كيف نجحت الدبلوماسية القطرية بامتصاص الصدمة وسحب مطالب دول الحصار؟

محرر 28 يوليو 2017
كيف نجحت الدبلوماسية القطرية بامتصاص الصدمة وسحب مطالب دول الحصار؟

خفتت حدّة الجدية في موقف الدول المقاطعة لدولة قطر وإجراءاتها بعد آخر اجتماع رباعي بشأن الأزمة التي تراوح مكانها، وسط نشاط دبلوماسي قطري قد يكون سبباً بارزاً في تغيير مواقف هذه الدول.

وظهر هذا الموقف جلياً بعد أن أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر تراجعها عن مطالبها التي قدمتها عبر الكويت، في الـ 22 من يونيو/حزيران الماضي، إلى قطر، في قائمة تضم 13 مطلباً، بينها إغلاق قناة “الجزيرة”، والقاعدة العسكرية التركية، وأمهلتها 10 أيام لتنفيذها.

تجنّب التصعيد

ويأتي تراجع هذه الدول عن مطالبها بعد يوم واحد من انفضاض اجتماع وزراء خارجية دول الحصار في القاهرة، الأربعاء (5 يوليو/تموز)، بلا جديد، حيث تجنّبوا إعلان إجراءات تصعيدية ضد قطر، في ظل مطالبات أمريكية ودولية بالحوار لحل الأزمة الخليجية، وتأكيدهم أهمية رأب الصدع الخليجي.

الدول الأربع أعربت في بيان مشترك، صدر في ختام اجتماع وزراء خارجيتها، الخميس (6 يوليو/تموز)، عن أسفها لما سمته بـ “رد قطر السلبي” على مطالبها، وأعلنت فيه سحب مطالبها الـ 13.

وجاء في البيان، بعد رفض قطر لها، أنها “تؤكد ما ورد في البند الثاني عشر من القائمة؛ الذي نص على أن كل هذه الطلبات تتم الموافقة عليها خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمها، وإلا تعتبر لاغية، وستتخذ كل الإجراءات والتدابير السياسية والاقتصادية والقانونية بالشكل الذي تراه، وفي الوقت المناسب، بما يحفظ حقوقها وأمنها واستقرارها، وحماية مصالحها من سياسة الحكومة القطرية العدائية”.

فاعلية قطر ودعم ترامب

واعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية أن نجاح الدبلوماسية القطرية وفاعليتها أسهما كثيراً في تخفيف ضغط دول الحصار الخليجي على قطر، وهو ما كان واضحاً قي المؤتمر الصحفي الذي عقده وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين ومصر في القاهرة، الأربعاء.

الحديث عن أن الدول الخليجية سوف تتخذ قراراً بتجميد أو طرد قطر من عضوية “التعاون الخليجي” كان يدور قبيل المؤتمر، أو حتى فرض عقوبات إضافية، إلا أن الضغوط الغربية، والدبلوماسية القطرية الناجحة، والاتصال بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كلها عوامل أدّت إلى عدم اتخاذ أي قرار فوري من تلك الدول والتصعيد تجاه قطر، بحسب الصحيفة.

ووصفت “الغارديان” اتصال ترامب بالسيسي، الأربعاء، بأنه “حاسم”؛ فقد حث جميع الأطراف على التفاوض بطريقة بنّاءة لحل النزاع، وضرورة أن تقوم جميع الدول بمتابعة التزاماتها في مؤتمر الرياض ووقف تمويل الإرهاب.

حديث ترامب الأخير عن الأزمة الخليجية كان أكثر توازناً من بياناته السابقة التي قدمت الدعم لدول الحصار، وهو ليس الأول خلال الأسبوع.

إذ أجرى ترامب مكالمات هاتفية منفصلة مع قادة السعودية والإمارات وقطر، الأحد؛ لمناقشة “مخاوفه بشأن الخلاف الحالي” بين قطر وجيرانها من الدول العربية والخليجية.

وتحدث ترامب مع العاهل السعودي، وأمير قطر، وولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الاثنين، وأوضح البيت الأبيض أن ترامب “أكد أهمية وقف تمويل الإرهاب والتصدّي للفكر المتطرّف”. وشدد أيضاً على أن الوحدة في المنطقة مهمة لتحقيق أهداف قمة الرياض بهزيمة الإرهاب وتعزيز استقرار المنطقة.

