هل تخيلت العالم كيف سيبدو عام 2050

محرر 26 نوفمبر 2018
هل تخيلت العالم كيف سيبدو عام 2050

يعيش الآن نصف سكان العالم في مدن، وبحلول عام 2030 ستكون نسبة من يعيشون في مدن حوالي 60%، والمتوقع أن يتواصل التوسع الحضاري في العقود المقبلة في العالم النامي، وقد أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أنه بحلول عام 2050 سيكون حوالي 70% من سكان العالم يعيشون في المناطق الحضرية، والمتوقع أن يكون في دول مجلس التعاون الخليجي أحد أعلى معدلات التجمع السكاني في المناطق الحضرية في العالم إذ ستتراوح النسبة بين 80% و 100%.

والأمر كذلك فإن التحديات التي تبرز في المدن بالفعل حاليًا من ازدحام وفقر وتلوث ونقص في البنية التحتية والغذاء، يُتوقع لها أن تزداد حدة، وهذا ما يشغل العلماء والباحثين الآن، إذ تحاول أبحاثهم التوصل إلى طريقة تحويل المناطق الحضرية مستقبلًا إلى مدن ذكية، وقد حاولت العديد من الدراسات استكشاف ما يمكن أن تكون عليه المدن بحلول عام 2050 وخلال هذا التقرير نتناول ما تصوَّرَهُ العلماء:

بشكلٍ عام فإن التطورات التكنولوجية التي نعيشها حاليًا هي مجرد نموذج صغير لما ستكون عليه المدن في مستقبل ليس ببعيدٍ جدًّا. خلال 30 عامًا سيكون لدينا الإمكانية للعيش في منازل ومدن ذكية. طبقًا للخبراء، وخلال السنوات المتبقية لا يزال أمامنا الكثير لنحققه مع إنترنت الأشياء وتكنولوجيا اللاسلكي.

في حوار ممتد لموقع expansion  مع إجناسي بيلاخوسانا مؤسس Worldsensing أكد أن علينا النظر للمستقبل القريب لنعرف كيف سيكون عام 2050. طبقًا له ففي أقل من خمس سنوات سيكون لدينا سيارات دون قائد وطيارات دون طيار. إلى جانب أنَّ حضور الذكاء الاصطناعي سيكون كل مدى أكبر وأكثر تأثيرًا، وسيسمح بتنمية الذكاء الجماعي، المقصود به حل الصراعات بطريقةٍ جماعية، وفقًا لبيلاخوسانا فخلال الثلاثين عامًا القادمة ستستمر العولمة، مع الأخطار التي تتضمنها.

من جانبه أكد ميركو سكالتي مدير باناسونيك في إسبانيا والبرتغال أن مفاهيم كالطاقة وشبكات المعلومات ونمط حياة الأشخاص لخلق البنى الأساسية لمجتمع إيكولوجي مستدام، ستتقارب في مدن المستقبل.

ويؤكد ميجيل أنخل توررادو مدير شركة HP  أننا سنعيش ارتفاعًا في عدد السكان وتقدمًا في أعمارهم، بحيث سنصبح 8 بلايين شخصًا على الكوكب قريبا، وسنعيش «توسعًا حضريًا ضخمًا» سيغير الأشكال التي نعيش فيها حاليًا. وعلينا أن نكون واعين بهذه التغييرات التي نعبر إليها حاليًا يومًا بعد يوم لنعرف كيف سنصير خلال 30 عامًا.

تجري حاليًا أبحاث لتحويل الطاقة الحركية البشرية إلى طاقة كهربائية بحيث يمكن أن تضيء مصابيح الطرق، وقد تم اختبار هذه الفكرة في فرنسا. من خلال ما يسمى بـ «بلاط الطاقة» الذي يمكنه توليد الطاقة عن طريق سير البشر عليه.

تطورات حضرية بارزة
التغيُّرات التي تدفعها المدن ضريبةً للنمو ونتيجةً لاستهلاك الموارد، تضخّم التهديدات العالمية كتغير المناخ ونقص الأمن الغذائي، وفي تقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي تناول أفضل الحلول المبتكرة للمشكلات، بعض هذه الحلول قابل للتنفيذ في بيئات حضرية مختلفة، وكان بين هذه التطورات:

  • إعادة برمجة الفضاء: الازدياد الكبير في عدد السكان سيكون من الصعب معادلته بالبنى التحتية اللازمة، لذلك كان هذا الحل غير التقليدي باستغلال البنى التحتية الموجودة فعلا، بحيث يتم استغلال الطرق وتقسيمها لمسارات يمكنها حمل أكبر عدد ممكن، ويمكن برمجة المباني رقميًا لتتحول طبقًا لاستخدامها لملاعب أو مسارح أو نوادٍ.
  • أنابيب الإنترنت: تعمل هذه الأنابيب على توفير مصادر المياه حيث تحتوي على أجهزة استشعار تراقب دورة استخدام البشر للمياه وتحد من فقدانها دون فائدة. وسيكون هناك أجهزة استشعار أيضًا في أنابيب الصرف الصحي أيضا يمكنها الكشف عن قرب انتشار الأوبئة أو الأمراض المعدية، وتنقذ بالتالي أرواح البشر، وتوفر التكاليف الطبية.
  • تبنّي شجرة: أشارت دراسات إلى أن زيادة درجات الحرارة التي يشهدها العالم يمكن الحد منها بزراعة مساحات خضراء في المدن بنسبة 10%، والمقصود بهذا المشروع هو زراعة غابات حضرية وتسجيل كل شجرة على قاعدة بيانات مركزية بحيث يمكن للمواطنين متابعة حالة كل الشجرة وتبادل النصائح لعلاج ما قد يصيبها من عيوب أو أمراض.
  • وسيلة التنقُّل القادمة: ستتضمن المدن الجديدة طرقًا مخصصة للدراجات وستكون هذه هي وسيلة الانتقال الأسرع في ساعات الذروة لينخفض الزحام والتلوث، وستزود الدراجات بالتكنولوجيا التي تسهل قيادتها في أمان عبر طرق تناسب سرعتها وإشارات المرور.
  • التدفئة والتبريد المشترك: غاز ثاني أكسيد الكربون، والحرارة المهدرة التي تنبعث من توليد الكهرباء سيعاد استخدامها في تدفئة المباني أو تبريدها.
  • مدينة المشاركة: سيكون هناك استخدام مكثف للطاقة والموارد، وستتغير الثقافة الاستهلاكية ويسيطر الاقتصاد الدائري، وسيتبادل سكان المدينة المنتجات لضمان عدم إهدارها، وسيتوسع مبدأ المشاركة.
  • التنقل عند الطلب: للحد من التلوث الناتج عن الازدحام المروري، ولتجنب حوادث المرور القاتلة، سيكون التنقل في المستقبل أكثر ذكاء، حيث ستستخدم المعلومات والاتصالات لإدارة حركة المرور بشكل أكثر كفاءة، وسيتم التوصل لتطبيقات تمكن الأفراد من تقاسم المركبات (التي ستكون ذاتية القيادة).
  • الزراعة الحضرية: مشكلة الغذاء التي يواجهها العالم والتي يتسبب فيها – إلى جانب أسباب أخرى – فساد الأغذية في أوروبا قبل توزيعها، سيتم مواجهتها بأنظمة زراعة متقدمة ربما أبسطها استغلال أسطح المنازل لزراعة الخضراوات بحيث يكون الغذاء على عتبات المستهلك.

 

مدن عربية ذكية

بدأت دول خليجية تشهد بالفعل تحولًا في مدنها ففي السعودية تم وضع مدن مثل جدة ومكة المكرمة والرياض في الخطة لإحداث هذا التحول، وفي قطر تم وضع رؤية لتتحول بحلول عام 2030 إلى نموذج للمدن الذكية، بدأ حاليًا بمدينةلوسيل، كما بدأت مدينة دبي بالفعل في نشر الخدمات الذكية بين سكانها، إلى جانب مدينة مصدر التي تم إنشاؤها في الإمارات أيضًا.

«قصة موجزة عن المستقبل»
مستقبل المدن عام 2050 كان موضوع كتاب للمفكر الفرنسي جاك أتالي الذي عمل مستشارًا للرئيس الفرنسي الراحل، فرنسوا ميتران، بعنوان  «قصة موجزة عن المستقبل» تُرجم إلى العربية، وتناول فيه الكاتب بكثير من التحليل العميق للماضي، المستقبل المتوقع للمدن، والعلاقات بين الأمم، وأشار إلى التغييرات التي ستحدث لمدن بعينها، الديموغرافية، والمناخية، وإن سلّم المؤلف بصعوبة توقع قصة المستقبل حيث أن العديد من المعايير تسيطر على الأمر، والمصادفات قد تحوّل التأثير المتوقع لحدث ما.

يعود الكاتب للماضي ليقف عند النظام التجاري الذي يعتبره كلمة السر في صعود وانهيار الإمبراطوريات والممالك، ويشرح كيف أن لهذا النظام مدينة ما تعتبر قلبًا أو مركزًا يتراكم فيها رأس المال، وتسيطر على الطاقة ويرى الكاتب أن هذه النماذج التجارية التي عرفها العالم على مر التاريخ هي: البندقية وجنوة ولندن ونيويورك، والآن لوس أنجلوس التي يتابع العالم فيها التطور التقني، والتراكم المالي غير المسبوق.

ويشير الكاتب إلى أن هذا النموذج في طريقه للنهاية نظرًا للمشكلات التي يواجهها بسبب الديون، وازدياد الفجوات بين الأغنياء والفقراء، وانتشار العنف.

أما ما يتنبأ به الكاتب فهو أن تنهار الإمبراطورية الأمريكية، وتصبح مدن أخرى هي المركز – بعد موجات تغيير مختلفة – بحيث سيصبح العالم متعدِّدَ المراكز وتظهر قوة مهمة أو اثنتان في كل قارَّة، وتوقّع الكاتب أن تكون الأمم التسع الكبار هي: الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك والصين والهند ومصر وروسيا والاتحاد الأوروبي، وقد تنضم نيجيريا إلى هذه القائمة.

وتوقّع الكاتب أن تبلغ موجات التغيير ذروتها عام 2050 باختراع أجهزة جوالة يتم دمجها في جسم الإنسان لتكون وسيلة للتحكم والمراقبة، إلى جانب وضع أجهزة تصوير مصغرة في كل الأماكن العامة والخاصة، تراقب المسافرين والعاملين والمستهلكين، بحيث تختفي الأسرار.

وكما أشار الكاتب إلى أن ندرة المياه والبترول ستقودان لحربٍ متطرفة في الشرق الأوسط، ستقود بطبيعتها لـ«الصراع الفائق»، قبل أن تنتصر أخيرًا رغبة الإنسان في الحياة فتقوم حضارات جديدة على أنقاض الحضارات التي أنهكتها الحروب والصراعات.

*ساسة بوست

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept