قال الدكتور عبدالخالق عبدالله مستشار ولي عهد أبوظبي إن قرار سحب الإمارات قواتها من اليمن سيشكل لحظة فارقة في حرب اليمن بحكم ان مشاركة الإمارات في العمليات العسكرية اليومية تتم على كل المستويات وكافة جبهات القتال في اليمن.
وفي مقال نشره في السي إن إن بنسختها العربية حول دوافع انسحاب الإمارات من اليمن قال عبدالخالق عبدالله إنه سيكون لهذا “القرار الاستراتيجي تبعات عسكرية وسياسية عميقة وإيجابية وبعيدة المدى إذا أُحسن استقباله من قبل جماعة الحوثي المتمردة والمدعومة من إيران”.
مشيراً إلى أن قرار الامارات تخفيض قواتها قد يخلق أرضية خصبة ومناسبة لإحياء جهود السلام وانهاء الحرب في اليمن.
وفي معرض سرده لمزايا هذا القرار قال عبدالخالق عبدالله إنه وبعد قرار الإمارات سحب قواتها من اليمن لا أحد يستطيع أن يلومها أو يحملها المسؤولية عن إطالة الحرب في اليمن بما في ذلك جبهة الحديدة والشريط الساحلي الغربي وميناء عدن لقد تم سحب نحو نصف قوات الإمارات العاملة في اليمن حتى الآن رغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك.
ويأتي قرار سحب قوات الإمارات منسجماً مع مستجدات جبهات القتال في اليمن فمن ناحية أولى وبعيدا عن الاشتباكات الجوية المستمرة فإن أهم دافع لقرار سحب القوات هو التراجع الملحوظ في كم ونوع العمليات القتالية على ارض الواقع بنسبة 80% في بعض الجبهات خلال النصف الأول من 2019 وهذا الانخفاض الكبير في المواجهات اليومية في ساحات القتال هو الدافع الأهم لخفض التواجد العسكري الإماراتي في اليمن.
كذلك جاء قرار الإمارات سحب قوات من اليمن متزامنا مع استمرار الهدوء النسبي على جبهة مدينة وميناء الحديدة منذ توقيع اتفاقية ستكهولم خاصة خلال الشهور الأخيرة من سنة 2019.
وكانت جبهة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر أهم وأكبر جبهات القتال خلال السنتين الأخيرتين لكن بسبب تراجع القتال قامت الإمارات بسحب تدريجي ومنظم لنحو 80% من قواتها التي كانت على وشك حسم معركة الحديدة وتحريرها من سيطرة المليشيات الحوثية.
توقف القتال في جبهة الحديدة كان من أبرز الاعتبارات الدافعة لإعادة تموضع قوات الإمارات ولاحقا سحبها.
لكن هناك أيضا الدافع الثالث الذي هو بنفس الأهمية ويرتبط بجهوزية القوات الداعمة للشرعية التي تقوم حاليا بمهمة التصدي لخروقات جماعة الحوثي وتحرير ما تبقى من مدن وقرى وموانئ يمنية تقع تحت سيطرة هذه الجماعة.
فقد أكد أكثر من مسؤول إماراتي أن الإمارات ودول التحالف العربي تمكنت من تدريب وتسليح قرابة 90 ألف جندي داعم للشرعية في اليمن.. لقد أصبحت هذه القوات اليمينة جاهزة بعد أن أثبتت كفاءة قتالية احترافية وجهوزية عالية في المواجهة مع مليشيا الحوثي في أكثر من جبهة قتالية.
تعتقد الإمارات أنها أدّت واجبها القومي على أكمل وجه وربما أكثر من غيرها بعد أكثر من أربع سنوات من المشاركة الفعالة في حرب اليمن ودفعت ثمن هذه المشاركة باهظا وحتما أكثر من غيرها بشريا وماديا ومعنويا وسياسيا.
لقد جاءت مشاركة الإمارات في حرب اليمن بالتنسيق التام مع السعودية واليوم يأتي الانسحاب التدريجي أيضا بتفهم تام من قيادة التحالف العربي.. فهذا وقت طرح مبادرات غير تقليدية وحتى تقديم تنازلات شجاعة والمطلوب أيضا تغير في الاستراتيجيات كما التكتيكات لإنهاء حرب اليمن وتحقيق السلام ودعم الحكومة الشرعية ومواجهة مشروع الحوثي والأجندة الإيرانية التوسعية التي تنظر الى صنعاء كرابع عاصمة عربية تحت نفوذها وسيطرتها السياسية.
لا أحد يستطيع بعد قرار سحب قواتها من اليمن ان يضع اللوم على الإمارات أنها مسؤولة عن إطالة الحرب في اليمن.
إطالة الحرب مسؤولية تتحملها جماعة الحوثي المستفيد الأكبر من استمرار الحرب والمتضرر الأكبر من تحقيق السلام.. إيران أيضا ترغب للحرب في اليمن ان تستمر الى أجل غير مسمى من أجل استنزاف كل من السعودية والامارات.
فهذه المعركة في أطراف الجزيرة العربية التي تخوضها بالوكالة تتم بالنيابة عبر جماعة الحوثي من دون أن تكلفها شيئا في الوقت الذي تستفيد أشياء من استمرارها.
لذلك ورغم أهمية خطوة الإمارات لا بد من عمل جماعي وتوافق إقليمي ودعم أممي والأهم من ذلك لا بد من مصالحة وطنية يمنية لوقف الحرب في اليمن التي استمرت لأربع سنوات وقد تستمر لسنوات طويلة قادمة.