نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعده أندرو إنغلاند وسايمون كير، يقولان فيه إن العقوبات الأمريكية على إيران أثرت على التجارة بينها وبين الإمارات العربية المتحدة، مشيرين إلى أن دور دبي بصفتها مركزا تقليديا للتجارة المرتبطة بإيران تم إضعافه.
ويشير التقرير، إلى أن الإمارات العربية المتحدة ترى أن التجارة مع إيران ستتقلص إلى النصف هذا العام، حيث يواجه مركز التجارة والمال في الشرق الأوسط تداعيات العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية.
ويقول الكاتبان إن دبي ظلت تقليديا مركز التجارة الإيرانية التي تعمل في الخارج، فوصل حجم التجارة الإماراتية مع الجمهورية إلى 70 مليار درهم إماراتي (19 مليار دولار أمريكي)، بحسب مسؤول إماراتي، إلا أن القلق حول التوتر المتزايد في المنطقة، وانهيار العملية الإيرانية، ومخاوف الشركات من اختراق العقوبات الأمريكية، جميعها ساهمت في التراجع الحاد في التجارة المتبادلة بين البلدين.
وتجد الصحيفة أن التداعيات الاقتصادية على الإمارات تؤكد كيف أثرت المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران سلبيا على الشرق الأوسط، وحتى على الدول التي دعمت موقفا متشددا من الجمهورية الإسلامية، مشيرة إلى أن أبو ظبي، وهي أثرى الإمارات السبع، كانت من أكبر الداعمين المتحمسين للرئيس دونالد ترامب الذي راكم الضغط على طهران.
ويلفت التقرير إلى أن ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي الشيخ محمد بن زايد طالما تبنى موقف ترامب تجاه إيران، وكانت الإمارات واحدة من الدول التي رحبت بخروج إدارة ترامب من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، مشيرا إلى قول المسؤولين الإماراتيين إن الاتفاق جرأ إيران، لكنهم قلقون من المخاطر التي قد تضع بلادهم في خط المواجهة في حال اندلعت المواجهة.
ويفيد الكاتبان بأنه على خلاف بريطانيا والولايات المتحدة، فإن الإمارات لم تلق باللوم على إيران فيما يتعلق بالهجمات على ناقلات النفط قرب خليج الإمارات في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، واتسمت لغتها بالهدوء، ودعا المسؤولون الإماراتيون إلى تخفيض التوتر.
وتورد الصحيفة نقلا عن الشريك في “كلايد أند لو” باتريك ميرفي، قوله: “تراجعت التجارة بسبب المخاطر الكبيرة للموقف الملتزم من المؤسسات المالية التي لا تريد مصرفا إماراتيا يتعامل مع زبائن إيرانيين”، وأضاف: “أجبروا على عمل هذا بسبب النظام المصرفي الأمريكي الذي يوافق على عمل البنوك، ويحرم عليها التعامل مع زبائن كهؤلاء نظرا للصعوبات في الحصول على موافقة لسحب الدولارات الأمريكية”.
وينوه التقرير إلى أن التراجع في التجارة الإيرانية يأتي في وقت تواجه فيه الإمارات مصاعب في النمو الاقتصادي خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب تراجع النفط وزيادة كلفة الحياة، مشيرا إلى أنه في دبي، التي يتركز فيها معظم التجار الإيرانيين، فإن أسعار العقارات انخفضت بنسبة 25% مقارنة مع عام 2014، بالإضافة إلى أن نمو الناتج القومي قد تباطأ بنسبة 1.9% في العام الماضي.
ويرى الكاتبان أن العواقب الاقتصادية للنزاع ستكون مدمرة على الإمارات، التي أقامت نموذجها الاقتصادي على موانئها البرية والبحرية والسياحة والتجارة الإقليمية، لافتين إلى أن دبي تقوم بإنفاق 8 مليارات دولار على البنية التحتية، حيث تقوم بالتحضير لاستقبال المعرض التجاري الدولي إكسبو 2020، فيما تظل إمارة الفجيرة، وهي إحدى الإمارات، أهم مراكز نقل النفط في العالم.
وتنقل الصحيفة عن محللين، قولهم إن الإمارات تلتزم بدقة في العقوبات الأمريكية أكثر من السنوات الماضية، مشيرة إلى أن التجار الإيرانيين والأفراد عادة ما يشتكون من تعليق حساباتهم لكونهم يمثلون خطرا.
وبحسب التقرير، فإن عدد الإيرانيين الذين يعيشون في الإمارات انخفض من 117 ألفا قبل عام إلى 73 ألفا، فيما انخفض عدد الزوار الإيرانيين للنصف من 700 ألف عام 2016 إلى 350 ألفا، مشيرا إلى أن الشركات والتجار الذين يركزون على إيران يفضلون التعامل من خلال تركيا وعمان وماليزيا بدلا من الإمارات.
وتختم “فايننشال تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن عددا من الإيرانيين اشتكوا من رفض السلطات تجديد إقامتهم بسبب المخاوف الأمنية، وبالإضافة إلى هذا فإن القدرة الشرائية للإيرانيين انخفضت بسبب فقدان الريال الإيراني نسبة 60% من قيمته، منذ خروج ترامب من الاتفاقية النووية في أيار/ مايو 2018.