لم تكن بحسب المواصفات وبعد أشهر تآكل الإسفلت وانتشرت الحفر على طول الطريق، لتكشف معها عورة هذا الفاسد الذي أدمن الإثراء على حساب المواطن المغلوب على أمره.

ويصف الصحفي صالح علي أداء معين خلال قيادته وزارة الأشغال بالقول: كان معين كارثة حلّت على الطرق في اليمن. لقد اتسم عهده بالفشل والاستهتار.

وبعد صعوده لرئاسة الحكومة أعلن معين أنه سيركز على الملف الاقتصادي وعلى الأداء الخدماتي للحكومة وعلى انتظام تسليم المرتبات لموظفي الدولة في السلك المدني والعسكري، إلا أن كل هذه الوعود التي زعم أنه سيحققها تبخرت على أرض الواقع ولم يتحقق منها شيء.

وفي لقاء مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية تفاخر معين بأن حكومته “وسعت رقعة دفع الرواتب” وسلمت معاشات 81 ألف موظف ومعاشات ما يزيد على 123 ألف متقاعد، لكنه نسي أن يقول أن قوات الجيش الوطني في عهده أكلت أوراق الشجر وتوقف دفع مرتباتها لفترات طويلة.

وعلى سبيل المثال فإن المنطقة العسكرية الأولى بسيئون وعلى الرغم من الأهمية البالغة التي تشكلها في الصراع بين الشرعية والانفصاليين، إلا أن معين حرم جنودها من المعاشات، ليضع أهم موقع عسكري بيد الشرعية تحت ضغط غير مسبوق وظرف لا يحتمل.

التقى “عدن نيوز” بأحد جنود المنطقة العسكرية الأولى، ويدعى صادق عمر، وسألناه عن عدد المرتبات التي استملها جنود المنطقة الأولى منذ بداية هذا العام فقال إنهم استلموا مرتبات خمسة أشهر فقط. خمسة من أصل 11 شهر حتى الآن.

وقال: كلما رفعنا صوتنا وطالبنا بمرتباتنا يجيء الرد من مكتب رئيس الوزراء (احمدوا الله فحالكم أفضل من حال الحوثيين الذين قطعوا المرتبات في مناطقهم لأعوام أما نحن فلا نقطعها إلا لأشهر).

إذن، فالرجل ليس فاسداً فحسب، بل فاشل بامتياز ومع مرتبة الشرف، بحسب ما يصفه مراقبون.

 

كارثة لبان أم كارثة معين؟

“لبان” هو إعصار من الدرجة الأولى، وصل بحر العرب في أكتوبر 2018وقد وصل اجزاء بسيطة منة إلى عمان واليمن. وكان النصيب الأكبر من الخسائر التي أحدثها الإعصار من نصيب محافظة المهرة والتي أعلنت في ذلك الحين بأنها محافظة منكوبة.

لقد أحدث لبان خسائر كبيرة، في الأرواح والممتلكات على السواء، إلا أن السبب الأساسي في هذه الكلفة الباهظة التي دفعتها المهرة واليمن عامة كان الأداء الكارثي لرئيس الوزراء معين، والذي اكتفى بإصدار بيانات الاستغاثة.

وبعد عام من الكارثة أحيا الناشطون اليمنيون هذه المأساة عبر وسم بليغ الدلالة والمعنى، وهو #عام_على_كارثتي_لبان_ومعين.

لقد أصبح معين بنظر اليمنيين كارثة لا تقل فداحة عن الإعصار لبان، فالرجل لم يقم بأي شيء مطلقاً في سبيل مواجهة الكارثة، كما أن وعوده التي أطلقها في أعقاب الكارثة حول إعادة الإعمار وتعويض المواطنين تبخرت ككل الأكاذيب التي أطلقها ولا يزال.

وبمقدم معين إلى رئاسة الوزراء كانت الكارثة قد حلّت على رؤوس جيع اليمنيين. وقد طفحت منصات التواصل الاجتماعي بشكاوى ومظلوميات تكشف مدى توغل الفساد في إدارته ومدى تعمّق المحسوبية في خلاياه.

وهنا تبرز المظلومية التي كشفها دكتور من جامعة صنعاء، ويدعى عادل الشرجبي، حيث أكد أن معين أصدر أوامر شخصية عبر وسطاء بصرف مرتبات سنة كاملة لبعض زملائه من الأكاديميين في جامعة صنعاء، فيما رفض صرف أي مرتب له وللعشرات من زملائه الآخرين.

وأشار الشرجبي إلى أن معين شكل لجنة لابتزاز الأكاديميين في جامعة صنعاء، ومن خضع للابتزاز كدفع مبالغ مالية ضخمة للجنة يتم إضافته إلى الكشف المعتمد من قبل معين، ومن رفض الخضوع للابتزاز والفساد تم استثناؤه من كشف المرتبات.

وهكذا كانت طريقة معين ولا تزال في إدارة الدولة: إما أن تحصل مني على الفتات من حقوقك وإلا فلا حقوق لك عندي.

في أحد الأيام قال الدكتور معين عبد الملك إن «ما يميز رجال التاريخ ويشق مسار التطور في الحضارة الإنسانية هو القدرة على تخيل المستقبل وتحويل الرؤى إلى خطط ومشاريع»، والمفارقة المضحكة المبكية في آن هنا هو أنه تمكن من “تكسير” مسار التطور وكانت له القدرة على “نسف” المستقبل.. والحق يقال، فعلى الرغم من كل مساوئه فإنه استطاع وببراعة فذة  تحويل الرؤى إلى خطط ومشاريع “عملاقة” لكنها لا ترى بالعين المجردة!

المصدر اعداد ابو زين (عدن نيوز)
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق