موكب التحرير يدخل عدن.. انتصار محفوف بالألغام أم مفروش بالورود؟ (تقرير)

Editor28 أغسطس 2019
موكب التحرير يدخل عدن.. انتصار محفوف بالألغام أم مفروش بالورود؟ (تقرير)

استكمالاً لمسلسل التحرير المظفر دخلت قوات الحكومة الشرعية صباح اليوم الأربعاء العاصمة المؤقتة عدن، بعد أن أكملت بسط سيطرتها على كامل المواقع التي كان يتمركز فيها مرتزقة المجلس الإنتقالي الإماراتي في مدينتي زنجبار وشقرة بمحافظ أبين.

ومن البوابة الشرقية لمدينة عدن (نقطة العلم) ظهرت طلائع جيش التحرير والإصرار يحدوها الإصرار لتطهير العاصمة المؤقتة من براثن الوكيل الإماراتي الذي جثم فوق صدور أبنائها لأربعة أعوام كاملة، فيما كان اليمنيون من أقصى صعدة شمالاً وحتى سقطرى جنوباً متسمرين أمام شاشات التلفاز أو متنقلين بين منصات التواصل الاجتماعي، وهم يترقبون لحظة الحسم المثير في عدن، وقد كان.

دخلت القوات الحكومية الشرعية عدن، وابتدأت المعسكرات والمواقع بالتهاوي والسقوط في أيدي جيش التحرير، وبتسارع دراماتيكي غير مسبوق.

ما حدث كان معجزة بكل المقاييس، فلم يكن أكثر المتفائلين بالحكومة الشرعية وجيشها الوطني يتوقع ما جرى خلال الأيام الماضية، خاصة بعد أن تعرضت الحكومة الشرعية وقواتها إلى “انتكاسة” مريعة في العاشر من أغسطس الماضي، حين تمكنت حشود المليشيات الممولة إماراتياً من اقتحام جميع المقار الحكومية في عدن وإسقاط الدولة في معقلها المؤقت، وتحت أنظار قيادة التحالف العربي والعالم أجمع.

وكي تكون الانتكاسة أفدح وأشد مرارة انهارت في أعقاب ذلك اليوم الأسود القوات الحكومية في مديريات محافظة أبين تباعاً – وهي مسقط الرئيس عبدربه منصور هادي ورمز قوته وسلطته في المحافظات المحررة – وبدأت المليشيات بالاحتشاد والتموضع في مداخل مدينة عتق بشبوة استعداداً لاقتحامها، الأمر الذي وضع معه البلاد والدولة على حافة الهاوية.

إلا أن ما جرى بعد ذلك كان مدهشاً:  نصر كاسح للجمهورية والجيش في عتق، ثم تطهير شامل لكافة مديريات شبوة.

ومنذ ذلك الحين ابتدأ موكب التحرير بالتمدد من شبوة نحو أبين فسقطت تباعاً كل معسكرات المليشيات الإماراتية فيها، لتكتمل اللوحة السريالية المثيرة اليوم بوصول طلائع جيش التحرير الى العاصمة المؤقتة عدن وتشرع في بسط نفوذ الدولة ودحر الإنفصاليين من كل شبر فيها.

وما بين الانتكاسة في 10 أغسطس وتحرير عدن في 28 أغسطس ثمانية عشر يوماً فقط؛ أي أقل من ثلاثة أسابيع، هي المدة التي قضتها عدن تحت قبضة المتمردين الإنفصاليين.

قد يزعم الواهمون – في ظل هذه المعطيات – بأن هذا النصر المظفر والسريع الذي حققته الحكومة الشرعية كان انتصاراً سهلاً وأن قوات الجيش الوطني لم تجد خصماً على الأرض في طريقها من شبوة إلى عدن، إلا أنه بتتبع دقيق وبنظرة مكثفة على طبيعة المعركة والظروف المحيطة بها يمكن استخلاص نتيجة واحدة مؤكدة: لقد خاض الجيش معركة بالغة التعقيد والصعوبة وقدم ملاحم عسكرية أسطورية، حتى نجح في نهاية المطاف من كسر طوفان الانفصال وتثبيت دعائم الدولة والوحدة والجمهورية في قلب عدن.

