لم يكن يتوقع نازحين يمنيين هربا من جحيم الحرب التي تعصف بمدينة الحديدة (غربي البلاد)، أن يلقيا حتفهما في مدينة عدن (جنوبا)، حيث قتلا في هجوم مسلح نفذه مجهولون بمنطقة الشيخ عثمان بالمدينة الجنوبية.
وكان هجوم مسلح نفذه مجهولون أمس الاثنين، بقنبلة يدوية على تجمع لعمال نازحون من محافظة الحديدة ومحافظات شمالية أخرى الى عدن، أعقبه إطلاق نار عشوائي، وهم نائمين، في منطقة الشيخ عثمان بالمدينة ذاتها، أدى الى مقتل اثنين وجرح خمسة أخرين. وفقا لمصادر تحدثت لـ”عربي21″.
وتجتاح أجواء الفوضى مدينة عدن، حيث عادت الاغتيالات مجددا للواجهة، في ظل محاولات الحكومة اليمنية الشرعية، تطبيع الحياة وضبط إيقاع الملف الأمني الذي تمسك به قوى وميليشيات مناوئة لها، تتلقى توجيهاتها من دولة الإمارات المشاركة ضمن التحالف الذي تقوده السعودية.
وبدأ نازحوا الحديدة، رحلتهم الى مدينة عدن، باحتجازهم من قبل قوات ما تسمى “الحزام الأمني” المدعومة من دولة الإمارات، مطلع تموز/ يوليو الجاري، على مداخل المدينة، ومنعهم من دخولها، في إجراء أثار موجة غضب واسعة، قبل أن تتراجع تلك القوات عن ذلك.
ويواجه الفارون من الحرب التي تشهدها محافظات شمالية، أوضاعا انسانية صعبة، نتيجة الاجراءات المتبعة ضدهم، التي تترافق مع التحريض عليهم من قبل قيادات ونشطاء في يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” (كيان ينادي بالانفصال، تشكل بدعم من أبوظبي في آيار/ مايو 2017)، وصل حد نعتهم بـ”الجواسيس”.
ثمن للتحريض
وفي هذا السياق، قال الصحفي والناشط السياسي الجنوبي، فؤاد مسعد أن الاعتداء على النازحين في عدن، وقبل ذلك منعهم من دخول المدينة، يعد دليلا واضحا على أنهم “يدفعون ثمن التحريض عليهم” في ظل الأداء الحكومي وخصوصا في الجانب الأمني.
وأضاف أن الهدف من ذلك، مزيد من إرباك المشهد الأمني والسياسي في المناطق المحررة وفي مقدمتها العاصمة المؤقتة عدن وبالتزامن مع وجود رئيس الجمهورية والحكومة في عدن.
ويتابع مسعد قوله: “الهدف إظهار الحكومة بشكل ضعيف، وهو أمر لا يخدم إلا المليشيات الانقلابية في صنعاء”.
جريمة حرب
من جانبه، أكد الصحفي والناشط الحقوقي اليمني، محمد الأحمدي أن الهجوم الذي استهدف تجمعا لعمال نزحوا من مدينة الحديدة في عدن، يعد واحدة من ثمار التحريض المناطقي الذي تمارسه ميليشيات مدعومة من أبوظبي.
واعتبر أن هذا الهجوم يعد “جريمة حرب” في القانون الدولي الإنساني. وفق تعبيره.
6 آلاف نازح
من جهته، أفاد عادل المكرشب، منسق اللجنة الاغاثية في محافظة الحديدة بأن أكثر من 6 آلاف نازح من أبناء هذه المدينة الساحلية، يتوزعون على ثلاث محافظات جنوبية في “عدن ولحج وأبين”.
وأضاف أن اللجنة تقدم مساعدات اغاثية للنازحين في مراكز الايواء الحالية في دار سعد والمصعبين، في مسعى لتلبية احتياجاتهم.
وتم تشكيل لجنة لاستقبال وحصر النازحين الجدد القادمين من الحديدة؛ وفقا للمنسق الاغاثي
وأجبرت المعارك الدامية سكان المناطق القريبة من ساحل الحديدة المطل على البحر الأحمر، على مغادرتها باتجاه محافظات عدة بينهم العاصمة صنعاء ( الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، وإب (وسط البلاد)، وسط أوضاع معيشية معقدة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة بنزوح نحو 35 ألف أسرة من الحديدة التي تشهد مواجهات بين قوات يمنية تشرف عليها الإمارات، ومسلحي الحوثي منذ حزيران/يونيو الماضي.