قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة سام للحقوق والحريات في بيان مشترك صدر عنهما اليوم إن تعاقد دولة الإمارات مع مرتزقة أمريكيين وفرنسيين للقيام ب”اغتيالات مستهدفة” لسياسيين ورجال دين في اليمن هو “عمل مشين وتسييس معيب للنزاع يستدعي المساءلة” وأدانت المنظمتان ما وصفته ب”استخدام أساليب غير قانونية لتحقيق أهداف تمثل جرائم وفق القانون الدولي”.
وشددت المنظمتان على أن قيام الإمارات باستئجار شركة أمريكية خاصة توظف جنوداً أمريكيين وفرنسيين سابقين للعمل في اليمن على أهداف محددة مثلت في معظمها اغتيال أشخاص مدنيين دون أي مسبب واضح وقيامها بشكل فعلي بقتل العديد من هؤلاء مقابل امتيازات مالية كبيرة “يمثل جريمة مركّبة وهي جريمة استخدام المرتزقة في سياق نزاع مسلح وجريمة القتل المتعمد لأشخاص يُفترض أنهم محميون بموجب القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان”.
وفي هذا السياق أشارت المنظمتان إلى التحقيق الصحفي الذي نقله موقع BuzzFeed News الأمريكي وذكر فيه نقلاً عن جنود رئيسيين ممن عملوا ضمن هذه الشركة في اليمن بموافقة الإمارات إنهم قاموا بالعديد من الاغتيالات البارزة في اليمن خلال السنوات 2015 و2016 وضمن ذلك تنفيذهم لمحاولة اغتيال في عدن ليلة 29 ديسمبر 2015 استهدفت “أنصاف علي مايو” عضو مجلس النواب اليمني والقيادي في حزب الإصلاح المعروف بأنه يمثل الإخوان المسلمين في اليمن وذلك بزرع قنبلة على باب مقر الحزب بقصد تفجيرها بينما كان يُعتقد أن “مايو” وعدداً من القيادات السياسية فضلا عن صحفيين يتواجدون بداخل المقر.
وبحسب المنظمتين فإن 30 عملية اغتيال لأشخاص سياسيين وقيادات في حزب الإصلاح تم توثيقها منذ ذلك الحين وحتى نهاية العام 2017.
ويبدو أن هذه العملية التي تم توثيقها بالفيديو عبر طائرة بدون طيار وقام الموقع الأمريكي بنشره نقلاً عن الجنود المرتزقة كانت باكورة عمليات اغتيال نفذتها الإمارات في الأشهر التي تلت ذلك.
ومنذ تحريرها من عناصر مليشيا الحوثي قبل ثلاث سنوات وخضوعها لسيطرة الإمارات يُعاني سكان مدينة عدن من الخوف من شبح الاغتيال الذي اختلطت أوراقه في ظل صمت الأجهزة المسؤولة عن الأمن.
وبحسب ما ذكره ابراهام جولان Abraham Golan وهو مؤسس الشركة التي تعاقدت مع الإمارات وقائد الوحدة التي قامت بتنفيذ الهجوم الذي استهدف “مايو” فإن الاتفاق تم بين شركته والإمارات في أبو ظبي عبر وساطة من محمد دحلان مسؤول الأمن السابق في السلطة الفلسطينية والذي يقيم حاليا في الإمارات وتقول التقارير بأنه يعمل مستشاراً لولي عهدها “محمد بن زايد ال نهيان” وبحضور “إسحاق جيلمور” المدير التنفيذي في الشركة وزميل جولان في تنفيذ المهمة.
ورأى كل من سام والأورومتوسطي أن شهادتي كل من جولان وجلمور تظهر بوضوح أن عمل الشركة في اليمن سيكون بمثابة الارتزاق وأن المهمة التي أوكلت للشركة تمثل فعلا غير قانوني وجريمة وفق القوانين الدولية والقوانين المحلية اليمنية.
حيث تفيد شهادتاهما بأن الاتفاق بين الطرفين جرى على أساس تلقي الشركة مبلغاً مقداره 1.5 مليون دولار شهرياً لقاء القيام بالمهمة الموكلة إليها والتي حُددت بأنها “تعطيل وتدمير حزب الإصلاح” وبشكل خاص فُهم أن الأمر سيتم عبر “استهداف قيادات الحزب وليس القبض عليهم أو احتجازهم”.
وإثر ذلك قامت المجموعة بالتوجه إلى اليمن مع أواخر العام 2015 وعددهم 12 جندياً ثلاثة من الأمريكان وكانوا يتلقون 25 ألف دولار شهرياً مقابل القيام بالمهمة فيما إن معظم البقية من الجنود من فرنسا وكانوا يتلقون 10 آلاف دولار شهريا. فيما رصدت مكافآت إضافية مقابل “كل عملية قتل مستهدف ناجحة”.
وقالت المنظمتان إن التعريف الذي أوردته المادة الأولى من الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم والمادة (47) من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف (1977) للشخص الذي يعد مرتزقاً تنطبق بشكل كبير على هؤلاء الأشخاص حيث اشترطت الاتفاقيتان في وصغ الشخص المرتزق بأنه من يجري تجنيده للقتال في نزاع مسلح -كالدائر في اليمن- ولا يكون من رعايا أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع ويكون دافعه الأساسي للاشتراك في المهمة هو الرغبة بتحقيق مغنم شخصي يتمثل غالباً في مكافأة مادية “تزيد كَثيراً على ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة”.
وشددت المنظمتان على أن قيام الإمارات بإعطاء الأشخاص في الشركة رتباً ضمن قواتها المسلحة لم يكن غير محاولة للالتفاف على نص المادتين سابقتي الذكر واللتان تشترطان في الشخص المرتزق بأن لا يكون ضمن القوات المسلحة لدولة طرف في النزاع أو أوفدته دولة” ليست طرفا في النزاع في مهمة رسمية بصفته من أفراد قواتها المسلحة”.
وقالت المنظمتان إن من واجب الدول أن تعمل على محاسبة الأشخاص الذين تورطوا في ارتكاب الجرائم المذكورة لا سيما أن المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة حظرت على الدول تجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم أو تدريبهم وأوجبت عليها حظر هذه الأنشطة ونصت على واجب الدول الأطراف فيها بمعاقبة الأشخاص على ارتكاب هذه الجريمة أو تمويلها “بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار الطابع الخطير لهذه الجرائم”.
إلى ذلك لفتت المنظمتان إلى أنه وفضلاً عن جريمة تجنيد المرتزقة وتمويلهم فإن جريمة استهداف أشخاص مدنيين وسياسيين وقتلهم خارج نطاق القانون “هو فعل أشد خطورة ويمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني”.