كما أن العديد من العواصم الغربية كانت قد حذّرت السعودية من مغبّة تصعيد الصراع مع قطر؛ “لأن ذلك سيدفعها قسرياً إلى إيران”، بحسب الصحيفة.

تمديد المهلة وتسلّم المطالب

وكانت دول الحصار أعلنت، الاثنين (3 يوليو/تموز)، موافقتها على طلب الكويت تمديد المهلة الممنوحة لقطر للرد على مطالبها 48 ساعة؛ “استجابة لطلب أمير الكويت”، لتنتهي قبل منتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء.

وتسلّمت السعودية، قبل نهاية المهلة، رد قطر على مطالب الدول التي تقاطعها منذ نحو شهر. وجاء ردها في إطار المحافظة على احترام سيادة الدول، وفي إطار القانون الدولي.

وأكدت وزارة الخارجية السعودية، على صفحتها في “تويتر”، أن الوزير عادل الجبير تسلّم في جدة، غربي المملكة، من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، محمد عبد الله الصباح، رد قطر على مطالب الدول الأربع التي تقاطعها، دون أن يتم الكشف عن مضمون الرد.

وحول هذه المطالب صرح وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الثلاثاء (4 يوليو/تموز)، أنه “لا يوجد حل لأي أزمة إلا من خلال طاولة المفاوضات”، عبر حوار يتم على أساس المساواة بين الدول وليس التهديد، وجدد وصفه لتلك المطالب بأنها “غير واقعية ولا يمكن تطبيقها”، معتبراً أنها تتضمّن “انتهاك سيادة بلد والتدخّل في شؤونه الداخلية”.

 تحركات دبلوماسية قطرية

وخاضت الدوحة تحركات دبلوماسية ساعدت في تخفيف حدة الأزمة الخليجية، وتبديد المخاوف من تصعيدها، حيث عقدت قطر العديد من المباحثات مع قادة دول غربية وعربية ومسؤولين للوصول إلى حل جذري للأزمة.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأربعاء (5 يوليو/تموز)، إن مطالب الدول العربية المحاصرة لقطر غير مقبولة تحت أي ظرف من الظروف، وذلك بعد أن أجرى، السبت الماضي، مباحثات مع وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع، خالد العطية، حول تطورات الأزمة الخليجية والقاعدة العسكرية التركية في قطر.

كما عقد وزير الخارجية القطري مؤتمراً صحفياً له مع وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، الثلاثاء (4 يوليو/تموز)، حول الأزمة، أكّد فيه غابرييل أن “مكافحة الإرهاب وتمويله مسألة أمن قومي مهمة لقطر والمنطقة، والإجراءات ضد قطر في مكافحة الإرهاب مغلوطة، ووضعت لتسوّق دولياً”.

وبدأ وزير الخارجية الألماني جولة خليجية حول الأزمة، الاثنين الماضي، بالسعودية، وانتقل منها إلى الإمارات، ثم قطر، الثلاثاء، ليختتمها بالكويت.

من جهتها أكدت إيطاليا دعمها لحل الأزمة الخليجية، وذلك عبر تصريح لوزير الخارجية الإيطالي، أنجيلينو ألفانو، الثلاثاء، قال فيه إن بلاده تعمل كي تُحلّ الأزمة الحالية في الخليج ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي، وإنها تستثمر كل ما لديها من طاقة لتعزيز الحوار بين الدول المعنيّة.

كما قال بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية، إن الرئيس إيمانويل ماكرون، أبلغ أمير قطر، في اتصال هاتفي بينهما، أنه سيطرح الأزمة الخليجية خلال قمة العشرين، المقرر عقدها بمدينة هامبورغ الألمانية يومي 7 و8 من يوليو/تموز الجاري، كما سيناقش الأمر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأضاف البيان أن ماكرون أشاد بالوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية.

وجدير بالذكر أن الأزمة الخليجية بدأت في 5 يونيو/حزيران الماضي، حين قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً؛ لاتهامها بـ “دعم الإرهاب”، وهو ما نفته الأخيرة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق