الرئيس “السبسي”.. رجل “الحبيب بورقيبة” الذي تسلم ثورة الشباب التونسية

محرر 225 يوليو 2019
Tunisian President Beji Caid Essebsi sits at his desk at the Carthage Palace, in this handout picture obtained by Reuters on July 5, 2019, in Tunis, Tunisia. Tunisia Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS- THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVES
Tunisian President Beji Caid Essebsi sits at his desk at the Carthage Palace, in this handout picture obtained by Reuters on July 5, 2019, in Tunis, Tunisia. Tunisia Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS- THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVES
جاءت وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي في وقت تشهد فيه البلاد جدلا واسعا حول قانون الانتخاب الذي أقره البرلمان ولم يوقعه السبسي قبيل وفاته.
المخضرم… الطموح:
  • يعتبر كثيرون الباجي السبسي، شخصية مخضرمة ذات طموح، عاصرت المشهد السياسي في تونس منذ عهد الاستعمار الفرنسي، وتدرج في مناصب سياسية مختلفة، حتى دخول قصر الرئاسة في قرطاج عام 2014.
  • الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الذي رحل اليوم الخميس عن عمر ناهز 92 عاما، يراه مراقبون أن وزنه الشخصي ساهم ـ بشكل أو بآخر ـ في تغيير ملامح الخارطة السياسية للمحطات الفارقة بتونس.
رجل الدولة:
  • ولد السبسي في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1926 بضاحية سيدي بوسعيد شمالي العاصمة التونسية.
  • يشير تاريخ أسرته إلى أنه من أحفاد أحد المماليك الوافدين من جزيرة سردينيا (الإيطالية حاليا)، والذي كان مكلفا بتنظيم طقوس تدخين التبغ لباي تونس حينها، وحاز الرجل ثقة حاشية الباي، وتزوج إحدى قريباته، وصار من أعيان البلاد.
  • لم يكن السبسي، بعيدا عن الحركة الوطنية التونسية إبان الاستعمار الفرنسي (1881 ـ 1956)، حيث تقول حركة (نداء تونس) في سيرة ذاتية للسبسي نشرتها إبان انتخابات 2014 إنه انخرط في الحزب “الدستوري التونسي” حين كان في الـ 15 من عمره.
  • للسبسي بنتان وولدان، أبرزهما حافظ، الذي يقود حزب نداء تونس الذي أسسه الأب في يونيو/ حزيران 2012.
  • منذ فجر الاستقلال، وتحديدا في أبريل/ نيسان 1956.. أصبح السبسي موظفا ساميا مكلفا بالشؤون الاجتماعية، في ديوان الحبيب بورقيبة، الذي كان حينها يتقلد منصب رئيس وزراء أول حكومة تونسية.
  • طوال “العهد البورقيبي” تقلد السبسي عدة مهام سامية (1956 ـ 1987) حيث عين مديرا للأمن في يناير/ كانون الثاني 1963، إثر محاولة انقلابية فاشلة حاول تنفيذها بعض معارضي بورقيبة في ديسمبر/ كانون الأول 1962.
  • في 1969، شغل مهام وزير الدفاع، وسفيرا لدى فرنسا عام 1970، ثم وزيرا للخارجية عام 1981.
  • لم يبتعد السبسي، المحسوب على ” أرستقراطية العاصمة” -الذين تنحدر منهم وسيلة بن عمار زوجة بورقيبة- عن المهام السامية لأكثر من 5 سنوات، حين طرده بورقيبة من الحزب عام 1974، بسبب خلافات حول دمقرطة الحزب من الداخل، ولم يعف عنه إلا عام 1979.
  • مع صعود زين العابدين بن علي للسلطة، لم يشغل السبسي مناصب هامة سوى رئاسة مجلس النواب (البرلمان)، في الفترة من 1989 إلى 1991.
  • غير أن السبسي لم يغادر الحزب الذي أصبح مع وصول بن علي للسلطة، يسمى التجمع الدستوري الديمقراطي، بدلا من الحزب الاشتراكي الدستوري، حيث حافظ السبسي على عضويته، وكان في لجنته المركزية حتى 2003.
الثورة والسبسي.. والسياسة:
  • قبل 14 يناير 2011، تاريخ هروب بن علي، من تونس وسقوط نظامه، لم يكن السبسي، الذي اقتصر نشاطه منذ 1991 على الاهتمام بشؤون مكتب المحاماة الخاص به بالعاصمة التونسية، يحلم بالعودة إلى أروقة قصر الحكومة، ومنها إلى قصر قرطاج.
  • مع إصرار المعتصمين بمحيط قصر الحكومة، في فبراير/ شباط 2011، على استقالة رئيس الحكومة حينها، محمد الغنوشي، دعا الرئيس المؤقت الناطق الإعلامي في وزارة التربية والتعليم، وهو رفيق السبسي في الحكم منذ خمسينيات القرن، الباجي قايد السبسي، إلى ترؤس حكومة مؤقتة تمهيدا لانتخابات مجلس تأسيسي يكتب دستورا جديدا للبلاد.
انتخابات أكتوبر 2011:
  • تقول روايات، إن حركة النهضة إسلامية التي فازت بانتخابات المجلس التأسيسي في أكتوبر/ تشرين الأول 2011، وعدت السبسي بالرئاسة، شريطة ضمان عدم تزييف النتائج.
  • غير أن ضرورة تشكيل ائتلاف حكومي التي فرضتها نتائج تلك الانتخابات، جعلت الحركة عاجزة عن الوفاء بوعدها، وأسندت الرئاسة إلى المنصف المرزوقي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومي) صاحب المركز الثاني بالاقتراع.
  • أما منصب رئيس المجلس التأسيسي، فقد آل إلى مصطفى بن جعفر، الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي حل ثالثا بالاقتراع نفسه.
  • لهذا، دعا السبسي وبعد شهر واحد من تسلم حكومة حمادي الجبالي (الأمين العام لحركة النهضة) مقاليد السلطة، في بيان صدر في يناير 2012، إلى ضرورة العمل من أجل تصحيح المسار.
  • وفي يونيو 2012، أسس السبسي حزب نداء تونس الذي جمع الرافضين لحكم الترويكا (نسبة للثلاثي الحاكم: حركة النهضة، وحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل).
  • ضم حزب السبسي، يساريين قدامى ونقابيين ومنتسبين إلى حزب التجمع المنحل، من أجل الدفاع عن المشروع الحداثي، حتى إن جزءا هاما من قيادة حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وريث الحزب الشيوعي التونسي، انسلخوا من حزبهم ليساهموا في تأسيس نداء تونس.
  • في طريقه نحو الحكم، نسج السبسي، الخبير بالساحة السياسية التونسية وتناقضاتها، علاقات وتحالفات علنية وسرية، تمهيدا لمساره نحو قصر الرئاسة.
  • إثر العمليات الإرهابية التي هزت البلاد، واغتيال معارضين بارزين في فبراير، ويوليو/ تموز 2013، تم إعلان تشكيل جبهة للإنقاذ، ضمت نداء تونس، والجبهة الشعبية (ائتلاف يساري)، من أجل إنهاء حكم الترويكا.
  • أطلقت 4 منظمات محلية، أبرزها الاتحاد العام التونسي للشغل المركزية العمالية) في أكتوبر 2013، حوارا وطنيا كانت أهم مخرجاته تشكيل حكومة تكنوقراط تعوّض حكومة الترويكا.
الشيخان… يقودان تونس:
  • أثناء التصعيد بين النهضة وخصومها في جبهة الإنقاذ، عُقد في باريس منتصف أغسطس/ آب 2013، لقاء سري بين الباجي قايد السبسي، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، صيغت فيه، بحسب مراقبين، توجهات المرحلة المقبلة بالبلاد.
  • تخلت النهضة عن قانون تحصين الثورة، الذي كان سيمنع كل من تحمل مسؤولية في حزب بن علي، من الترشح للانتخابات.
  • كما جرى التخلي عن شرط السن الأقصى للترشح للرئاسة (75 عاما)، وهو ما كان سيجهض، في المهد، حلم السبسي برئاسة تونس، في خطوات ساهمت إلى حد كبير في إيجاد مناخ ملائم للتعايش بين حزبي نداء تونس والنهضة.
  • رغم انحياز قواعد النهضة للمرزوقي منافس السبسي ، في الدور الثاني من انتخابات الرئاسة في ديسمبر 2014، إلا أن الاقتراع انتهى بفرش السجاد لعبور السبسي نحو قصر قرطاج.
  • ضغوط وإغراءات عديدة حاولت زعزعة تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، وفق تقارير إعلامية تحدثت عن قوى معادية لثورات الربيع العربي، وقوى محلية استئصالية، إلا أن السبسي لم يتخل عن خيار التعايش، وتجنيب البلاد صراعات شبيهة بتلك التي عصفت ببلدان قريبة.
  • يجمع خبراء كثيرون على أن تونس، بعد انتخابات 2014 قادها “الشيخان” في إشارة إلى السبسي والغنوشي.
  • تعايش غالبا يستحضر، من خلاله، التونسيون تصريحا عقب الثورة، قال فيه السبسي “النداء والنهضة عبارة عن خطين متوازيين لا يلتقيان إلا بإذن الله.. وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله”.
  • عن ذلك اللقاء، يعتبر السبسي أن مصلحة تونس هي التي اقتضت التوافق، وصنعت التقاطع الذي ما كان له أن يلتقي.

*الجزيرة

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق