تصاعد بشكل غير مسبوق الرفض الرسمي والشعبي في اليمن لحرب دولة الإمارات على البلاد ومؤامراتها لدفع تقسيمها والسيطرة على مناطقها الاستراتيجية ونهب ثرواتها ومقدراتها.
وتطابق أصوات الرفض للسياسة التي تنتهجها الإمارات بين مسئولين حاليين وسابقين عسكريين ومدنيين في الحكومة الشرعية في اليمن وأخرى برلمانية فضلا عن حملات شعبية جددت المطالبة بوقف دور الإمارات الإجرامي في البلاد.
احتلال متكامل الاركان
وصرح وزير الدولة اليمني عبد الغني جميل بأن الوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى يعد “احتلال متكامل الأركان” داعيا الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى اتخاذ قرار حاسم حياله، ومكاشفة الشعب اليمني بما يدور بالجزيرة الواقعة جنوبي البلاد.
وعبر حسابه على فيسبوك، خاطب “جميل”، الجانب الإماراتي، الأربعاء، متسائلا: “ماذا تريدون من سقطرى؟ لا يوجد فيها حوثي لا توجد فيها قاعدة أو داعش أو أي عناصر تخريبية على الإطلاق”.
خطيئة كبرى تُصنع في اليمن
من جهته، عاد رئيس الحكومة اليمنية السابق، أحمد بن دغر، إلى واجهة المعارضة لسياسات أبوظبي، في وقت برز سابقا ندا أمام تحركاتها في أكثر من محافظة.
وقال بن دغر في مقال تداولته وسائل إعلام محلية “هناك خطيئة كبرى تُصنع في اليمن، كل الذي جرى ويجري في صنعاء المستباحة (شمالا بيد الحوثيين) وعدن المكلومة (جنوبا تتحكم الإمارات وحلفاؤها بملفها الأمني) هدفه تمزيق البلاد”.
وتابع رئيس وزراء اليمن السابق: “أهداف التحالف تغيرت في اليمن، والتقسيم سيطال من يسعون لإحياء التشطير”.
وأوضح: “يدعم هؤلاء مخطط التقسيم، دون تفكير أو اعتبار لمصالح ومشاعر الشعب اليمني وحقه في الحفاظ على وحدته وسيادته على أرضه، متجاهلين في الوقت ذاته مصالح الأمة وأمنها، مُعتبرا هذا سلوكا تدميريا لا يقبله غالبية اليمنيين، ولن يقبله جل العرب”.
وحسب المسؤول اليمني، فإن “مخطط التقسيم لن يتوقف عند اليمن، فمثل هذا التفكير ينطوي على قدر كبير من السذاجة والتسطيح، وليست اليمن سوى العتبة الأولى في سلم المؤامرة في المنطقة”.
وخاطب التحالف الذي تقوده الرياض وأبو ظبي “أنتم خطوة لاحقة في مخطط التقسيم العام، وقضية الجنوب التي تستخدمونها حصان طروادة على عدالتها وحق أهلها في الإنصاف هي قضيتنا، وهي بدرجة أولى شأن يمني”.
وأشار إلى أنه “كان يعتقد أن دول التحالف يحملون هدفا واحدا في الانتصار للشرعية ولليمن، لذا رأى في تضحياتهم في عدن والمكلا وتهامة فعلا أخويا وعروبيا رفعه لدرجات عليا”.
ودعا رئيس الوزراء اليمني السابق إلى مواجهة هذا المخطط بالقول: “ينبغي لهذا الشعب بكل مكوناته وأبنائه المخلصين عدم الصمت وترك الأمور للغير ليقرروا مصير البلاد ومصيرهم”.
وتوجه مخاطبا قيادة التحالف: “اليوم، لم يعد الأمر خافيا على أحد أن أهدافكم في اليمن تغيرت وتبدلت، لم يعد الحوثيون في هذه المواجهة في اليمن سوى تكتيكا يتم به خلط الأوراق، وتمرير مشروع التقسيم، ولم تعد مواجهة مخططات إيران للسيطرة والهيمنة على المنطقة عبر السيطرة على أجزاء من اليمن أمرا يهمكم، رغم ارتباطها الوثيق بأمنكم وأمن المنطقة”.
وأكد “وجود مؤامرة تعصف باليمن، وتمس بصورة وثيقة وحادة أمن الأمة، بدأها الحوثيون بجريمة لا تغتفر، ويكمل مخططها بعض منّا”.
“مؤامرة” وفقا لبن دغر، أولى نتائجها “دولة إيرانية الولاء والنهج والهدف في شمال اليمن، ودولة أو دويلات هزيلة ضعيفة مسلوبة الإرادة والكرامة في جنوب اليمن، هذا ولا شيء غيره”.
وشدد رئيس الحكومة السابق على أن “الغالبية الساحقة من أبناء اليمن يشعرون بغضب شديد إزاء سياسات التقسيم التي يُمارسها البعض، المصحوبة بعنف الأتباع”.
يقولون حررنا 80% فلماذا لا نستطيع العودة؟
من جانبه، جدد نائب رئيس البرلمان اليمني، عبدالعزيز جباري، انتقاداته لأداء دول التحالف في بلاده. وقال إن التحالف (الإمارات) جاء لليمن من أجل “مصالحه”، وليس من أجل دعم الشرعية اليمنية.
