مثلت سيطرة قوات حكومة الوفاق الليبية على إحدى معاقل “حفتر” في الغرب الليبي، ضربة موجعة لقوات الأخير بعد فرارها واعتقال عدد كبير منها وتدمير آلياتهم، وسط تساؤلات عن مصير المعركة وتأثير ذلك على مجريات الأمور في العاصمة “طرابلس”.
وأكدت قوات “الوفاق” أنها استعادت السيطرة على مدينة “غريان” (على بعد 100 كلم جنوب غرب طرابلس) في ضربة موجعة ومفاجئة لحفتر الذي كان يتخذ من المدينة مقرا لقيادة عملياته العسكرية ضد العاصمة.
ترحيب وإقرار بالخسارة
ولاقت الخطوة ردود فعل رسمية ومحلية واسعة، حيث باركت الحكومة والبرلمان المنعقد في طرابلس الأمر، مقدمين الشكر للجنود التابعين للحكومة وكذلك لأهالي “غريان” الذين انتفضوا ضد “حفتر” وقواته، وسط مطالبات للحكومة بتأمين المدينة وأهلها وتحصينها من إمكانية عودة القوات المعتدية مرة أخرى”.
من جهته، أقر المتحدث باسم قوات “حفتر”، أحمد المسماري بأن قوات حكومة الوفاق سيطرت على أجزاء من مدينة “غريان”، دون أن يقر بخسارة المدينة بأكملها أو ذكر تفاصيل، مؤكدا استعداد قواتهم لإجراء حوار ومصالحة وطنية، ما فسره البعض بإقرار ضمني بالخسارة”.
مناطق نفوذ الطرفين
وبعد خسارة “غريان” يظل تمركز قوات “حفتر” في بعض المناطق على أطراف العاصمة والتي تبعد أكثر من 100 كلم عن العاصمة ومنها الأصابعة وترهونة، في حين تبسط قوات “الوفاق” على باقي الأماكن والمحاور، ناهيك عن تمركزها في المناطق الاستراتيجية مثل مطار طرابلس وأغلب مناطق طوق العاصمة.
والسؤال: هل سقوط “غريان” في أيدي الحكومة يؤكد خسارة “حفتر” للمعركة برمتها؟ أم هي إحدى جولات الحرب؟
ضربة مفاجئة وقاضية
وقال الصحفي المقرب من حكومة الوفاق الليبية، محمد الشامي إن “خسارة “حفتر” لمدينة “غريان” كانت ضربة لقواته شبه قاضية كون المدينة كانت بمثابة غرفة العمليات الرئيسية له وكان يقودها أحد أبناء “حفتر” في بداية الحرب ثم قادها عبدالسلام الحاسي وهو الرجل الثاني بعد “حفتر” والذي فر أمس من الغرفة”.
وأوضح في تصريحه أن “غريان مدينة جبلية عالية لا يستطيع أحد دخولها إلا بجيش جرار وطيران وهذا ما فعلته قوات “الوفاق” أمس وساعدتها انتفاضة أهالي المدينة الرافضين لوجود “حفتر” وكانت هذه ضربة مفاجئة لقواته والتي تم أسر ما يقرب من 50 جنديا منهم”، حسب قوله.
ضعف التأمين والسيطرة
لكن الإعلامي من الشرق الليبي، أيمن خنفر أوضح أن “سيطرة القوة التابعة للوفاق على “غريان جاء نتيجة ضعف القوة التابعة للقيادة العامة (حفتر) الموجودة في المدينة بعد أن دفعت القيادة بكل القوات إلى محاور القتال على تخوم طرابلس”.
وتابع: “هذه السيطرة تعني قطع خط الإمداد البري بين منطقة الجفرة وبين “طرابلس” وهذه خسارة كبيرة، وأعتقد أن “المشير” (حفتر) أصبح لديه قناعة بصعوبة الدخول بالقوة إلى العاصمة وأن الاستمرار في هذه المعركة يعتبر انتحارا سياسيا وعسكريا”.
عدة مؤشرات
وأشار رئيس تحرير صحيفة “الرأي” الليبية (مستقلة)، حسين العريان إلى أن “تقدم قوات الوفاق وسيطرتها على “غريان” في زمن قياسي له عدة مؤشرات ومنها أن قوات الوفاق ليست بالضعيفة أو الهينة وأن مدينة غريان كانت غرفة العمليات الرئيسية لحفتر في المنطقة الغربية وهذا له دلالته”.
وأضاف في تصريحات لـ”عربي21″ أن “سقوط غرفة العمليات في أغلب الحروب تعطي مؤشرا على ضعف “العدو” وكذلك قرب انتهاء المعارك وإعلان تحرير المنطقة من القوات “المعتدية” (قوات حفتر)، كما صرح.
انهيار تدريجي
وقال الناشط السياسي الليبي، محمد خليل إن “سيطرة “الوفاق” على غريان له دلالة كبيرة جدا كون المدينة بالنسبة لحفتر هي “رجمة الغرب” (الرجمة مقر إقامة حفتر في الشرق) وهذا يعني فقدانه السيطرة وتشتت قواته وبدأ الانهيار التدريجي وأتوقع تحقيق انتصارات أخرى لقوات الوفاق جنوب طرابلس”، وفق معلوماته.
وتابع : “الآن نستطيع القول إن عملية “حفتر” العسكرية للسيطرة على طرابلس قد فشلت، وإعلان “المسماري” وقبلها تصريحات وزير الشؤون الخارجية الإماراتي يؤكد هزيمتهم العسكرية وأنهم يريدون العودة للمشهد السياسي الذي رفضوه سابقا وأصروا على الحل العسكري”، كما قال.