وهنا لا بد من استذكار خارطة المشهد المحلي وطبيعة القوى على الأرض في عدن كما كانت قبل العاشر من أغسطس – كنموذج مصغر عن طبيعة الوضع في بقية المدن –  وهي كما يلي:

مناطق نفوذ الإمارات ومليشياتها

  • تسيطر القوات الانفصالية بشكل كامل على مديريات البريقة والمعلا والتواهي وكريتر. وتسيطر على أجزاء كبيرة من مديرية خور مكسر.
  • تمتاز القوات الموالية للإمارات بالتسليح الجيد، حيث تتلقى طوال أربعة أعوام على أحدث الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ومن بينها العربات المدرعة والصواريخ والدبابات والمصفحات.
  • تمتلك المليشيات الانفصالية قوة بشرية كبيرة، حيث تواصلت حملة التجنيد طوال الأربعة أعوام دون توقف.
  • مستفيدة من الدعم الإماراتي السخي لها تتلقى تلك القوات الانفصالية عوائد مالية مرتفعة ، مقارنة بما تتلقاه القوات التابعة للحكومة الشرعية، والذي يعتبر ضئيلاً للغاية.

مناطق نفوذ الشرعية

  • تسيطر الحكومة بشكل كامل على منطقة معاشيق، وهي مربع أمني ضيق يقع أقصى جنوب عدن، ومحاط بمناطق نفوذ تابعة للمليشيات الانفصالية وخاصة في مديرية كريتر. كما تسيطر بشكل جزئي على مديرية دار سعد شمال عدن، وأجزاء محدودة من مديرية خور مكسر الى الغرب.
  • تتواجد عدد من الألوية العسكرية الموالية للحكومة الشرعية في الثلاث المديريات، وتتركز في مديرية دار سعد، والتي يتواجد بها معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية، أهم ألوية الشرعية.
  • تمتلك القوات الحكومية السلاح الثقيل لكنه أقل كماً ونوعاً من السلاح الذي بيد المليشيات الانتقالية.

المعطيات المذكورة آنفاً تكشف طبيعة التسليح والاستعداد العسكري لكل طرف في مدينة عدن قبيل الانقلاب، حيث تظهر المليشيات الإماراتية تفوقاً عسكرياً واضحاً وكبيراً، سواءً على مستوى مناطق السيطرة أو قوة التسلح.

ويمكن تعميم هذا النموذج على معظم المدن اليمنية الجنوبية، فمحافظة شبوة على سبيل المثال، وهي التي انطلق منها موكب النصر، كانت تحت سيطرة المليشيات الإنفصالية في معظم أجزائها. حتى العاصمة عتق كانت منطقة نفوذ مشترك بين الشرعية والمليشيات الانفصالية، فيما تحيط هذه المليشيات بعتق من الخارج كالسوار بالمصعم، إذ تتحكم بكافة المداخل والمخارج منها وإليها.

هذا مع عدم إغفال أحدث تكنولوجيا التجسس العسكري والمراقبة الجوية التي كانت ورقة رابحة بيد الإمارات، وبالتالي أمنت أبوظبي دعماً لوجستياً مهماً لمرتزقتها على الأرض.

وبالتوازي مع التنامي العسكري المستمر للانفصاليين على الأرض والدعم المتواصل من أبوظبي وعلى كافة الأصعدة السياسية والإعلامية واللوجستية، افتقر الجيش الوطني لأي دعم معنوي في ظل هذه المرحلة العصيبة، فالسعودية اكتفت بإصدار البيانات، والرئيس آثر الصمت والتواري عن واجهة المشهد.

ونظراً لكل ما سبق، يمكن القول أن المعركة التي خاضتها القوات الحكومية لم تكن هينة، بل على العكس كان الطريق ملغوماً والتحديات استثنائية ومفصلية، لكن إرادة الانتصار للهوية اليمانية أولاً ولمشروع الدولة ثانياً هي من حسمت المعركة في هذا المنعطف التاريخي.

وفي غمرة هذا الابتهاج الشعبي في صنعاء وعدن وفي كل سهل ووادي في ربوع اليمن الكبير لابد أن نتذكر الكلمات الخالدة لنائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، المهندس أحمد الميسري، حين قال بعد سقوط عدن: نبارك للإمارات النصر المبين علينا.. لكن هذه المعركة ليست المعركة الأخيرة.. نحن ذاهبون لنعود.

لقد عدنا بالفعل ولقد عاد الوزير الميسري وصدق وعده، واليوم يحق لنا أن نصدح: وعاد الزمان.. وعادت عدن.

https://www.youtube.com/watch?v=DEYL_m72oaw

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق