صورتان، لا يفصل بينهما سوى أقل من عامين، وفتاتان كانت كندا وجهتهما، ولكن التفاصيل مختلفة في كل شيء؛ فإحداهما سعودية، والأخرى يمنية، وتلك مبررات قوية ليتم الاحتفاء بالأولى، وتكبيل الثانية، وهي نفسها المبررات التي دعت وسائل الإعلام العالمية لتغطية قصة الفتاة السعودية بطريقة مضخمة، بينما الفتاة اليمنية لم تجد من يعيرها الانتباه والاهتمام بالرغم من عدالة قضيتها!
في الصورة الأولى، وقبل يوم واحد، استقبلت وزيرة الخارجية الكندية بالأحضان والضحكات الفتاة الهاربة من ذويها “رهف”، وهي من المرات النادرة التي يحظى فيها أحد اللاجئين باستقبال رسمي حافل، لا يقدَّم سوى للفاتحين أو أصحاب الإنجازات الكبيرة، ولكن ربما لأنها فقط تحمل الجنسية السعودية؛ فوجب تضخيم قصتها التي تعتبر شأنًا عائليًّا، وتسليط الضوء عليها بكثافة.
بينما في الصورة الأخرى، وقبل عامين تقريبًا، فتاة يمنية وشقيقتها قررتا اللجوء لكندا فرارًا من الولايات المتحدة إثر قرار ترامب فرض حظر على دخول رعايا 7 دول، من بينهم اليمن، فما كان من الشرطة الكندية إلا اعتقالهما، وتكبيلهما بالأصفاد كالمجرمين، بالرغم من عدالة قضيتهما، وما تواجهه بلدهما من عوز وفقر تحت راية الانقلاب الحوثي؛ وهو ما يستدعي التعاطف معهما، وليس اعتقالهما، لكن لم ترحم السلطات الكندية دموع أعينهما التي انهمرت أنهارًا تحت وطء الذل والانكسار، واكتفت وسائل الإعلام بإيراد خبر قصير عن اعتقالهما دون إلقاء الضوء على قصتهما بكثافة كما حدث مع “رهف”.
إن الفارق بين الصورتين يوضح صراحة تناقض الأفعال والأقوال فيما يسمى العالم الحُر، الذي تدعي كندا ريادته، ويكشف الصورة الحقيقية للمتشدقين بحقوق الإنسان دون تجميل، وتظهر أكاذيبهم عيانًا بيانًا، كما أنه ربما إن لم يكن لديك حساب على “تويتر” فستذهب كما ذهبت الفتاتان اليمنيتان طي النسيان.