الحديدة: سواتر ترابية، شوارع شبه خالية، وحفر قخنادق.. المليشيات تتحصن بالمدنيين

محرر 219 يونيو 2018
الحديدة: سواتر ترابية، شوارع شبه خالية، وحفر قخنادق.. المليشيات تتحصن بالمدنيين

لم يعد هناك مفرٌّ أمام أحمد، وهو شاب يقيم في منطقة مجاورة لمطار المدينة، حيث تدور معارك منذ نحو أسبوع، من النزوح نحو منطقة أكثر أمناً، أو باتجاه مدينة أخرى.

أصرّ أحمد منذ بداية هجوم قوات الحكومة لاستعادة المدينة من أيدي المتمردين، على البقاء بمنزله أملاً في تسوية سياسية تجنّب المدينة الحرب، إلا أن آماله تضاءلت الثلاثاء مع اشتداد حدة المعارك.

وقال عبر الهاتف لوكالة فرانس برس “أصوات الاشتباكات العنيفة لا تتوقف” منذ الصباح، مضيفاً “هناك عائلات تحاول الخروج ولم تتمكن من ذلك”.

ووصف أحمد كيف أنه قضى الأسبوع الماضي متحصناً في غرفة الجلوس قرب نافذة يتابع منها أصوات المعارك القريبة. وكلما سقطت قذيفة في مكان قريب، طارت ذعراً العصافير التي تعيش على سطح المبنى الذي يسكنه، قبل العودة إلى مكانها.

وبدأت القوات الموالية للحكومة الشرعبة الأربعاء بمساندة التحالف العربي بقيادة السعودية، هجوماً واسعاً تحت مسمى “النصر الذهبي” بهدف اقتحام مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

ووصلت القوات الحكومية سريعاً إلى مطار المدينة الواقع عند مدخلها الجنوبي، لكنها واجهت عوائق كثيرة بسبب الالغام التي زرعتها مليشيات الحوثي.

وصباح الثلاثاء 19 يونيو/حزيران 2018، اندلعت معارك عنيفة في محيط المطار غرب اليمن بعدما بدأت قوات الحكومة عملية جديدة تهدف إلى اقتحامه، مدعومة بغارات مكثّفة تشنها طائرات التحالف العربي على مواقع للحوثيين فيه، بحسب مصادر عسكرية.

وقال أحمد إن هذه الاشتباكات هي “الأعنف” منذ الأربعاء الماضي.

وتضم مدينة الحديدة ميناءً رئيسياً تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة انسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه أضافة الى أن مليشيات الحوثي تتخذ من هذا الميناء منفذا لتهريب الاسلحة والذخائر كما انها تجني منه ايرادات ضخمة لتمويل حربها على الشعب اليمني، كما أن الجيش الوطني المسنود من التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويضم الإمارات، يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.

ويدعو التحالف إلى تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة أو للحكومة المعترف بها دولياً لوقف الهجوم.

وعلى غرار أحمد، راهن العديد من سكان المدينة المطلة على البحر والبالغ عددهم نحو 600 ألف نسمة، على التوصل إلى تسوية سياسية خلال زيارة لمبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث إلى صنعاء الخاضعة أيضاً لسيطرة المتمردين.

لكن الآمال تضاءلت مع إعلان المليشيا خلال لقائهم غريفيث نيتهم التصعيد، وتأكيد التحالف على أنه لن يقبل إلا بانسحاب غير مشروط للمليشيا من المدينة الساحلية، ما أثار خشية السكان من دخول الحرب إلى شوارع المدينة.

ووفق الصحفي اليمني بسيم الجناني فإن طيران التحالف يستهدف بين الفينة والأخرى أطقم على متنها مسلحين حوثيين، لكنه أكد أيضاً أن مدنيين يسقطون أيضاً.

وبحسب أحد سكان مدينة الحديدة، فإن المتمردين عمدوا منذ الإثنين إلى “قطع شوارع رئيسية في المدينة بالسواتر الترابية وحاويات النفايات الفارغة”.

وأضاف مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه خشية تعرضه للاعتقال “حفروا (الحوثيون) خنادق في الشوارع بعمق نحو مترين”.

وتابع “الحركة في المدينة اليوم تبدو شبه مشلولة”.

وذكر شخص آخر من سكان المدينة إن “الوضع متوتر جداً”، مشيراً إلى أن المتمردين “يمنعون أي شخص من استخدام هاتفه للتصوير في الشارع، ويسألون المارة عن أماكن توجههم”.

وقال رب أسرة أنه شاهد دبابتين متمركزتين عند أحد المداخل الشرقية للمدينة.

بينما تنذر استعدادات مليشيات الحوثي وإصرار طرفي الصراع على التصعيد، بحرب شوارع تقترب من أبواب المدينة، تتزايد حركة النزوح نحو مناطق أخرى مجاورة وبينها العاصمة صنعاء على بعد 230 كلم.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت الإثنين أن نحو 5200 عائلة نزحت عن منازلها في محافظة الحديدة التي تعتبر مدينة الحديدة عاصمتها، بسبب المعارك الدائرة على طول الساحل الغربي في اليمن.

وتوقعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نزوح آلاف من سكان مدينة الحديدة خلال الأيام المقبلة.

ويقول محمد، الطالب الذي يسكن في وسط المدينة، أن المنطقة حيث يقيم “تشهد حركة نزوح متواصلة” باستخدام حافلات وسيارات.

ويدور النزاع بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً ومليشيات الحوثي في اليمن منذ نحو أربع سنوات. وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014 وبعدها على الحديدة.

وقالت عبير محمد المقيمة في مدينة الحديدة “هذه أسوأ أيام نمر بها منذ بداية الحرب. الطيران فوقنا لا يتوقف ليل نهار، وأصوات الصواريخ نسمعها في كل أنحاء المدينة”.

وأضافت “الحياة داخل المدينة آمنة إلى حد ما لكننا لا نعرف إن كان سيستمر هذا الوضع لوقت طويل أو يتغير في لحظة. إنه أمر مخيف بالنسبة للسكان لأننا لا نعرف ماذا ينتظرنا”.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق