لطالما ارتبط اسم الشيخ المؤتمري البارز ، وزير الزراعة عثمان حسين مجلي، خلال مسيرته في قوام الحكومة الشرعية عقب الإنقلاب الحوثي، أو قبل ذلك حينما كان أحد رجالات الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح في محافظة صعدة، بأكثر قضايا الفساد إثارة للجدل في الرأي العام المحلي.
مجلي الذي ابتدأ مسيرته السياسية الطافحة بالفساد والصفقات المشبوهة عبر غرفة البرلمان اليمني، مستغلاً مكانته الاجتماعية كأحد شيوخ القبائل في محافظة صعدة، استطاع التوغّل في جسد السلطة الشرعية ونفذ إلى الحكومة ليتولى في البدء حقيبة وزارية رمزية كوزير للدولة، ثم وزيراً للزراعة والري حتى الوقت الراهن.
كما نفذ إلى قوام الوفد التفاوضي للحكومة الشرعية، وشارك في مؤتمر جنيف بشأن اليمن، والذي انعقد عام 2015م.
ومنذ الوهلة الأولى لحصوله على مناصب في السلطة الشرعية أثبت مجلي “براعة” لا يحسد عليها في قدرته على الإثراء غير المشروع عبر اختلاس كميات طائلة من الأموال.
ظهر ذلك جلياً حين كلفه الرئيس عبدربه منصور هادي برئاسة فريق من خمسة أعضاء لصرف مرتبات ألوية الجيش المرابطة في المعقل الرئيس لجماعة الحوثي، محافظة صعدة، أقصى شمال اليمن.
ففي أحد أشهر العام 2017م، حصل مجلي، والذي كان لا يزال وزيراً للدولة، على 15 مليون ريال سعودي كمرتبات للوحدات المرابطة في صعدة، وقام بصرف ما قيمته 9 مليون ريال سعودي كمرتبات للجنود مستقطعاً 6 مليون ريال سعودي لنفسه.
جشع الوزير جنى عليه، حيث اكتشف أعضاء اللجنة المكلفة من الرئاسة بصرف المرتبات بأن مجلي تسلم 15 مليوناً وليس 9 ملايين كما كان يزعم، فقاموا بفضحه على الملأ وإرسال برقية عاجلة إلى رئاسة الجمهورية تطلب إقالته من منصبه كونه “غير مؤتمن”.
وقد تسببت هذه الفضيحة التي أحدثت ضجة هائلة في وسائل التواصل الاجتماعي بدخول مجلي عالم الشهرة من “أوسخ أبوابه”، بحسب تعبير ناشطين شنوا حملة عليه في ذاك الوقت.
زواج الخطيئة بين السلطة والتجارة
منذ توليه حقيبة وزارة الزراعة والري في حكومة رئيس الوزراء السابق، أحمد عبيد بن دغر، وتحديداً في ديسمبر 2017م، عقد الوزير مجلي الكثير من الصفقات المتخمة برائحة الفساد، ولم يقتصر النهب الذي تم بإشرافه ووفق توجيهاته على المال العام.
لقد جاوز الوزير خلال عامين فقط كل الخطوط الحمر وأحدث سابقة في قضايا فساد السلطة في اليمن، وبلغ به الأمر حد بيع “أسمدة زراعية” استلمتها الوزارة كتبرعات إغاثية من جهات خارجية.
وأكدت وثيقة تم تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام المحلية في وقت سابق من هذا العام عن قيام “مجلي” ببيع كميات كبيرة من سماد “اليوريا” المقدم دعما من مركز سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للوزارة على أن تقم بتوزيعها على المزارعين في المحافظات المحررة مجانا.
وتحصّل الوزير الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى “تاجر” على مبالغ باهضة جراء بيع هذه الأسمدة، حيث تؤكد تقارير استقصائية بأن مجلي أدخل في حسابه الخاص مبلغ يقدر بخمسة مليارات ريال يمني ( نحو تسعة مليون دولار أمريكي).
هذا الاختلاس المهول للتبرعات الإغاثية جعل الوزير مجلي في صدارة أكثر المسئولين اليمنيين تربحاً وإثراءاً، وخلال فترة زمنية قياسية.
غير أن أحدث ما أقدم عليه الوزير كان عملية فساد لم يسبقه إليها أحد: شراء كميات كبرى من الأسمدة من السعودية (سماد اليوريا) بمبلغ مالي لا يتجاوز سعره 22 ريال سعودي للوحدة، ثم بيعه داخل السوق اليمنية بمائة ريال سعودي للوحدة، وبفارق سعر مهول يقدر ب 78 ريالاً للوحدة.
وبحسب معلومات استقصائية تحصل عليها (عدن نيوز) من مصادر مطلعة في الحكومة اليمنية، فقد بلغت تجارة الوزير التاجر مجلي خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة أكثر من 500 مليون ريال سعودي.
وبحسب المعلومات التي تحصل عليها (عدن نيوز) فإن مجلي ينجز معاملات الشراء من السعودية عبر أخيه، حمود مجلي، الملحق التجاري لسفارة بلادنا في الرياض، في أوضح مثال على تعاضد فاسدي آل مجلي للإثراء من الحرب الدائرة في اليمن.
وتشير المصادر المطلعة إلى أن رئيس الوزراء، معين عبدالملك، متورط حتى ناصيته في هذه الصفقات المشبوهة.
وفي توصيفه لطريقة إدارة مجلي لوزارة الزراعة يقول الصحفي وجدي سليمان أن الرجل يدير الوزارة كما تدير عصابات المافيا أعمالها المريعة دون أي اكتراث لسخط شعبي أو مخاوف من محاسبة محتملة.
ويضيف: “أتخيله كأحد بارونات المال الحرام.. شاب عاش صباه كإقطاعي عتيد أوغل في سحق كل المستضعفين والفقراء من أبناء منطقته في صعدة، قبل أن يشق طريقه المظفر نحو اللصوصية ليؤسس ثروته على حساب أوجاع الناس واحتياجاتهم، مستفيداً من موقعه الجديد والذي أتاح له فتح أبواب جديدة والنفاذ إلى مستويات أعمق من الخطيئة والفساد الكبير”.