وجد الشعب اليمني في الشاشات المجانية العملاقة الخاصة بعرض مونديال روسيا 2018، السلوى والملاذ للهروب، وإن لسويعات، من معاناة الحرب.
ووفرت هذه الشاشات فرصة مشاهدة مباريات المونديال “والتسلل” من شباك الحرب، في الوقت والتاريخ الضائع، في بلد عرف بعشقه الكبير لكرة القدم على نحو ملحوظ.
ويتعطش اليمنيون للمتعة الكروية، لا سيما في ظل التوقف التام لدوران الكرة في كافة المسابقات المحلية، جراء الظروف السياسية التي لم تستقر.
وكانت الحكومة اليمنية الشرعية قد وجّهت بنصب شاشات عملاقة في الساحات العامة والأندية الرياضية، بدعم منها، في العاصمة المؤقتة عدن وباقي المحافظات، لإتاحة الفرصة لمتابعة مباريات المونديال.
وهو ما تم فعلاً، حيث نجحت الحكومة، في نصب شاشات عملاقة في كافة مدن وأرياف البلاد بالمناطق الخاضعة لسيطرتها (85%من مساحة اليمن).
فيما تكفل رجال الأعمال بالقيام بذات الخطوة في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيون) وفي مقدمتها العاصمة صنعاء.
وتعرض هذه الشاشات جميع المباريات بشكل مجاني ومتاح للجميع، ومنحت آلاف اليمنيين فرصة الاستمتاع بالمونديال بعد أن تعذر على أغلبهم مشاهدتها من المنازل.
ويتكلف الاشتراك في متابعة المونديال من المنازل نحو 250 دولارً، وهو ما يجعل من الصعب على القطاع الأكبر في البلاد من سداده، جراء الظروف الاقتصادية وتوقف الرواتب منذ نحو عامين.
كما يعقد الأمر كذلك انقطاع الكهرباء لساعات طويل، وبشكل متواصل في مدن سيطرة الانقلابيين، وتوقف معظم القطاعات العاملة في البلاد جراء الحرب.
ووجد اليمنيون في هذه الشاشات المجانية، التي تزينت بها واجهات الأندية والساحات العامة، الملاذ الوحيد لمتابعة منتخباتهم ونجومهم العالميين المفضلين.
إحدى هذه الشاشات تتزين بها واجهة ملعب نادي الوحدة بصنعاء حيث تملأ الجماهير مدرجاته ومن بينهم لاعبين ومدربين وحكام واداريين جاءوا لمشاهدة المونديال.
يقول المعلق الرياضي اليمني، أحمد علاو، إنه يحرص على التواجد في نادي الوحدة بصنعاء يوميا لمتابعة مباريات المونديال من خلال الشاشة العملاقة المعلقة في واجهة الملعب.
ويشير إلى أنه تعذر عليه تجديد جهاز التشغيل الخاص بالقناة الناقلة للمونديال الروسي نظرًا لتوقف الأعمال وانقطاع الرواتب.
وأضاف علاو، خلال حديثه للأناضول،: “المشاهدة مع جموع الناس في الهواء الطلق، منحتني متعة وفعالية شيقة شبيهة بالمشاهدة من مدرجات ملاعب المونديال”.
وقال وليد عبدالله، وكيل معتمد لبيع أجهزة بث مباريات المونديال، إن “الاقبال على شراء الأجهزة تراجع كثيراً مقارنة بالمونديالات السابقة”.
وأوضح، للأناضول، أن الارتفاع الكبير لأسعار الدولار أمام الريال اليمني، اضطرتهم لرفع قيمة الجهاز الذي يصل لنحو 100,000 ريال يمني، ما يعادل 250 دولاراً أمريكياً.
عباد الجرادي، المسؤول الإعلامي بنادي الوحدة، يقول إنهم حرصوا في ناديهم على توفير هذه الشاشات، بتمويل من إدارة النادي.
ويضيف أن الهدف من الخطوة إتاحة الفرصة للآلاف من الجماهير الرياضية للاستمتاع بمباريات المونديال بعد أن تعذر على معظمهم شراء أو تجديد أجهزة البث.
وتابع، في حديث للأناضول، أنهم فوجئوا بالحضور الجماهيري الكبير الذي يؤكد مدى عشق اليمنيين لكرة القدم رغم الظروف الصعبة التي تحيط بهم وهموم الحرب.
كما يعبر مشتاق علي عن سعادته بوجود هذه الشاشات العملاقة التي أتاحت له ولأقرانه، مشاهدة مباريات المونديال بدون عناء أو كلفة مالية لا يقدر عليها كونه ما يزال طالبًا جامعيًا.
ومنذ 26 مارس/آذار 2015، تقود السعودية تحالفاً عسكرياً يدعم القوات الحكومية اليمنية في مواجهة مسلحي “الحوثي”، الذين يسيطرون على عدة محافظات بينها صنعاء منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وخلفت الحرب أوضاعا معيشية وصحية متردية للغاية، وبات معظم السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية.