نشرت صحيفة “الموندو” الإسبانية تقريرا نقلت فيه تصريحات ضابط المخابرات الفرنسي هيرفيه جوبرت، الذي كان يشغل منصب مساعد الأميرة لطيفة بن راشد آل مكتوم في عملية الفرار.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن هيرفيه جوبرت يعرف الكثير من أسرار عائلة آل مكتوم، العائلة المالكة لإمارة دبي التي تعيش اليوم تحت الأضواء على خلفية هروب الأميرة هيا بنت حسين إلى لندن صحبة أطفالها. وقد فر ضابط المخابرات الفرنسي قبل أكثر من عقد من الزمن من الإمارات. ومنذ ذلك الوقت بدأت العلاقات بين لطيفة، البالغة من العمر 34 سنة وجوبرت الذي يبلغ 69 سنة، بعد أن أصبح الأمل الوحيد للأميرة الأسيرة لاستعادة حريتها.
وبينت الصحيفة أن كليهما كانا يخططان لسنوات لمسألة هروب الأميرة بمساعدة مجموعة صغيرة من الأشخاص. وفي هذا السياق، يعترف جوبرت قائلا: “اتصلت بي لطيفة في أوائل سنة 2011 لأنها كانت ترغب في الهروب، لقد كانت الأميرة تخطط للهروب في مناسبتين سابقتين، لكنها ألغت العمليتين في اللحظة الأخيرة. لقد حدث ذلك في سنتي 2012 و2015”.
وتابع جوبرت قائلا: “ألغيت العملية لأنه كانت ترغب في اصطحاب أختها شمسة، لكنها كانت فكرة مستحيلة. آنذاك، تركت لها القرار وأدركت أن شمسة لن تستطيع مرافقتنا. وفي سنة 2017، تجاهلت وحدها فكرة اصطحاب شقيقتها، وأدركت أن الوقت قد حان لتسريع عملية الهروب”.
والجدير بالذكر أن شقيقتها قد عانت معاناة شديدة جراء عواقب محاولتها للتخلص من قيود الوصاية الذكورية. ففي سنة 2000، عند إقامتها في المملكة المتحدة، هربت الأميرة شمسة، لكن سرعان ما وقع اختطافها في شوارع كامبريدج في وضح النهار، وأُجبرت على العودة إلى ديارها. ومن جهتها، لم تحقق الشرطة البريطانية في هذا الحدث بتاتا.
ونقلت الصحيفة عن جوبرت قوله: “أخبرتني لطيفة أن شمسة قبعت في السجن لمدة ثماني سنوات بعد محاولة الفرار، لو يمكن لأي شخص أن يتخيل مدى وحشية المسألة، وهو ما اضطرها إلى تلقي مساعدة نفسية. وقالت لطيفة أيضا إن شقيقتها كانت من الأحياء الأموات، وبعد قضائها فترة في السجن، كانت رهن الإقامة الجبرية وخاضعة للمراقبة على مدار 24 ساعة من قبل أربع نساء”.
وأضافت الصحيفة أن لطيفة ترى أن هذا الجحيم يعكس مستقبلها. وعلى ضوء ذلك، قال ضابط المخابرات الفرنسي الذي كان مقربا من العائلة المالكة في دبي: “في فترة ما، لم أستطع أن أفهم السبب وراء عدم امتلاك لطيفة موارد تساعدها على الهروب، رغم أنها من عائلة ثرية. كانت ترد دائما أن الحصول على المال نقدا لن يمنحها الحرية. الحرية تكمن في امتلاك حساب مصرفي والقدرة على استخدامه دون قيود، وهو ما لا يمكنها القيام به”.
وواصل جوبيرت حديثة قائلا: “لقد كانت عملية معقدة. كانت لدينا اجتماعات سرية وكان هناك عملية كاملة من الإعدادات والتدريبات لتجنب المفاجآت خلال عملية الفرار، كانت الخطة تكمن في ركوب قارب والاتجاه نحو المياه الإقليمية. حصلنا جميعا على تأشيرة للدخول إلى الهند، وكانت لطيفة قد حصلت على تأشيرة دخول للولايات المتحدة، وجهتها النهائية. نحن لم نخالف أي قوانين”.
وأبرزت الصحيفة أن أثر يخت “نستروم” الذي يمتلكه جوبرت قد اختفى في الرابع من شهر آذار/مارس 2018، وكان القارب بالفعل في المياه الهندية. في الأثناء، أدى هجوم القوات الخاصة لدولة الإمارات وخفر السواحل الهندية إلى تعطيل وفشل العملية، حيث جرى القبض على الركاب الذين كانوا على متنها، ثم نقلهم إلى قاعدة عسكرية في دولة الإمارات.
ويقول الوكيل الفرنسي في هذا السياق: “لقد أخبرني رجال الأمير أن الأمير قد أمر بنفسه بشن الهجوم. ويطرح ذلك الأمر تساؤلا حول كيفية تمكن الأب من توجيه قوات عسكرية للقبض على ابنته. لقد شارك في الهجوم حوالي 500 رجل وطائرتان وعدة مروحيات، كل هذا لتقفي أثر سفينة لا يحمل ركابها أسلحة، وعلى متنها ابنته. ماذا يمكنك أن تقول حول شخص يفعل ذلك؟”.
وأفادت الصحيفة أن لطيفة لم تكن خائفة خلال الهجوم، وكانت متمردة على خاطفيها. ويتذكر جوبيرت قائلا، “إنها امرأة متمردة، إذا قمت باستفزازها سترد فورا. وعندما أرادت القوات الخاصة القبض عليها، دافعت عن نفسها وحاربت مثل النمر”. من جهة أخرى، في سنة 2002، حاولت لطيفة الفرار إلى عمان، لكن السلطات الإماراتية كانت تتعقبها على الحدود. وبعد إعادتها إلى دبي، وضعت في أحد مراكز الاحتجاز لمدة ثلاث سنوات، وتعرضت للتعذيب حسب شهادة الوكيل الفرنسي.
وأوضحت الصحيفة بحسب وكيل المخابرات الفرنسي: “هناك بعض الأنباء المثيرة للقلق التي تشير إلى أن لطيفة كانت على وشك الموت منذ أشهر. فبعد انقطاع أخبارها لأشهر، أصدرت سلطات دبي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي صورا علنية للطيفة، رفقة الرئيسة السابقة لإيرلندا والمفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان ماري روبنسون، البالغة من العمر 74 سنة. وبحسب البيان الموجز الذي رافق هذه اللقطات، يبدو أن الشابة كانت تتلقى الرعاية والدعم الذي تحتاجه”.
وفي الختام، نقلت الصحيفة عن هيرفيه جوبرت قوله: “عندما رأيت الصور لم أتعرف على لطيفة التي عرفتها سابقا. لقد زاد وزنها وبدا وجهها شاحبا، وهو ما يدل على أنها لا تمارس أي نشاط بدني ولا تتعرض لأشعة الشمس. في الصور لم تكن الأميرة تنظر إلى الكاميرا وتبدو وكأنها مخدرة. لقد اعترفت أسرتها بأنها تتلقى رعاية نفسية”.
*عربي21