ولفت جباري إلى أن التحالف (الإمارات) “هو الذي يعيق عودة قيادات الشرعية اليمنية إلى الداخل، وهو الذي أوقف المواجهات مع الحوثيين في أكثر من جبهة”.
وذكر أن قرار مواجهة الحوثيين في كثير من الجبهات ليس قرار اليمنيين، متهما التحالف بـ”عرقلة تقدم الجيش اليمني والشرعية في مدينة نهم التابعة لمحافظة العاصمة صنعاء”.
وشكك جباري، الذي استقال من منصبيه نائبا لرئيس الوزراء وزير الخدمة عام 2018، بما يقال عن سيطرة التحالف العربي على أجزاء واسعة من اليمن: “يقولون إنه تمت السيطرة على 80 بالمئة من اليمن، لكننا لا نستطيع العودة لديارنا، ولا حتى إقامة جلسة لمجلس النواب”.
حملة شعبية لمغادرة الصمت
فيما أطلق ناشطون يمنيون حملة على منصات التواصل الاجتماعي، تطالب بإنهاء مشاركة الإمارات في التحالف، بعد دعمها العلني للانقلاب الذي قادته مليشيات انفصالية سلحتها ودربتها على السلطات الحكومية في سقطرى وشبوة.
وحملت الحملة وسما #طردالاماراتمطلب_شعبي .
أما النائب البرلماني علي عشال التحق فقد دعا إلى مغادرة مربعات الصمت حيال ما يجري في جنوب البلاد. وأكد أن “الوقت قد آن لأن يغادر القادة الرسميون والحزبيون وأعضاء مجلس النواب وأعضاء الحكومة مربعات الصمت”.
وقال عشال في منشور عبر فيسبوك، “إن ما يجري اليوم حالة صمت عجيبة، وركون من كل طرف أن غيره معني بتصحيح الوضع المختل”.
وأضاف أن “ما يجري يشبه الحالة التي عشناها قبل سقوط صنعاء (بيد الحوثيين 2014)”، في إشارة منه إلى حالة الصمت إزاء دعم الإماراتيين مليشيات مسلحة للانقلاب على الشرعية في محافظات جنوب البلاد.
وحسب النائب في البرلمان، فإنه “لن يرتدع أي عابث بأمن واستقرار اليمن ما لم يقف الجميع صفا واحدا ويقولوها بالفم الملآن: لن نسمح لطرف في تحالف دعم الشرعية أن ينحرف عن أهداف هذا التحالف”. في إشارة منه إلى الإمارات.
الاصطفاف في وجه مليشيا أبو طبي
كما هاجم القيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني الوجود الإماراتي في شبوة وباقي مناطق جنوب اليمن، داعيا كل القبائل اليمنية إلى الوقوف صفا واحدا في وجه المليشيات المدعومة من أبو ظبي.
ودعا الحسني -في فيديو تم تداوله على مواقع التواصل- قبائل شبوة إلى نبذ الاقتتال الداخلي بسبب الاصطفاف مع هذه المليشيات.
كما أكد أن القوات الموالية لأبو ظبي عاثت فسادا في اليمن، وقال “التاريخ سيذكر أنهم (الإماراتيين) دخلوا جنوب اليمن وجعلوا الأخ يقتل أخاه، أخذوا الموانئ والجزر والمطارات، تحكموا فينا، بنوا السجون، وعتوا في الأرض فسادا”.
افراغ عدن من السلطة الشرعية
وهاجم قيادي عسكري الاحد من وصفها بالقوى التي جاءت ضمن التحالف العربي بتغذية مخطط خبيث للإضرار بالحكومة الشرعية والمناطق المحررة.
وقال مدير دائرة الرقابة والتفتيش بوزارة الدفاع العميد الركن مسفر الحارثي في منشور له على صفحته بالفيسبوك بأن تفاصيل المخططات الخبيثة تتكشف يوماً بعد يوم لبعض القوى التي جاءت ضمن التحالف بهدف القضاء على المشروع السلالي في اليمن وانحرفت عن مسار الهدف المعلن عنه واتجهت نحو مصالحها” في إشارة منه إلى دولة الإمارات الحليف الثاني بعد السعودية في تحالف دعم الشرعية.
وأضاف الحارثي في منشوره بأن أهداف هذه القوى (الامارات) من تشكيلها للمليشيات ومحاولتها إفراغ عدن من السلطة الشرعية وانهاك الجيش الوطني بمواجهات عبثية في المحافظات المحررة وتشكيل جيش من مرتزقة الإعلام لإشعال الفتنة وقلب الحقائق هو إدخال الجنوب في حالة فوضى خلاقة وحرب أهلية عبر أدوات رخيصة كي يفقد الجنوب قوته ويصبح غير قادر على المقاومة ويتم تفتيته وتفكيكه إلى دويلات صغيرة لفرض نظام الوصاية ونهب الثروات.
يأتي ذلك في ظل سقوط قتلى وجرحى إثر تجدد الاشتباكات بين قوات الجيش اليمني ومسلحي النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات في مدينة عتَق، مركز محافظة شبوة.
وقالت مصادر محلية إن قوات الجيش اليمني قصفت بالمدفعية معسكر النخبة الواقع خارج مدينة عتق، وإن مسلحي النخبة ردوا بقصف مماثل من معسكرهم على مواقع الجيش في عتق.