تتجه أنظار اليمنيين والمتابعين للشأن اليمني نحو معركة الحديدة المرتقبة، لما تمثله هذه المعركة من أهمية سواء للحوثيين وصالح الذين يريدون إبقاء الميناء في أيديهم أو للشرعية والتحالف العربي الذين يسعون للسيطرة عليه.
وتتهم الشرعية في اليمن وقوات التحالف العربي، الحوثيين وأنصار صالح باستخدام ميناء الحديدة لتهريب الأسلحة عبره والقيام بعمليات عسكرية تهدد الملاحة في البحر الأحمر.
وبالنظر إلى سجل الأحداث في ميناء الحديدة، سارع الحوثيون فور سيطرتهم على الميناء، قبل عامين، إلى إبرام اتفاقية مع إيران لتوسيعه، بعدها استقبل ميناء الصليف المتفرع من ميناء الحديدة سفينة إيرانية محملة بـ160طناً من الأسلحة، وحينها لم تكن تلك السفينة الوحيدة لكنها كانت الأكبر.
وتواصلت الاتهامات لإيران بتهريب الأسلحة إلى الحوثيين، في مداولات مجلس الأمن وفي الخطاب السياسي والإعلامي للإدارة الأمريكية.
وبحسب خبراء عسكريين فإن السيطرة على ميناء الحديدة، المنفذ الدولي الوحيد الذي يسيطر عليه الحوثيون وأنصار صالح، تعني قطع الإمدادات عليهم من خارج اليمن وحصارهم عسكرياً في مناطق محدودة داخل البلاد.
استعدادات حكومية
وتسبق معركة الحديدة عمليات عسكرية في مناطق قريبة من الميناء استعداداً للسيطرة عليه، حيث تمكنت قوات الجيش الوطني والتحالف العربي من السيطرة على ثماني جزر قبالة مينائي الحديدة والصليف في الساحل الغربي، قبل أيام.
وتوجه عدد كبير من القطع البحرية التابعة للتحالف العربي إلى محيط جزيرة كمران البوابة البحرية للسيطرة على سواحل الحديدة، وآخر الجزر اليمنية التي تسيطر عليها قوات الحوثيين وصالح، وباتت هذه الجزيرة محاصرة عسكرياً وفي مرمى نيران قوات التحالف البحرية والجوية.
وكشف العميد عبدالرحمن قاسم رازح، في تصريح صحفي سابق، عن استعداد خمسة ألوية عسكرية مجهزة بأحدث الأجهزة وتتألف من عشر كتائب، لمعركة الحديدة.
كما أشار رئيس أركان المنطقة العسكرية الخامسة، العميد عمر جوهر، إن الجيش الوطني دفع بثلاثة ألوية عسكرية مجهزة بكامل عتادها باتجاه محافظة الحديدة، لبدء معركة تحريرها.
وتحدثت مصادر عسكرية أخرى، عن استعدادات الجيش الوطني لمعركة الحديدة بمشاركة 11لواء عسكري يشاركون حالياً في جبهات حرض والمخاء، إضافة إلى لواءين كل أفرادهما من أبناء إقليم تهامة.
استعدادات الحوثيين
ومع اقتراب قوات الجيش الوطني نحو مدينة وميناء الحديدة بنحو 10كيلومترات من أولى مديريات المحافظة الساحلية، زرعت قوات الحوثيين وصالح ألغاما على الساحل الغربي، إضافة إلى الألغام البحرية، لإعاقة هذا التقدم.
وقال زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، في خطاب متلفز، قبل أيام، أن جماعته مستعدة لعملية تبادل كاملة للأسرى، في خطوة عدها مراقبون استجداء لرفد جبهات القتال بعد رفضه سابقاً أي مبادرات لإطلاق سراح المعتقلين.
ويلجأ الحوثيون عادة إلى رجال القبائل لرفد جبهات القتال، حيث نشرت وكالة سبأ التابعة للحوثيين، السبت، أن قبائل “ثوبان” بمديرية الحداء في محافظة ذمار أعلنت النفير العام استعداداً لمعركة السواحل الغربية (الحديدة).
وقبل اندلاع معركة الحديدة، تبادل الحوثيون وأنصار صالح الاتهامات بالخيانة فيما بينهم، بعد دعوة زعيم الحوثيين أنصاره لمواجهة من أسماهم “الطابور الخامس” في إشارة منه إلى بعض أعضاء حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه صالح.
وفشل تحالف الحوثيين وصالح في تنظيم مظاهرة رافضة لتحرير الحديدة بالمدينة نفسها، الجمعة الماضية، فيما سلم وزير الخارجية بحكومة الحوثيين غير المعترف بها، هشام شرف، اليوم الثلاثاء، رسالة وصفتها وكالة سبأ التابعة للحوثيين بـ”العاجلة” إلى الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي عبر منسق الأمم المتحدة في اليمن، حذر فيها من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن ودخول البلاد في مجاعة وشيكة، في حال نفذ التحالف العربي مخططاته بالسيطرة على ميناء الحديدة.
أهمية الحديدة للطرفين
يقول الصحفي والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، “طيلة الفترة الماضية كانت هناك نية مبيته لإبقاء الحديدة مثلها مثل البنك المركزي تحت سيطرة الانقلابيين وكان ذلك أحد مصادر الدعم غير المنظور الذي يقدمه المجتمع الدولي للانقلابيين، فقد منحهم ذلك فرصة للاستفادة من الموارد الهائلة التي تأتي من ميناء الحديدة منفذ البلاد الوحيد للاستيراد قبل أن يستعيد ميناء عدن دوره، وكانوا يحتالون على المرتبات من البنك المركز ويستقطبون المزيد من الأنصار”.
ويضيف التميمي في حديثه لـ”يمن مونيتور”، “لقد تنبه التحالف أخيرا إلى خطورة ذلك فأوعز للحكومة سحب البنك إلى عدن وها هو يستكمل الترتيبات لاستعادة الحديدة بهدف خنق الانقلابيين”.
أهمية ميناء الحديدة
ويرى التميمي، “أن الأولوية بالنسبة للتحالف الآن هي تحرير الساحل الغربي بعد عمليات المغامرة التي قام بها الانقلابيون ضد البارجات الحربية السعودية والإماراتية والأمريكية، فسلامة الملاحة الدولية يشكل نقطة حساسة بالنسبة لأداء التحالف في اليمن، وسيظل العالم ساكتاً طالما ومنسوب التهديدات منخفض في هذه المنطقة المهمة من العالم.”
وتبرز أهمية ميناء الحديدة في أنه المنفذ الدولي الأكبر الذي لايزال تحت سيطرة الحوثيين وقوات صالح، حيث يستقبل الميناء حوالي 70% من إجمالي واردات البضائع والوقود في اليمن، كما يمثل مركزاً رئيسياً لدخول المساعدات الواردة من الخارج إلى البلاد.
ويشير التميمي إلى الأهمية الكبيرة لتحرير الحديدة وميناءها، من الناحية الجيوسياسية، لأنها المنفذ البحري الرئيس المتبقي لدى الانقلابيين، فإذا كان بقاء محافظة الحديدة تحت سيطرة الانقلابيين يدعم حالة التكافؤ الظاهري الحالية في الوزن السياسي والجغرافي بين سلطة الأمر الواقع في صنعاء والسلطة الشرعية المعترف بها دولياً، فإن تحريرها سيحرم الانقلابيين من هذه الميزة وسيحولهم إلى مجرد تكتل جهوي وطائفي معزول في الجبال، ومحاصر من الامدادات التي كانت تأتي عبر الساحل الغربي وميناء الحديدة، ولن يكن بوسعهم الادعاء بأنهم يمتلكون عمقاً وطنياً وبشرياً.
المنافذ البديلة للإغاثة والمساعدات
وعن المساعدات والمواد الإغاثية الواصلة عبر ميناء الحديدة، أبلغ التحالف العربي الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، العاملة في اليمن، أن ميناء الحديدة أصبح منطقة حرب، وبالتالي عليهم الانتقال إلى موانئ يمنية أخرى لإيصال المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية لليمنيين في مختلف المناطق المتضررة من الحرب.
وكانت الخارجية اليمنية قد أو ضحت في بيان سابق أن مينائي عدن والمكلا والمنافذ البرية مع المملكة العربية السعودية بكامل الجاهزية لاستقبال الواردات الإغاثية والتجارية، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل مع دول التحالف العربي لإعادة تأهيل ميناء المخا ليتمكن من استقبال المساعدات الإغاثية في أقرب وقت.